أخبارثقافة

الأرشيف الوطني يوقع كتاب (جندي في شبه الجزيرة العربية) في الشارقة للكتاب

فصل مهم في تاريخ الإمارات العربية المتحدة قبل الاتحاد

من سلام محمد

شهدت منصة الأرشيف الوطني في معرض الشارقة الدولي للكتاب توقيع كتاب (جندي في شبه الجزيرة العربية) الذي يعد يوثق فصلاً مهماً في تاريخ الإمارات العربية المتحدة قبل الاتحاد.

والكتاب سيرة ذاتية لمؤلفه، يحكي فيه مراحل حياته العملية، ويورد فيه أدق التفصيلات عن ذكرياته في أثناء عمله في قوة ساحل عمان، وعن الأحداث التي جرت في المنطقة، ومشاهداته وانطباعاته الشخصية عن الناس والمكان، وعمله في قوة رأس الخيمة المتحركة التي أشرف عليها وقادها، وعلاقته بحاكم رأس الخيمة الشيخ صقر بن محمد القاسمي – رحمه الله- ثم مغادرته الإمارات المتصالحة، وعودته ثانية إلى الشارقة ليشرف على إنشاء الحرس الوطني للإمارة، وأخيراً تركه الحياة العسكرية للعمل التجاري في جنوب إفريقية.

ويعدّ الكتاب فصلاً مهماً في تاريخ الإمارات العربية المتحدة قبل الاتحاد، سجله رجل قضى زهرة شبابه في أرجائها، ومع حكامها، وبين أهلها، بأسلوب يجمع بين الجانب العاطفي والموضوعي، يسرد حقائق الأمور والأحداث عن كثب؛ فقد كان شاهد عيان عليها في تلك الفترة.

قدم للكتاب صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي حاكم رأس الخيمة بقوله: (تاريخنا هو الذي يشكلنا بدرجة كبيرة، وتتأثر خبراتنا ونظرتنا إلى الحياة كثيرً بما اتخذه أسلافنا من قرارات، وما أنجزوه من أعمال؛ لذا يتعين علينا أن نعي تاريخنا جيداً وبدقة إذا كان لنا أن نبني بحكمة على أعمال أسلافنا ومنجزاتهم بدلاً من أن نظل أسرى لها.

وأضاف سموه تعريفياً بالمؤلف: ديفيد نيلد الذي خدم ضابطاً في (قوة ساحل عُمان) في دورتين منفصلتين، وأسهم في إنشاء قوة رأس الخيمة المتحركة، ثم في إنشاء الحرس الوطني للشارقة، وقد أكسبه التزامه وولاؤه وخبرته العسكرية المهنية ثقة الكثيرين واحترامهم، ومنهم والدي الشيخ صقر بن محمد القاسمي – رحمه الله – وفي كتابه هذا يمزج المؤلف بين روايات شاهد العيان والبحث المدقق، وهذا ما وضع خبراته في سياقها التاريخي).

وفي تمهيده للكتاب يقول المؤلف ديفيد نيلد : في عام 2012 طلب مني صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي حاكم رأس الخيمة أن أكتب أيامي “العسكرية” المبكرة بالمنطقة، مؤكداً أن ذلك يجب أن يكون رواية شخصية، ويجب أن تتضمن أيضاً التفاصيل الخلفية للأحداث الهامة التي وقعت بالمنطقة قبل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. ويضيف المؤلف: وما إن تلقيت ذلك الطلب من سموه حتى أيقنت أن الوقت قد حان أخيراً لأعيش الماضي من جديد.

وينطلق المؤلف من التمهيد إلى مقدمة طويلة يستعرض فيها علاقته بمنطقة الإمارات بشكل عام وبإمارة رأس الخيمة بشكل خاص، وبعد أن يستحضر بعض تاريخ رأس الخيمة وما شهدته من أحداث وصولاً إلى معاهدة عام 1820 التي جاءت بالسلام والاستقرار البحري في الخليج، وينهي المقدمة بمعلومات عن تشكيل الكشافة عام 1956 ووضعها كقوة من المقاتلين المحترمين المتطوعين تقوم بالحفاظ على الأمن الداخلي في الإمارات السبع.

 

تبدأ فصول الكتاب بالفصل الأول وعنوانه ” عندما أنقذني الجنرال” وفيه يسرد المؤلف ذكريات التحاقه بالسلك العسكري، وشغفه للانضمام إلى فريق الكشافة أثناء دراسته، ثم يتطرق إلى تاريخه العسكري في سنغافورة، والملايو، وفي تشيستر بالمملكة المتحدة، وانتقاله إلى وظيفة ضابط نقليات في (قوة ساحل عُمان).

وفي الفصل الثاني الذي يحمل عنوان ” الشارقة وما وراءها” ويرصد فيه وصوله للشارقة ملتحقاً بقوة ساحل عمان في منطقة الخليج، وكيف أمضى الفترة الأولى من الخدمة، وكيف تعرف على العادات والتقاليد العربية، وتعلمه اللغة العربية، ومشاهداته عما كان يحدث في الشارقة، وعن الاستقرار الذي كانت تشهده، وعن طبوغرافية المكان، وبدايات التطور في دبي والشارقة، والأسواق التي انتشرت فيهما.

وينتقل المؤلف إلى العين ويصف مهامه وطبيعة الحياة هناك، وما كانت عليه العين حينذاك، ويرصد التغيرات التي حدثت في منطقة البريمي.

الفصل الثالث من الكتاب كان بعنوان ” برلين، والخنافس وجون فز كنيدي” وفيه يسرد المؤلف بعض المغامرات التي مّر بها في كينيا، وعودته إلى برلين الشرقية، ومهامه فيها بمناسبة عيد ميلاد الملكة، ثم يصف واقع الحال في برلين حينذاك، وزيارة الرئيس الأمريكي كنيدي التاريخية لبرلين، وفي عام 1964 يغادر المؤلف برلين إلى إيرلندا الشمالية، ويحكي عن معاناته هناك، ومن ثم عودته إلى الشارقة في الساحل المتصالح.

ورابع فصول الكتاب ” ثلاث بوصات” يحكي ديفيد نيلد فيه قصة تعلمه اللغة العربية في مدرسة اللغة العربية في خورمكسر، حيث كان الدارسون يسكنون في خيام فردية صغيرة ثلاثة شهور، ولدى عودته إلى الشارقة يشير الكاتب إلى ما فاجأه من تغيرات كان أبرزها في مجال السياسة؛ إذ نشأت موجة مؤيدة للقومية العربية بالشرق الأوسط.

في أكتوبر 1964 زار وفد من جامعة الدول العربية الإمارات المتصالحة، وقد أعقب ذلك إنشاء صندوق تطوير الإمارات المتصالحة، وفي 1965 زار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية الدكتور سيد نوفل الإمارات المتصالحة، ويسرد الكتاب ما حدث بين الإمارات المتصالحة، وجامعة الدول العربية، ووزارة الخارجية البريطانية.

ويصف ديفيد نيلد الفترة التي قضاها في عجمان حين كانت وحدته تتمركز هناك، فيقول: كان يحكم عجمان شيخ رائع، هو الشيخ راشد بن حمد النعيمي، وكان قد تولى الحكم عام 1928 وكانت الإمارة تعتمد على صيد السمك والغوص على اللؤلؤ، وحين انهار دَخْلُ الإمارة بتدهور صناعة اللؤلؤ بعد أن توصل اليابانيون إلى زراعته، تمكّن الحاكم حينذاك من مساعدة رعاياه بتمويل مشروعاتهم الزراعية، وانتهج سياسات جيدة لضمان انتفاع كافة رعاياه بها، فحظي بحب الجميع واحترامهم، ويصف المؤلف روابط الصداقة بينه وبين حاكم عجمان.

ويصور المؤلف الجانب الاجتماعي من الحياة في تلك الفترة، فيتحدث عن الاحتفالات الدينية، وعرض أفلام سينمائية للجنود عن رعاة البقر، ولورانس العرب، ثم يتحول إلى التدريبات التي تجريها وحدته والدوريات التي تقوم بها.

ويورد قصة زيارة أمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح، وقيام مجموعته بمهمة حرص الشرف، ثم يعرج إلى وصف ما عرف به الشيخ شخبوط بن سلطان حاكم أبوظبي بتصرفه بالدخل الهائل من الثروة النفطية، وبعدئذ ما عرف به الشيخ زايد من كرم واهتمام ليس بأبوظبي فحسب وإنما في بجميع الإمارات.

ويتحول المؤلف إلى خدمته ضمن قوة ساحل عمان في مدينة العين، حيث تعرّف إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة – حفظه الله- ويحكي المؤلف (الرائد ديفيد نيلد) لقاءه الملك الحسين عاهل الأردن لدى زيارته الرسمية للإمارات المتصالحة، ويصف الكتاب معسكرات قوة ساحل عمان، وتوزيع وحداتها، والأماكن التي رابطت فيها سرية (شايني بي) التي يقودها المؤلف حينذاك في الإمارات المتصالحة ومناطقها.

ثم يحكي نيلد عن استقالته من قوات صاحبة الجلالة، وانضمامه إلى قوة رأس الخيمة المتحركة برتبة مقدم، ويصف قربه الشديد من حاكم رأس الخيمة وأنجاله، وزيارته مع حاكم رأس الخيمة لتهنئة السلطان قابوس لدى تسلمه الحكم في سلطنة عمان عام 1970م.

ويطلع القارئ في الفصل السابع على الأجواء السياسية في المنطقة، ثم مغادرته قوة رأس الخيمة المتحركة التي صار يقودها الرائد مفتاح بن عبد الله الخاطري، والشيخ سلطان بن صقر القاسمي.

ويصف المؤلف رحلته إلى بيروت في يناير 1972، وتلقيه برقية تنبئه بمستجدات ما حدث في الشارقة، فيعود إلى الشارقة ليشكل قوة متحركة على غرار تلك التي أسسها في رأس الخيمة، وصارت تلك القوة جاهزة للقيام بالعمليات في غضون ستة أشهر، وتولت مسؤولية أمن الحاكم وأسرته.

وفي الفصل التاسع يسرد المؤلف مرحلة “ما بعد الخليج” إذ غادر إلى القارة الإفريقية، ثم عاد إلى العين في عام 2000 حين تم ترتيب لقاء لقدامى ضباط قوة ساحل عمان، وحضر الضباط القدامى حينئذ حفل تخريج دفعة من طلبة الكلية الحربية بالعين؛ حيث ألقى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ( ولي عهد أبوظبي حينذاك) كلمة تنمّ عن حكمته ووفائه، وتم تكريم نيلد وزملائه.

آخر فصول الكتاب كان عن رأس الخيمة بين الأمس واليوم، وقد تم تدعيم الكتاب بالصور الفوتوغرافية التاريخية الرائعة التي تزيد الكتاب جاذبية لدى القراء. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى