أخبارأخبار عالميةثقافة

الخط العربي والعمارة الإسلامية في مصر والأندلس في ندوة الثقافة والعلوم

دبي الإمارات العربية المتحدة

سلام محمد

شهد معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد فعاليات اليوم الثاني من ندوة الخط العربي والعمارة الإسلامية والتي نظمت في ندوة الثقافة والعلوم ولاقت اهتمام وإعجاب الحضور بما قدم من معلومات ومناقشات ثرية.

أدار الندوة الخطاط تاج السر حسن عضو هيئة تحرير مجلة حروف عربية، وقدم أ. د. محمد حمزة إسماعيل الحداد أستاذ الفن الإسلامي والآثار الإسلامية – عميد كلية الآثار ومساعد رئيس جامعة القاهرة السابقة ورقة بعنوان الخط العربي على العمائر المصرية والإسلامية والذي أكد وجود طراز إسلامي عام للخط العربي تفرعت عنه عدة طرز محلية (مدارس فنية) واتخذ كل قطر من الأقطار الإسلامية لنفسه سمات خاصة وشخصية مستقلة يتميز بها في قليل أو كثير عن بقية الأقطار الأخرى، ومن هذه الطرز: طراز الجزيرة العربية والطراز العراقي والطراز الشامي والطراز المصري والطراز المغربي والطراز الأندلسي والطراز الفارسي وطراز آسيا الوسطى (التركستان) والطراز الأناضولي (أو طراز آسيا الصغرى) والطراز الهندي وغير ذلك.

وأشار الحداد أنه من خلال العمائر الأثرية الباقية بمصر عامة والقاهرة خاصة يستدل على الأماكن والمواضع التي نقشت أو سجلت عليها النقوش الكتابية بعدة أنواع من الخط العربي قد تنوعت وتعددت داخل هذه العمائر وخارجها سواء على هيئة أشرطة كتابية تمتد بطول واجهة المبنى أو أعلى المدخل الرئيسي أو تشغل الواجهات الأربع المطلة على الصحن في العمائر الدينية أو على هيئة لوحات رخامية أو حجرية تثبت إما بصدور المداخل أو أعلى فتحة باب الدخول أو أعلى واجهة إيوان القبلة أو مقدم الجامع المطلة على الصحن؛ وأحياناً يقتصر النقش الكتابي على عضادتي المدخل الرئيسى للمنشأة والمدخل الجانبى أو أحدهما.

وذكر الحداد بعض المواقع الأثرية الإسلامية والتي زينت بالنقوش والكتابات منها الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله وجامع الاقمر بمدينة القاهرة والجامع العمرى بقوص وجامع العطارين بالإسكندرية والجامع العتيق بسوهاج، وسور القاهرة الشمالي، ومحراب مشهد السيدة رقية من العصر الفاطمي، وكذلك النقوش الفاطمية بالجامع الطولوني.

ومن العصر الأيوبي نقش إنشاء قلعة صلاح الدين بالقاهرة، ونقش إنشاء المدارس الصالحية النجمية، ونقوش قبة مدفن الصالح السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب الملحقة بالمدارس الصالحية النجمية.

ومن العصر المملوكي بدولتيه البحرية والجركسية عدد من النماذج المتنوعة ومنها نقش إنشاء المدرسة الظاهرية العتيقة، وبعض نقوش مجموعة السلطان الملك المنصور قلاوون بشارع المعز لدين الله، والمحراب الجصى النادر للأمير سلار بالواجهة البحرية لجامع عمرو بن العاص بمصر القديمة جنوب القاهرة، وبعض نقوش مدرسة سنقر السعدى المعروفة بالتكية المولوية بشارع السيوفية.

ومن عهد السلطان الملك الأشرف قانصوه الغورى مئذنة الغورى ذات الرأسين بالجامع الأزهر، ومن العصر العثمانى عدد من النماذج ومنها النقوش الكتابية داخل جامع سليمان باشا المعروف بجامع سارية الجبل بالقلعة وغيرها من النقوش والكتابات والزخارف التي يزخر بها عموم جمهورية مصر العربية.

وعن أنواع الخط العربي التي استخدمت على العمائر المصرية الإسلامية خلال العصر العثماني هما: خط الثلث والخط النستعليق اللذين انتشرا بدرجة كبيرة، وهناك أنواع أخرى ولكنها قليلة على العمائر في ذلك العصر ومنها الطغراء والخط الديواني.

وأكد أن الخط العربي خلال عصر الأسرة العلوية قام بدوره التسجيلي والزخرفي والجمالي، وتحققت على يدي الخطاطين الوحدة الفنية والتكامل الفني بين الخط والزخرفة وكل ذلك بفضل المقومات الجمالية والتشكيلية للخط العربي. مما يؤكد أهمية إلقاء الضوء والاهتمام على الخط العربي على العمائر المصرية الإسلامية سواء لدوره التسجيلي التوثيقي أو الدور الزخرفي والجمالي في ضوء المقومات الجمالية والتشكيلية التي يتسم بها الخط العربي.

 

وقد خالد الجلاف رئيس جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة، نائب رئيس مجلة حروف عربية ورقة حول الخط العربي والعمارة الإسلامية في الأندلس ذكر فيها التاريخ الزمني للأندلس منذ فتحها عام 91 هجرية 711م موسى بن نصير وطارق بن زياد في عهد الوليد بن عبد الملك والأحداث التاريخية التي مرت بها حتى سقوط غرناطة عام 711 هجرية 1492 م سقوط غرناطة والاندلس.

وأكد الجلاف أن الأندلس أحد معاقل الخط العربي، وأن الخط الأندلسي خطط مشرقي في أصله ولكنه تطور في الأندلس إلى: الخط الكوفي الأندلسي، الخط القرطبي ذي الاستدارات والانحناءات، خط الثلث الأندلسي. وأثر الخط الاندلسي على الخط الافريقي العربي من خلال المهاجرين الأندلسيين الى شمال أفريقيا.

وأشار إلى أن ظهور الخط الأندلسي أحد مظاهر استقلال الأندلس الأموي عن المشرق العباسي، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: “وأما أهل الأندلس فانتشروا في الاقطار في عدوة المغرب وافريقية وتعلقوا بأذيال الدولة فغلب خطهم على الخط الافريقي وعفا عليه ونسي خط القيروان والمهدية وصارت خطوط اهل افريقية كلها على الرسم الاندلسي بتونس وما إليها”.

وأضاف الحلاف حصل في دولة بني مرين من بعد ذلك بالمغرب الاقصى لطون من الخط الاندلسي لقرب جوارهم وسقوط من خرج منهم الى فاس واستعمالهم إياهم في سائر الدولة.

وأشار إلى أن هناك أنواع كثيرة للخط الاندلسي وبالتحديد في الفترة الأموية في المسجد الاموي في قرطبة ومدينة الزهراء ومن أنواعه: الكوفي المزهر، المظفر، البسيط وأنواع الكوفي المختلفة اما الخط اللين فليس له قواعد صارمة مثل الخط المشرقي.

وعن العناصر الجمالية في الخط الأندلسي يؤكد الباحث أن الخط الأندلسي يعتمد على عناصر متكاملة معتمدة على ذاتها دون تعقيدات أو احتياج لمحسنات خارجية، وتشمل اللوحة الخطية محتويات اللوحة التشكيلية المتكاملة من الكتلة والفراغ والإطار والعلاقة بين فكرة الخصوبة والمعنى. وأن الخطاط الاندلسي لديه ثقة في نفسه كون فنه متكامل دون حاجة لأساليب مساعدة.

وأكد الجلاف أن الخط العربي في المصادر الاندلسية له مكانة رئيسية في الفنون الاسلامية الممارسة على الرغم من عدم وجود اسماء كبيرة لخطاطين كبار، وقد تمت الاشارة في المصادر التاريخية الى العديد من الفقهاء والفلاسفة والاطباء وترادف مع سيرهم الذاتية معلومات عن حسن خطهم واهتمامهم بالخط، كما وردت في المصادر الاندلسية معلومات عن الوراقين والنساخين (30000 نساخ في عهد عبدالرحمن الناصر في قرطبة).

واحتوت المصادر الاندلسية على الكثير من المعلومات حول أساليب الخط الاندلسي وعن اسماء الوراقين والخطاطين كابن قطوش الذين سخ القرآن الكريم وابن خلكان، وابن السيد البطليوسي الشاعر والفيلسوف الاندلسي كتب عن الخط العربي وقيل بأنه كان يقتني نسخة من مصحف بخط ابن مقلة، وأوردت المصادر التاريخية ان احدى المؤسسات الاندلسية في قرطبة كان يعمل بها 127 امرأة في نسخ القرآن الكريم، منهم جارية عبدالرحمن الناصر واسمها “قلم” كانت خطاطة مجيدة كما ان حاشية الناصر وابنه الحكم كانت تضم عددا كبيرا من الخطاطات المجيدات.        

واحتوت مكتبة الحكم الثاني على اكثر من 400000 مخطوط وقد بعث من يبحث له عن كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه والذي يحتوي فصلا كاملا عن الخط العربي وتاريخه، وذكر ابن الخطيب وهو من اكبر مؤرخي الاندلس ان ملوك الاندلس ومنهم ملوك غرناطة من بنو نصر كمحمد الثاني الذي اسس ديوان الانشاء كان خطه جميلا وكذلك الملك يوسف كان خطاطا وكذا كان والده ووزيره ابن فرقون كانوا خطاطين وان بعض خطوط قصر الحمراء من خطوطهم.

وفي الختام أشار إلى عدد من المؤسسات الإسبانية التي ترعى الفنون الأندلسية وخاصة الخط ومنهم مؤسسة التراث الأندلسي، وأن أهم اعتراف بالخط العربي في الأندلس هو الاحتفال بمرور 1000 عام على فتح غرناطة من عام 1013 – 2013، وأوضح مدى تأثر البعض منهم بالخط العربي حتى أنه وجد بعض العبارات العربية في الكنائس والأماكن الأثرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى