أخبارثقافة

مريم جمعة فرج ومسؤولية الكلمة

دبي الإمارات العربية المتحدة

سلام محمد

عقدت في ندوة الثقافة والعلوم مساء أمس جلسة حوارية حول تجربة المرحومة مريم جمعة فرج القاصة والمترجمة الإماراتية بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة ود. حمد بن صراي أستاذ التاريخ في جامعة الإمارات ود. نجاة مكي الفنانة التشكيلية والشاعرة كلثم عبدالله ونخبة من المهتمين.

أدارات الجلسة الكاتبة عائشة سلطان عضو مجلس إدارة الندوة بتأكيد أن مريم جمعة فرج تركت بصمة ثقافية يشهد لها، وعرفت القاصة بأنها درست في الكويت في المراحل الأولى من التعليم ثم عادت مع أسرتها إلى الإمارات لتكمل دراستها الثانوية وتتخرج من ثانوية آمنة وبعدها التحقت بجامعة بغداد في العراق لإكمال مسيرتها الجامعة، وعادت إلى دبي وعملت قليلاً ثم ذهبت لدراسة الماجستير في الترجمة في لندن، وعادت إلى دبي وعملت مترجمة في جريدة البيان.

وأضافت عائشة أن مريم تحيل المحبة إلى مسؤولية وتنسى نفسها في مقابل محبتها لمحيطها سواء الأسرة أو الأصدقاء أو العمل رغم أنها تعيش في ظرف حياتي صعب إلا أن تزرع المحبة أينما كانت، ولسان حالها يقول الحب من شيم الكرام، فالمحبة عطاء وكرم وتضحية.

وأكدت سلطان تميز مريم بكتابة القصة القصيرة منذ ثمانينيات القرن الماضي لها المجموعة القصصية “ماء” و”فيروز” ومجموعة مشتركة مع سلمى مطر سيف وأمينة بوشهاب بعنوان “النشيد”.

وذكرت صالحة عبيد عضو مجلس إدارة الندوة أن التقت بالمبدعة مريم جمعة فرج وشجعتها على الكتابة وأخبرتها أنها قرأت مجموعة صالحة القصصية الأولى، وكان لقاء خاطفاً إلا أنها كانت مأخوذة بكتابات مريم جمعة فرج المتقدمة جداً في ذلك الوقت وأنها لا ستشعر أن أحد فاق ما كتبته مريم من نصوص متفجرة معبرة عن صوت المرأة، وقرأت عبيد مجموعة من قصص مريم جمعة فرج “ماء” و”عبار” وضوء”.

وأضاف الكاتب إبراهيم مبارك أن مريم كانت زميلة عمل وصديقة، وكانت تحمل مسؤولية الكتابة، تكتب للبسطاء، وتحاول أن تقدم الصورة الحقيقية للكتابة.

وكان ما يميز كتابات مريم جمعة فرج أنها لا تميل للسرد والتكرار، دقيقة في حروفها ومقصدها، في قصة عبارة تتناول الحياة القديمة في دبي من غوص وصيد، والتحول من البحر إلى مهنة “عبار” بواسطة العبرة في خور دبي، ومع التطور تغيرت المهن وكانت مريم تحاول رصد وتقديم صورة المسحوقين في المجتمع، وأن الحياة مهما تطورت إلا أن التعب والشقاء مستمر، وهذا ما حدث مع العبار في نهاية القصة أن يقبل بواقع التغير ويجاريه.

مريم لا تفكر في حجم النص ولكن فكرته هي ما تعنيها تكثيف العبارة ودقتها كان هاجساً مميزاً في كتابات مريم فنصها يخلو من التردد والتكرار تنسج النص بأكمل صورة. لا تحب المزاحمة أو أن تكون تحت الأضواء تعلمنا منها العمل للعمل.. فقدمت مع عندها ورحلت.

وأضافت عائشة سلطان أنه إذا كان التكثيف والإيجاز من صفات كتابات مريم إلا أنه صفة أصيلة من سمات القصة الناجحة، لان القصة القصيرة فن صعب محكوم بمساحة محددة وتكثيف لغوي عالي الدقة.

وأضافت الكاتبة فتحية النمر أن مريم جمعة فرج كانت كاتبة استثنائية، فقد أنجزت أعمالا قصصية مميزة وفي مرحلتها العمرية العشرينيات والثلاثينيات، وتميزت بوعي وثقافة وإحساس مرهف.

وأكدت أن مريم لم تكن مجرد ساردة ماهرة بل كانت شاعرة ورسامة من خلال تكثيفها وتقطيرها العذب للجمل في أقل قدر من الحروف والكلمات والصور الجديدة، وموسيقية مبدعة تتسرب منها العبارات بانسيابية عبر إيقاع رشيق.

وكانت مريم مخلصة في كتابتها لشريحة اختارتها وتعهدت لنفسها ولتلك الشريحة أن تكون صوتاً عالياً وضميراً لهم، ورسمت صورة الاسرة التي تمثل تلك الشريحة المهمشة بإيجاز ودقة تفوق الوصف، وكان للأسرة الإماراتية الممتدة حضور قوي في كتابات مريم جمعة فرج، ولم تترك قضية إنسانية مهمة إلا وعملت فيها قلمها في مجتمع يتأمل خطواته الأولى نحو مرحلة واعدة وتحولات مغيرة بمفردات جديدة.

وذكرت الكاتبة ريم الكمالي أن نصوص مريم جمعة فرج تخرج ما بالقارئ من ألم لعمق نصوصها، وأشادت بتجربتها في الترجمة حيث كانت مريم تتقن العربية والإنجليزية والفرنسية، وقد كانت متواضعة حتى في التحدث عما تمتلكه من ملكات وإبداعات، اتسمت شخصيتها بالهدوء والتواضع.

وأكدت أن مريم كانت تتمتع برهافة الحس والعمق المشاعر وتتأثر سريعاً بالأحداث والأشخاص ما كان يمثل عبء نفسي إضافي على روحها وتركيبتها الإنسانية.

وذكر نادر مكانسي أنها سألها ذات يوم لماذا هذا الهدوء المفرط في شخصيته فأجبته بأن الحياة لا تستحق الانفعال، وكانت كاتبة متميزة تمتلك كتلة من المشاعر الإنسانية الراقية، تكتب القصة المحلية بسلاسة تنقل القارئ لمشاهد عديدة فيها وصف دقيق لملامح الشخصية.

وعن تجربة الروائي ناصر عراق مع مريم جمعة فرج ذكر حرصها وجديتها أثناء عضويتها في لجنة تحكيم أحد جوائز مجلة دبي الثقافية.

وفي الختام أكدت الشاعرة كلثم عبدالله أنها ستقوم بترجمة أعمال مريم جمعة فرج على مسؤوليتها عرفانا منها لعطاءها الإبداعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى