أخبارثقافة

التجربة الثقافية للأديب محمد القرق في ندوة الثقافة والعلوم

دبي الإمارات العربية المتحدة

سلام محمد

نظمت ندوة الثقافة والعلوم أمسية وفاء بعنوان “التجربة الثقافية للأديب محمد القرق” بمشاركة معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد وعبدالغفار حسين وطارق القرق وأريج القرق أنجال المرحوم محمد القرق وأحفاده، وحضر بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة وأعضاء مجلس الإدارة علي عبيد الهاملي ود. صلاح القاسم وعائشة سلطان ود. حماد بن حماد وجمال الخياط ومريم ثاني ود. سعيد حارب ود. عبدالرزاق الفارس ود. رفيعة غباش ود. محمد غباش ولفيف من المهتمين.

استذكر بلال البدور الحضور الثقافي والأدبي للمرحوم القرق، وتوطدت علاقته به مع تأسيس ندوة الثقافة والعلوم.

وذكر البدور أن القرق من مواليد 1930، وهو شخصية عصامية بدأ دراسته قديماً عند الشيخ عبدالله الأوفى لبعض مواد اللغة والحساب، ثم دخل مدرسة الفلاح التي تأسست عام 1926، وأكمل بعدها دراسته على يد أحمد محمد القمبري.

وأكد البدور أن القلق تتلمذ على يد الكتب التي تحويها مكتبة والده، والذي كان يمتلك دكان خصص جزء منه لبيع الكتب والمجلات التي كانت تأتيه على يد وكيل من البحرين، وكان محمد القرق يحتفظ بالمجلات التي تأتي لمكتبة والده ويحتفظ بها لتجميعها وتجليدها، وأول كتاب اقتناءه بنفسه بتاريخ 25/12/1948 كان بعنوان “جولة في ربوع الشرق الأدني بين مصر وأفغانستان: من مشاهدات سائح مصر”.

وعن حياته العملية فقد عمل القرق في البداية في بنك الشرق الأوسط لمدة خمس سنوات، وتعلم في تلك الفترة الرقم على الآلة الكاتبة، وكون مجموعة من الصدقات في الشارقة مع الشيخ سالم بن سلطان القاسمي والمدفع ومجموعة من أهل الشارقة، وفي نفس الفترة ولع بالتصوير الفوتوغرافي والسينمائي وسجل الكثير من المشاهد عبر الرحلات التي كان يقوم بها مع الأصدقاء. وسجلت كاميرته الكثير من الصور حيث كان شغوفاً بالصورة والنيجاتيف وتحسين جودته بأعلى المعايير.

وفي عام 1956 ذهب إلى مصر في رحلة مع إحدى الشركات السياحية ولازال محتفظ في أرشيفه ببرنامج الرحلة وبعض الصور الملتقطة فيها. وله عديد من الصور في أماكن تاريخية ومع شخصيات فكرية وثقافية في مصر والعالم العربي ومنهم الشاعر هارون هاشم رشيد وصالح جودت ومحمد عبدالوهاب وبكار وحسين بيكار وبنت الشاطئ وغيرهم.

وأعمال القرق الإبداعية أهمها الشعر، له قصائد مختلفة ومنها معارضات لبعض القصائد منها قصائد للبحتري وابن زيدون. كما كان مولعاً بالشعر العربي ويستشهد به في جميع لقاءته وجلساته، وكان يعد كتاب حول الأمثال في الشعر العربي.

وخلص من مقتنياته من كتب ومجلات إلى بعض الاختيارات التي سجلها في مجموعته “غيض من فيض” والذي صدر منه ثلاثة أجزاء وكان يعد لإصدار 10 مجلدات من هذه المجموعة.

وأشار عبدالغفار حسين إلى علاقته بالمرحوم محمد القرق كونه شخصية يعتز بها أي بلد ينتمي لها، وأنه من الرعيل الأول لمثقفي الإمارات، بدأ حياته في الشارقة كما ذكر وعمل في بداية تأسيس البنك البريطاني عام 1946، وانتقل بعدها للعمل في الوكالة السياسية البريطانية (بيت الدولة) وبقي فيها لسنوات في السارقة، ثم انتقل مع الوكالة إلى دبي عام 1952.

وأكد عبدالغفار أن القرق من أوائل المصورين السينمائيين بعد عبدالكريم كابتن، وكانت هوايته المحببة ويمتلك العديد من الأفلام والصور في أرشيفه الخاص. وهو من أوائل من أسس مكتبة خاصة عامرة بمختلف الكتب والمجلات.

وأشار إلى أن القرق أيضاً من أوائل الإماراتيين الذين سافروا إلى مختلف الدول العربية، إلا أن أكثر سفراته في مصر ويعتبر أول خليجي يجالس الأديب عباس محمود العقاد ويواظب على حضور صالونه الأدبي، وكذلك من أوائل الكتاب والشعراء الذين عاصروا أهم شعراء العربية الفصحى في الخليج.

ويعتبر القرق ثاني مترجم خليجي يترجم شعر عمر الخيام ترجمة كاملة وأخذت منه تلك الترجمة سنوات كثيرة، ويمتلك مكتبة كاملة عن عمر الخيام بكل ترجماته من الفارسية إلى مختلف اللغات. وأصد مجلداته غيض من فيض التي تعتبر موسوعة مصورة وثرية وقد صدر منها 3 مجلدات كما ذكر سابقاً.

ونوه معالي محمد المر عن علاقته بالراحل محمد المر منذ تأسيس الندوة وأن ا جمعهما حب الكتب والأدب، وكان يتصف القرق بدماثة الخلق والتواضع، وكان محب للطرفة لتقط النكتة والدعابة وعاشق لها وخاصة الطرف التاريخية من خلال قراءه للعقد الفريد والأغاني والتوحيدي والجاحظ وذواقة لاختيار ألف الدعابات ذات السياق التاريخي والأدبي والتي تعتمد على المفارقة والتي تتطلب قراءات متعددة لرصد تلك المفارقة وسياقها.

في بداية تأسيس الدولة انشغل محمد القرق بالعمل وانزوى نسبياً نتيجة انشغال المجتمع بالبناء والإنتاج، وتعرفت عليه بعد تلك الفترة وكان يترجم رباعيات الخيام ووجدتها عمل جليل وجهد مقدر، وكان القرق يمتاز بالدقة الفنية من حيث الخط والإخراج والغلاف والورق والزخرفة لإصداراته.

وكان يكتب في مجلة الشروق التابعة لجريدة الخليج في الشارقة، وفي مجلة الرياضة والشباب التابعة لجريدة البيان في دبي، وغيرها من المؤسسات الصحفية وامتازت كتابته بالتوثيق والرصد لمراحل وكتابات مختلفة لكثير من الكتاب والمفكرين.

وتحدث د. طارق القرق الرئيس التنفيذي لدبي العطاء ونجل المرحوم محمد القرق عن علاقة والده بمؤسسي الندوة إبراهيم بوملحة ومحمد المر وعبدالغفار حسين وبلال البدور، وكذلك علاقته بالمرحومين سيف غباش وعبدالله صالح، وهم من كانوا يشكلوا حياته ويومه، وأن والده كان شغوفا بالكتاب والصورة والأرشيف والعمل الثقافي والشعر بشكل خاص، وأشار أنه ترجم شعر عمر الخيام خلال 12 سنة ومرت بمراحل كثيرة، وانه استعان بمزخرف ورسام خاص لإعداد الجانب الفني في الكتاب.

وأشارت أريج القرق إلى عمق علاقتها بوالدها الراحل، وانه كان مولعا بالأدب والتاريخ والفن، وكان شغوف بالاستماع لأغاني محمد عبدالوهاب ومشاهدة الأفلام الوثائقية. ومحب للغة العربية والطرفة والدعابة. وذكرت أنه كان يتناقش معها في دراستها للماجستير ويوجهها.

وأكد ناصر عراق على شغف المرحوم القرق الأغنية القديمة ويناقش التفاصيل الصغيرة لتلك الأغاني وكان يدندن على العود بعض تلك الأغنيات.

وختمت د. رفيعة غباش بأن الجلسة ألقت الضوء للتعريف أكثر بالراحل محمد القرق وما كتبه للمجتمع والمكتبة العربية من أرث توثيقي يحتفى به، وقد ودعت الندوة إنسان قريب من القلب محب للفكر والثقافة والفن بما يليق به من مكانة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى