أخبارأخبار عالميةثقافة

الإنسان العربي الجديد ولادته وشروط تحقّقه محور ندوة مشتركة بين مؤسّسة الفكر العربي ومركز الأهرام

القاهرة جمهورية مصر العربية

سلام محمد

هل نحن بحاجة إلى ولادة إنسانٍ عربي جديد ولماذا؟ نقاشاتٌ مستفيضة حول هذا الموضوع كانت محور الندوة التي نظّمتها في القاهرة مؤسّسة الفكر العربي بالشراكة مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حول كتاب “أفق” السنوي الخامس “نحو إنسانٍ عربيّ جديد”، بحضور نُخبة من المفكّرين والمثقّفين العرب، بحثوا الأفكار والأطروحات التي يعرضُها الكتاب.

تضمّنت الندوة جلسة افتتاحية وجلسة ختامية، وخمس جلسات امتدّت على مدى يومين. استهلّ الندوة المدير العام لمؤسّسة الفكر العربي البروفسور هنري العَويط، متحدّثاً عن أهمّية الشراكة المُثمرة والبنّاءة بين مركز الأهرام والمؤسّسة، والتي تجسّد ثقافة التكامل الذي رفعته المؤسّسة شعاراً واعتمدته نهجاً وسياسة. وركّز على تنوّع موضوعات الكتاب ومقارباته، وإمكانية قراءة مقالاته كأجوبة عن ثلاثة أسئلة رئيسة هي:

هل نحن فعلاً بحاجة إلى ولادة إنسانٍ عربي جديد ولماذا؟ ولكن مَن هو هذا الانسان العربي الجديد؟ وما هي السُبل والأدوات والآليات المُفضية إلى إعداد هذا الإنسان الجديد وتأهيله؟

وأكّد العَويط أنّ الدعوة إلى تحقيق التجديد المنشود، تستمدّ مبرّراتها من الفشل الذي مُنيت به على امتداد العقود المنصرمة الأحزاب العقائدية والمذاهب الشمولية والأنظمة الدكتاتورية، في إيجاد الحلول الناجعة لمشكلات العالَم العربي، وتستمدّ أيضاً مبرّراتِها ممّا يتخبّط به عالمنا من أزماتٍ وحروب وانقسامات، ومن التحدّيات الجسيمة التي يواجهها.

وأشار إلى أنّ مقالات الكتاب تسعى إلى تكوينِ رسمٍ تقريبيّ ولكنّه شبهُ متكامل بملامحِ الإنسان العربي الجديد المنشود، وسِماته، وهويّته، وخصائصه، والمعارف والمهارات التي يتعيّن عليه أن يتزوّدَ بها، والقيم التي يَحسن به أن يعتنقها، ودور الأسرة والمدرسة والجامعة والثقافة والمثقّفين ووسائل الإعلام والتواصل، فضلاً عن الدين، في عمليّتَي الإعداد والتأهيل، بهدف تسهيل عملية ولادة الإنسان العربي الجديد وتسريعِها.

 

وركّز مدير مركز الأهرام الدكتور وحيد عبد المجيد، على أهمّية التعاون في ثاني الندوات المشتركة بين المركز ومؤسّسة الفكر العربي، مؤكّداً أنّ هدف الندوة هو إدارة حوارٍ خلّاق يطوّر الأفكار التي تضمّنها كتاب “أفق” السنوي، فضلاً عن تفعيل الحراك الثقافي، ومدّ الجسور بين المؤسّسات الثقافية العربية، بما يسهم في بناء الإنسان، ويجعل صوت المراكز المعرفية مسموعاً، منتقداً كثرة المراكز التي تحمل لافتات مؤسّسات ثقافية، بينما الجّاد منها قليل، وخصوصاً في تبنّيها آليات العمل المشترك في المرحلة الصعبة التي يمرّ بها العالم العربي.

ورأى عبد المجيد أنّ الأزمة العربية الراهنة هي الأخطر منذ قرن من الزمن، وهي تتمثّل في إشكالية العقل والإنسان، فضلاً عن وجود فجوة معرفية وعلمية كبيرة، في حين أنّ أغلب سكّان الأرض أكثر تقدّماً من سكّان المنطقة العربية، ومع ذلك يمكن أن نردم هذه الهوة بشرط توفّر الإرادة والعمل الدقيق، ووضع الاستراتيجيات التي تجيب أولاً على سؤال من أين نبدأ؟ منتقداً مشروعات النهضة العربية التي بدأت منذ نحو نصف قرن، ومؤكّداً أنّه لم يعد مقبولاً تكرار تجارب النهضة والإصلاح الماضوية التي لم تنجز شيئاً ملموساً في بناء الإنسان العربي الجديد.     

جلساتٌ خمس

بعدها بدأت أعمال الندوة بجلسة أولى تحت عنوان “الإنسان العربي الجديد: بين شروط التأسيس وإمكانات التحقّق”، ترأّسها الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة في مصر الدكتور سعيد المصري، وتحدّث فيها كلّ من رئيس قسم العلوم السياسية في كلّية الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور صفي الدين خربوش، وعضو الأكاديمية النرويجية للآداب الباحث سمير مرقص، والدكتور وحيد عبد المجيد.

وعُقدت الجلسة الثانية تحت عنوان: “الهويّة والثقافة بين الجمود والتجدّد”، ترأّسها أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور علي الدين هلال، وشاركت فيها الناقدة المصرية الدكتورة اعتدال عثمان، ووزير الثقافة المصري الأسبق الدكتور شاكر عبد الحميد، ومدير معهد المخطوطات العربية والقائم بإدارة معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة الدكتور فيصل الحفيان.

 

 

وتناولت الجلسة الثالثة موضوع “مجتمع المعرفة والإنسان العربي الجديد”، وترأّسها رئيس مركز شمال أفريقيا للسياسات الدكتور محمد المعزوز، وتحدّث فيها كلّ من خبير المعلوماتية الكاتب الصحفي جمال غيطاس، وأستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في معهد التخطيط القومي بالقاهرة الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى، والأكاديمية والباحثة في الاقتصاد والتربية والتعليم بجامعة الأزهر الدكتورة مُحيّا زيتون.

وتمحورت الجلسة الرابعة حول “تجديد الخطاب الديني”، وترأّسها عضو المجلس الأعلى للثقافة ومستشار مركز الأهرام الباحث نبيل عبد الفتّاح، وشارك فيها الباحث في التاريخ المسيحي المصري كمال زاخر، ورئيس فرقة بحث في المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في مصر الدكتور محمد حلمي عبد الوهاب، وأستاذة الأدب الإنجليزي المقارن في جامعة القاهرة الدكتورة أميمة أبو بكر.

تلتها جلسة خامسة تناولت موضوع “تجديد النظام التربوي والتعليمي”، وترأّسها رئيس جامعة القاهرة السابق الدكتور جابر جاد نصار، وتحدّث فيها كلّ من أستاذ كلية الآداب في جامعة القاهرة الدكتور أحمد مجدي حجازي، ومديرة معهد البحوث والدراسات العربية الدكتورة نيفين مسعد، ومدير مركز البحوث الاجتماعية في كلية الآداب الدكتورأحمد زايد.

واختُتمت الندوة بجلسة استعرض فيها كلّ من العَويط وعبد المجيد خُلاصة الأوراق والمداخلات. تجدر الإشارة إلى أنّ الندوة كانت حافلة بالنقاشات الغنيّة والعميقة والمنوّعة، التي شارك فيها الحضور ودارت حول الدولة الوطنية والمواطنة والهويّة، وجدلية العلاقة بين الأنا والآخر والتراث، والسبل الآيلة إلى ولادة الإنسان العربي الجديد، ودور الحكومات في إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وإشاعة مناخ ديمقراطي حقيقي يُسهم في حرّية التفكير والتعبير، فضلاً عن دور المثقّفين في بلورة وعيٍ عربي جديد، وتفكير نقدي على مختلف المستويات السياسية والثقافية والدينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى