أخبارثقافة

التميز والقائد الملهم

كاتب وشاعر إماراتي طالب غلوم طالب

إن مناقشة موضوع القيادة فى المنظمات وأثرها على المرؤوسين بصفة عامة من المناقشات االهامة والرئيسية خاصة فى عصر التقنيات الحديثة والمتسارعة ؛ لذا تتطلب المنظمات قادة لديهم قدرات خاصة على مواكبة تلك التطورات للنهوض بمنظماتهم من خلال المهارات القيادية وتنميتها لتصبح قيادة ملهمة ، وذلك فى سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة
فالقيادة فى حد ذاتها هى عبارة عن مهارة وقدرة القائد الإداري على التأثير بشكل مُنظّم فى توجيه العمل وسلوك الموظفين على أسس علمية وإطلاق مساحات من الحرية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية (لعزاوي والنقار ، 2007 / ص39) بمعنى أن القيادة هى عملية تحفيز الموظفين لبذل كل جهد من أجل إنجاز مهام ومسئوليات ذات أهمية للعمل ، فالقادة هم اعضاء التغيير وهم الأشخاص الذين يمارسون التأثير فى الآخرين أكثر من غيرهم (Gibson.etat , 2003 . p.299) ، أما أهمية القيادة فتتلخص بأبعاد قوة القائد الملهم وتأثيره في موظفيه، فالقوة القانونية من أهم تلك الأبعاد ، والتى تعنى منصب القائد فى الهيكل التنظيمى كما أن قوة التحكُّم لدى القائد الملهم تعد أحد تلك الأبعاد فهى القدرة على إدارة التحفيز وتشجيع الموظفين بهدف تحسين أدائهم الوظيفي . إضافة إلى قوة الخبرة ، وهى القوة التى يكتسبها نتيجة الخبرات والتجارب التى مرَّت عليه سابقاً ، وأخيراً بعد قوة الصلة بالقيادات العليا وتعنى قدرة التأثير بالمستويات العليا .
دوماً نغرّد عن الإدارة والقيادة ، والفرق بينهما ، ونمتدح القائد لأنه الأفضل ، وكل يرى عند المفاضلة بينهما إن القائد هو الأفضل تقييماً واختياراً ، وببساطة فالقائد ليس مديراً وكرسياً وواسطة ورتبةً ومنصباً حتى يُخّوف الذي أمامه حتى لا يناقشه أو يحاوره لأن القيادة الإداريّة ملهمة وصانعة للحدث بل الأحداث والمواقف ، ومُسيّطرة على الأزمات الداخلية والخارجية في المنظمة ، والقائد هنا متّرفع عن (الأنا) ، ومتسامٍ عن (الذات) إلى (نحن) بأفعال مُوقنة مؤُكّدة راسخة ، وليس أقوالاً مرسلةً مكررة تدور في المكاتب دوران الرحى دون معنى..!!
فالقائد الذي لا تأثير له على إقناع موظفيه أو قبل ذلك التأثير في موظفيه إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية العليا لا يصح أن يكون قائداً أو حتى “قُيّود” بل مسماه هو(جالسٌ على كرسي المنصب) ، ولا يسمى حتى مدير لأن هناك بعض المديرين لا يديرون شيئاً بل يُدارون من موظف آخر أو موظفين أخرين ، أي أن هناك مديرين آخرين في المؤسسة ، واذا زادت البركة وكان المدير ضعيف جداً يزيد عددهم ليكون هناك (3) مديرين أو (5) مديرين حسب الشخصيات الموجودة عموماً ،…!! فالجانب المظلم من الإدارة أو ما يطلق عليه (الانحراف الإداري) له خصائص سلوكية عديدة منها : “سلوكيات الابتعاد” والتى تصنع مسافة بين المدير وموظفيه ويتجلى هذا السلوك فى انعدام التواصل مع الموظفين ، إضافة إلى “سلوكيات الشك” وانعدام الثقة بين المدير والموظفين، والذى يعتبر من أهم خصائص الانحراف الإداري حيث توحى للمدير بامتلاكه قدرة هائلة تجعله لايرى شيء إلا نفسه ، وأخيراً “سلوكيات التحرك نحو” والتى تتضمن الاندماج والتوافق وعدم التردد فى استغلال جميع الفرص التى تتيح له السيطرة على موظفيه وليس التعاون معهم فى العمل .. وهناك المديرون الذين يستخدمون الإدارة بالصراعات CONFLICTS BY MANGEMENT . ، وهذا يعنى أن يفتعل المدير المنحرف إدارياً المشاكل بين موظفيه ويزيد بينهم الصراع لينشغلوا بمشاكلهم عنه، وللإدارة بالصراعات ميزة هامة له حيث يلجأ الموظفين بصفة مستمرة للمدير لحل مشاكلهم ولنصرة أحدهم ، وبالتالى يظل هو المدير لا ينازعه أحد في الإدارة ، ومن المؤسف أيضاً أن نجد بعض المديرين المنحرفين إدارياً احتكارهم للبيانات والمعلومات بحيث يكون تحت أيديهم كافة بيانات العمل دون سواهم ، مما يكون له أثاراً سلبية على سير العمل الإدارى ، فهو يحكم قبضته على سير العمل فى المنظمة ، فمن يريده القائد أن يكون متميزاً فى العمل يترك لديه مخزون المعلومات الذى يمتلكه ويحرمها عمن يريد معاقبته من الموظفين أو توقيع الجزاء عليه ،أو يريد تهميشه إدارياً.
مهارات القائد الملهم :
فينبغى أن تتوفر للقائد الملهم مجموعة من المهارات الفكرية مثل : المهارات العلمية والخبرات الواسعة لديه وقدرته على التحليل النوعى والكمى ، وكذلك القدرة على التحليل والاستنتاج والمقارنة والتمتع بقدر عالٍ من المرونة وطرح الأفكار وتقبل أفكار الآخرين ( اللوزى ، 2000 ، ص 112) فلكى يكون القائد ملهماً لموظفيه ينبغى أيضاً أن تتوفر لديه مجموعة من المهارات الإنسانية ، فالقائد الذى يلم بالجوانب السلوكية للموظفين ويحاول بصفة مستمرة إدراك وتفسير سلوكيات موظفيه وتوجيهه لهم وتقديم الحلول المناسبة ، كما أن القائد الملهم يتمتع بمجموعة من السمات الشخصية التى تُميّزه بين القادة الأخرين فى المنظمة فلديه القدرة على التكيّف والحزم فى اتخاذ القرارات والثقة بالنفس والانضباط، إضافة إلى قدرته على بعد النظر والحكم على الأمور بشكل موضوعى ونجده لديه استعدادا ًدائماً على التعاون والتنسيق فضلاً على اللياقة والمشاركة الاجتماعية .
أما المهارات الفنية التى يمكن أن تتوفر فى القائد أو المدير الملهم ؛ حيث تَتَجلى تلك المهارات الفنية فى قدرته على حل المشكلات وقدرته على تبصير الموظفين بالأساليب الحديثة ومناقشة نتائج العمل معهم لتذليل التحديات التى قد تعترض تحقيق الأهداف الاستراتيجية
ميزات وخصائص القائد الملهم فى المنظمة :
• يصبح القائد ملهماً حين يتعمق إيمانه بأنّه “أوّل بين متساوين ، كما تقول العبارة اللاتينية”primus inter pares “. حيث ترتكز فكرة القيادة الملهمة على ألا يرى القائد فى نفسه أعلى شأنا عن موظفيه فهو يرى موظفيه أقراناً له فهو دائماً مستعداً للتعاون مع زملائه ولا يعتبر نفسه الأفضل .
• دائماً ما يستخدم القائد الملهم سلطاته بنزاهة فهو يستخدمها لمصلحة موظفيه وليست ضدهم ، ويسعى دائماً فى تلبية احتياجات الموظفين . فحين تجد الموظفين فعالين بصورة خاصة والمهام والمسئوليات الوظيفية لديهم انجزت وبشكل صحيح وجميع الموظفين مستمعون بعملهم أعلم أن أمامهم قائداً إدارياً ملهماً .
• القائد الملهم يدرك أهمية التفاصيل اليومية ، فهو يساعد الموظفين فى على تلبية متطلباتهم لذا فهو يسعى إلى اكتشاف احتياجاتهم ويساعدهم فى الحصول عليها .
• القائد الملهم ليس منطوياً على نفسه فهو يبذل قصارى جهده لإقناع الآخرين برؤية الأمور فى الإدارة كما يراها هو فهو يستمع إلى موظفيه ويتعلم منهم كما أنه يرتكز فى عمله على عملية التطوير والتحسين المستمر، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للموظفين على معرفة الإمكانات المتاحة بما يسمح لهم أن يقوموا بمهام ومسئوليات لا يتوقعون أبداً أن لديهم طاقات وقدرات أو كان بوسعهم تنفيذها. فهو يلهم الأخرين لكى يقدموا كل ما لديهم من طاقات كامنة ؛ حيث أنه يدرك تماماً أنه ليس بإمكانه القيام بجميع المهام بمفرده ولم يفعل ذلك حتى لو كان لديه القدرة على تنفيذه فهو يعمل مع الموظفين ومن أجلهم ، فعليه أن يكون قادراً على إلهام الذين يلبى احتياجاتهم لكي يلبوا احتياجات الآخرين بدورهم..فرغبته فى تلبية احتياجات الموظفين هى مصدر إلهامهم للقيام بأى مسئوليات وظيفية .
• القائد الملهم لديه القدرة على التكيُّف والتأقلم مع مختلف الأوضاع والظروف المحيطة ببيئة العمل سواء كانت ظروفاً داخلية أو خارجية ، فهو يُقيّم جميع الظروف والأوضاع كلٍ على حدة لكى يكون مصدراً للإلهام ، إضافة إلى تفويض الصلاحيات لمشاركة الموظفين فى اتخاذ القرارات الإدارية ، فهو يُديّر مستخدماً نقاط قوّة موظفيه . ويحيل الفرصَ التي تناسب موظفين آخرين بشكل أفضل.
• فالقائد الملهم هو حالة ذهنية وفكرية وإبداعية متكاملة ، وليس مجموعة من الإجراءات. ولكن، ثمّة أمور يقوم بها القائد الملهم، بدلاً من أن يؤمن بها فقط. تتضمّن:
o الاستماع إلى الموظفين والتعا ون معهم
o تفويض الصلاحيات للموظفين بالإدارة بهدف المشاركة فى اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة
o إتاحة الفرص للعمل الجماعي بدلاً من اتّخاذ القرارات فردياً
o تعزيز مهارات حلّ المشكلات عن طريق توافر المهارات الفكرية والمهارات الفنية
أخيراً يستطيع القائدا لملهم أن يُحقّق التميز المؤسسّيى من خلال “الكفاءة” التى يتميز بها كأساس لتميز الأداء ، واهتمامه الرصين بــــ”البعد البشرى” من خلال التركيز على أهمية المتطلبات الإدارية والاجتماعية للموظفين مثل التركيز على “عمل الفريق” ، “والمشاركة فى صنع القرارات” و”الشعور الجماعى بالمسئولية” بهدف التأكيد على أهمية بيئة العمل وتأثيرها المباشر على أداء المنظمة وتميزها ، إضافة إلى مفاهيم “عملية التخطيط واستخدام الأساليب الكمية للوصول إلى التميز فى الأداء . كل هذه المهارات تقوم على الكفاءة التى يتمتع بها هذا القائد الإدارى لأنه محور عملية التنمية الإدارية والإبداعية والابتكارية فى منظمته ، وهو القدوة المؤسسّية التى تشد الأنظار وتعنى بها أنظار الموظفين والقادة من الصفوف الثانية والثالثة له ، وإذا اختفت وانتفت هذه الكفاءة فنرى بيئة عمل ملأى بتعدد المدراء داخل الوحدة التنظيمية الواحدة وبالتالى يتعدد متخذى القرار بها ، مما يولد الصراعات، وتغيب الأهداف المؤسسية، وتظهر المصالح والأهداف الشخصية التى تغلب على المصلحة العامة للمؤسسة، وبالتالى تكثر الشائعات والشللية ، مما يؤدى إلى ضعف الأداء الوظيفى للموظفين نتيجة عدم تحقيق العدالة والمساواة بين الموظفين فى توزيع المكافأت فيشعر الموظف بأنه لم يحصل على حقوقه المادية رغم كفاءته ، مما ينعكس على ضعف الخدمات المقدمة أو إنتاجية المؤسسة وأخيراً تنهار المؤسسة بشكل كامل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى