أخبارثقافة

استشراف الأزمات العالمية وكيفية الاستعداد لها في نادي الإمارات العلمي

دبي الإمارات العربية المتحدة 

سلام محمد

عقد نادي الإمارات العلمي بندوة الثقافة العلوم حلقة نقاشية ضمن المجلس الرمضاني الافتراضي الذي ينظمه بعنوان “استشراف الأزمات العالمية وكيفية الاستعداد لها” وحضر النقاش بلال البدور رئيس مجلس الإدارة ود. صلاح القاسم المدير الإدراي عضو مجلس الإدارةومريم بن ثاني عضو مجلس الإدارة واللواء عبدالقدوس العبيدلي والعميد الدكتور علي سنجل ود. محمد مراد عبدالله ونخبة من المسؤولين والمهتمين.

أدار الجلسة د. عيسى البستكي رئيس جامعة دبي ورئيس مجلس إدارة نادي الإمارات العلمي، وعضو مجلس إدارة الندوة، مستعرضاً محاور النقاش وأهميتها في ظل الأزمة الدولية التي تعاني منها كافة المجتمعات (جائحة كورونا)، والتي تناولت مدى أهمية إدارة الأزمات والمخاطر في المحافظة على مستقبل الاقتصاد العالمي، وأهمية الدارسات الاستشرافية في الوقاية من الأزمات التسويقية بالمؤسسات الاقتصادية وكيفية الاستعداد لها.

كذلك دور دولة الإمارات العربية المتحدة قي رفع مستوى المعرفة والجاهزية لدى المؤسسات الأمنية والصحية من خلال الأنظمة والوسائل التكنولوجية الحديثة التي تستخدم لمواجهة سيناريوهات الطوارئ والأزمات العالمية المحتملة، بالإضافة لأهمية قطاع تكنولوجيا الاتصالات واستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الطوارئ والأزمات وتوظيفه لمواجهة الأزمات العالمية. ودور الجامعات في استشراف أساليب حديثة ومتطورة لمواجهة الكوارث والأزمات وتداعيتها وآثارها الاجتماعية على المستوي الوطني والعالمي.

وركز النقاش على الآثار السلبية لعدم الاستعداد للأزمات على القطاع الصحي والتعليمي والأمني. وأبرز التحديات التي تواجه الدول في مواجهة الأزمات العالمية وكيفية الاستفادة من تجارب دول العالم في التعافي من الأزمات والمخاطر. وأهم الإجراءات الاحترازية والحلول الاستباقية التي يمكن اتخاذها في مواجهة الطوارئ والأزمات من أجل تفادي وقوعها أو التخفيف من خسائرها والتعافي من آثارها على مختلف القطاعات.

وأكد د. البستكي أن الطفرة التعليمية المستقبلية ستعني التعلم بطريقة مختلفة من أي مكان وفي أي زمن بحيث يكون التعليم مفتوحا وشاملا وإننا أمام تحول مستقبلي حقيقي لابد من استثماره في قطاع التعليم، مما يطلب مزيد من التأهيل والتدريب لكافة الكوادر وخاصة أولياء الأمور للتعامل التكنولوجي المستقبلي

 

وذكر المهندس عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية أن الأزمة تحدث عندما تهز نظاما قائما ولا يستطيع هذا النظام بأدواته التقليدية مواجهتها، بل يحتاج لأدوات مختلفة وقوية وإجراءات صارمة، والإعداد والتهيؤ ووضع خطط مستقبلية للخروج من الأزمة، كما يجب على المؤسسات وضع دراسات استشرافية تفيد صانع القرار وتسهم في استمرارية العمل.

وأكد أن زيادة الحالات في بعض الدول يعود إلى التأخر في إجراءات التعامل مع الأزمة، وهناك أنواع أخرى من الأزمات منها التغير التكنولوجي وإدارة الأعمال، وكل ذلك يتطلب سيناريوهات مستقبلية تضعها الشركات ضمن أولوياتها لإدارة الأزمة والخروج منها أو التعامل معها بأقل قدر من الخسائر، فالاقتصاد العالمي يعيش حالة غير مسبوقة، أزمة شاملة ومتشابكة ومتداخلة وقد يكون للأزمة جوانب إيجابية من تعاون وتسخير الإمكانات والابتكار وكثرة التجارب والبحث العلمي لمحاولة اجتياز الأزمة، إلا أن التأثير السلبي قد يؤثر على الحياة البشرية ويخلق حالة من العزلة والتوجس.

وأن ما تقوم به دولة الإمارات من جهود وإجراءات احترازية قد تستمر حتى عام 2021 في مختلف القطاعات يمثل التحدي الأكبر الذي يواجهه القطاع الخاص هو كيف سنستقبل ما بعد كورونا، وهل نستطيع التعامل الرقمي بشكل كامل مستقبلا.

 

وأضاف الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا عن ما بعد جائحة كورونا (كوفيد 19) بان هناك عدة سيناريوهات مستقبلية لكافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في ظل التأثيرات الكثيرة التي أثرت في المنظومة الاقتصادية فهناك حوالي 200 مليون شخص خسروا وظائف في مختلف أنحاء العالم، وركود اقتصادي يذكر بالكساد العظيم عام 1929، وانخفاض البترول الصخري وتداعياته.

واستعرض د. عبداللطيف عدة سيناريوهات لما بعد الأزمة أولها أنه خلال الفترة من 3 – 6 أشهر قد تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه بمرونة كبيرة وهذا ما نتمناها.

والثاني أنه خلال الفترة من 3 – 6 أشهر قد تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه ولكن بانعكاسات أكثر سلبية اقتصادياً واجتماعيا بسبب فقدان الكثير من الوظائف.

والسيناريو الثالث أنه خلال الفترة من 12- 18 شهر ستنتهي الأزمة ويكون البقاء للأقوى وتاثيراتها ستكون كثيرة وقوية.

والسيناريو الرابع الذي نأمله أن يكون هناك نظام جديد لما بعد كوفيد 19 وسيكون للتقنيات والتكنولوجيا الحديث دور كبير سواء في التعليم أو العمل في مختلف القطاعات وستكون هناك عودة سريعة وأفضل للاقتصاد، وخاصة في الإمارات التي تعمل بجاهزية أكبر من غيرها سواء في قطاع التعليم والتعلم والعمل عن بعد، وهذا السيناريو يمثل تحول فكر وإعادة صياغة العملية التعليمية بمكونات مختلفة وسيكون هناك أولوية لمجالات تعليمية مهمة منها الرعاية الصحية والتكنولوجيا والتقنيات الحيوية (البايوتكنولوجي)، وربط البرامج التعليمية بالتخصصات.

وأكد على أن التعلم عن بعد مستقبلا سيكون جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية وسيقود لفكر تعليمي جديد، وستتقلص المؤسسات والفصول التعليمية، وسيكون هناك تركيز على التدريب والتطبيق والورش والمختبرات والمشاريع الريادية وستكون مرتبطة بالبرامج الأكاديمية وخلق فكر هجين ما بين التعليم التقليدي والتعليم التكنولوجي، مما يسهم في استقطاب كوادر اكاديمية جديدة عن بعد مما يقلل التكلفة ويسهم في توجيه الميزانيات ودراساتها لمزيد من النفع. مع تطوير المناهج الدراسية لتتناسب مع قدرات وإمكانات الطالب، وشغفه المستقبلي من خلال الأدوات التكنولوجية.

 

وركزت الدكتورة مريم مطر رئيس مجلس إدارة ومؤسس جمعية الإمارات للأمراض الجينية، على أهمية الجاهزية للأزمات والكوارث، مشيدة بالبعد النظري والتجهيزي للجنة الأزمات والكوارث في الإمارات، من استشراف واستعداد وجاهزية وإمكانات، وذكرت أنه عقد في مارس 2019 في أبوظبي مؤتمر للجنة الكوارث وناقش المؤتمر ماذا لو حدثت كارثة بيولوجية وكيفية الاستعداد لها ومواجهتها، مما ساهم بإيجابية في تجاوز الكثير من تبعات الأزمة والاستعداد ببنية تحتية وإمكانات علمية وطبية مسبقة. ومنح الشعب نوع من الأمان والثقة في إمكانية السيطرة على الأزمة حتى إن لم نستطع إنهاءها. وعززت د. مطر رؤيتها بطرح الكثير من التجارب والمشاركات لدولة الإمارات مع منظمة الصحة العالمية ومختلف الدول والمراكز البحثية بشفافية ومشاركة فعلية. كما وضعت الدولة استراتيجية صحية قوية وكان الاستعداد لتجاوز مثل هذا الخطر ضمن أولوياتنا .

ولكورونا فيروس حوال 30 ألف تسلسل جيني وهذا ما يؤثر ويؤخر العلاج قليلاً لأن الطفرات الجينية على الفيروس تلعب دورا كبيرا وتأثيرات مختلفة على سلالات الإنسان فالجذور الجينية للأصول البشرية يختلف تأثير كورونا فيروس عليها من مكان إلى مكان مما يؤكد عدم شمولية التطعيم.

وأن ما يحدث يجعلنا أكثر تفاؤلاً بمزيد من التعاون الخليجي المستقبلي لتحقيق الأمن على مختلف توجهاته والأمن الصحي بشكل خاص باعتباره جزءا اساسيا من الأمن القومي.

 

وأضاف المهندس عثمان سلطان الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة “دو” سابقا أن البشر جميعهم أمام الأزمات إما يحركهم الخوف أو الرغبة في اجتياز المحنة أو الأزمة، ولكل مرحلة من الأزمة أولوياتها، ففي المرحلة الأولى يكون إطفاء لحماية النفس، وهي بمثابة الوقاية من الجائحة، وإن كان على المستوى الفردي والمجتمعي بمختلف الوسائل الوقائية،

والمرحلة الثانية تعظيم الاستفادة من الوضع الجديد بالتأقلم معه والتعلم منه حتى يتم إنجاز الأعمال اليومية حتى وإن كان بشكل مختلف وفي هذه المرحلة والمحرك يكون الرغبة في عدم الخسارة.

أما المرحلة الثالثة وهي العودة إلى النمو والعودة إلى الحياة بشكل طبيعي، ولا اعتقد أنه سيكون هناك عودة لما قبل الجائحة، سنعود إلى جديد معتاد وستجبر بعض الشركات على تقليص ميزانياتها ووظائفها مع ظهور وظائف جديدة. وسيكون جنود هذا المرحلة العاملين في قطاع الاتصالات الذين يحاولون تجهيز الشبكات والاتصالات وخوضهم الكثير من التدريبات الجادة والدورية لتعظيم قطاع الاتصالات وجاهزيته.

وأن الجيل الخامس سيكون أداة أساسية لتفعيل المنظومة التكنولوجية، والإمارات في صدارة الدول الأكثر جاهزية لتأسيس قواعد راسخة وموحدة.

 

وأكد المهندس بشار كيلاني المدير الإقليمي لشركة IBM أن العالم أمام أزمة مركبة حتى وإن كانت طبية في الأساس لخلقها أزمة إدارية ولوجستية بالإضافة للعمل عن بعد والتباعد الاجتماعي وجميعها تغييرات في نمط الحياة والبعد الاقتصادي الذي تنتجه التراكمات من أعمال تجارية وانخفاض في أسعار البترول ليس في دولة محددة وإنما على مستوى العالم، ما يؤثر على كثير من الوظائف، وفي شركة IBM يوجد معهد لإدارة الأعمال ودراسات طرحت كيفية التعايش مع الأزمات لذا فالحاجة إلى إعادة تدريب وتأهيل العاملين للعمل عن بعد ملحة وتسهم في خلق أنماط عمل جديدة.

وأضاف أن التحول الرقمي أصبح ضرورة ملحة للتواصل والاستمرارية، مما يسهم أيضا في خفض الكلفة التشغيلية العالية التي لا يمكن أن تتحملها الشركات والتي تتطلب الدخول في عالم جديد أكثر مرونة والخروج من الأزمة بشكل أقوى وهذا واضحاً في الجهود المشكورة لدولة الإمارات في التعامل مع مختلف الشركات وتمكينها وإعطاءها دفعة للاستمرارية مع التحول إلى العادي الجديد.

وأكد أن شركة IBM أصبحت تملك خبرة للتعامل مع الأزمات، فالنجاح يعتمد على القدرة على التكيف مع مهارات التحول الرقمي والواقع الجديد.

 

ونوه الدكتور منصور أنور حبيب استشاري طب الأسرة والصحة المهنية بجهود دولة الإمارات من خلال المرونة في التعامل الصحي وإنشاء العديد من المراكز الطبية والجهوزية الصحية الشاملة، مما يوجه لضرورة الاستثمار المستقبلي في مهنة الطب والعلوم الصحية، والوضع الحالي يحفز الجميع للدخول في القطاع الصحي، وكذلك في مجال البحث والدراسات العلمية الحيوية.

أما عن البرامج الوقائية لابد من وجود برامج لتعزيزها، فأصحاب الأمراض المزمنة أكثر تعرضا للكثير من التبعات الصحية، مما يتطلب التعامل معهم بشكل مختلف لأن رد الفعل الدفاعي لأجسامهم يكون مبالغًا فيه مما يسبب مزيد من الأعراض الصحية الشديدة.

وأكد على ضرورة أن تكون الوقاية جزء من التعلم المستقبلي وبرنامج مفعل في الجامعات والمدارس لحماية الإنسان من الأمراض المزمنة واكتساب سلوكيات صحية سليمة كنوع من الوقاية المستقبلية وتعزيز الوعي الصحي.

 

وأضاف دكتور سعيد خلفان الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي أننا أمام أزمة عالمية لا تخص الإمارات وحدها ولكنها تؤكد أهمية وجود نظام صحي عالمي للتنبؤ بانتشار الأوبئة وعلى كل دول العالم وتحسين أنظمتها الصحية على المستوى الوطني، وأن تتكاتف الدول لمساعدة الدول غير القادرة على ذلك حماية لنفسها والمجتمعات بشكل عام لأنها قد تكون مصدر خطر وانتشارا للأوبئة، وتؤكد مؤسسات عالمية وخصوصا في كندا لديها أجهزة ذكية للتنبؤ بالأمراض والأوبئة، وتتوافر تقنيات عالية في عديد من الدول ولكن الاستجابة السريعة لتبعات الجائجة لم تكن على نفس المستوى من السيطرة في بعض الدول.

وأكد د. الظاهري أن التكنولوجيا يمكن أن تكون جزءا في الحد من احتواء الأزمة ولكنه جزء بسيط فلابد من توفر استراتيجية لاستشراف المستقبل وبرامج تهيئة وبناء القدرات الوطنية، والعالم بحاجة لبناء مرونة لدى بعض المؤسسات ليستطيع مواجهة الأزمة، لأن ازمة كورونا هي أزمة قيادة تأخذ القرار الصحيح في الوقت الحاسم. وأن القيادة في دولة الإمارات تتطلع لتكون الإمارات أفضل دول العالم بحلول العام 2070 واعتبار عام 2020 عام الاستعداد لاكتساب مهارة استشراف المستقبل، وليس على مستوى الذكاء الاصطناعي فقط ولكن عبر إيجاد رؤى وخطط للبناء المستقبلي.

 

وعلق الدكتور لطيف لديد وهو باحث متقدم في جامعة لوكسمبورج في مجال تكنولوجيا الجيل المتقدم ومؤسس ورئيس منتدى IPv6. قائلاً أنه تبعا للدراسات وجدت أن كل عقدين من الزمن لابد أن يكون هناك كارثة بصفة عامة، فقد حدثت كارثة في عشرينات القرن العشرين وكذلك في الوقت الحالي، وإن إيجابيات هذه الجائحة في اللإمارات أن هناك فقط 3 ألاف شخص من إجمالي 9.8 مليون شخص في الإمارات ليس لديهم خدمة انترنت أي أن نسبة متعاملي الشبكة تعادل 97% في الإمارات. وفي نفس الوقت الذي يستخدم 30% من الأشخاص برتوكول الانترنت الجديد IPV6 مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية حيث 80 مليون ليس لديهم خدمة انترنت.

وأضاف أن تايوان قريبة من الصين ولكنهم تعلموا من الدروس السابقة مثل مرض سارس فكانت جاهزيتهم أعلى فتمكنوا من كتابة لوائح وسياسات للتغلب على الأوبئة والجوائج، وعندما بدأت الجائجة في الصين أغلقت تايونان جميع المنافذ ولذلك كان عدد الإصابات لديهم أقل، كما نجد أن الثقاة في الشرق مبنية على الاهتمام بالآخر وفي ضرورة اتخاذ الاجراءات الاحترازية حماية للنفس وللآخرين. ولكن في أوروبا وأمريكا لا يهتمون بهذه الإجراءات.

وأكد أن النظام الصحي في ألمانيا هو الأفضل في العالم، فرغم وجود مستشفيات خاصة ولكنها مكلفة مثل المستشفيات الحكومية لدرجة أن أجهزة التنفس الصناعي مكلفة جداً ولكنها تساعد على الشفاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى