أخبارأخبار عالميةتنميةثقافة

المدير العام الجديد للإيسيسكو لا مجال للسياسة فى المنظمة ونسعى لتصبح منارة للعالم الإسلامى

فى حوار خاص مع الأهرام

مكة المكرمة المملكة العربية السعودية

 

سنتعاون مع جميع المؤسسات والجامعات لتبنى الوسطية ومحاربة الفكر المتطرف

قال الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام الجديد للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو- إنه لا مجال للسياسة أو التسيس فى الإيسيسكو، مشددا على السعى لتكون المنظمة منارة لبلدان العالم الإسلامى فى مجال التربية والثقافة والعلوم والابتكار. وقال إن المنظمة تزخر بقامات فكرية وكفاءات فى مجال تخصصها لا يمكن الاستغناء عنها، وستشهد خلال الفترة المقبلة تغييرا شاملا فى آليات العمل وسوف تستعين بالشباب فى تطوير العمل وقيادة المنظمة. وقال إن الإيسيسكو ستتعاون مع جميع المنظمات والمؤسسات والجامعات لمحاربة الفكر المتطرف وتبنى فكر الوسطية والاعتدال، مشيدا بما تضمنته وثيقة مكة المكرمة من توجهات تعزز العمل الاسلامى المشترك.

الأهرام التقت المدير العام الجديد للإيسيسكو على هامش انعقاد المؤتمر العالمى لرابطة العالم الإسلامى الذى عقد اخيرا فى مكة المكرمة.. وفيما يلى تفاصيل الحوار:

 

ما خطة عملكم لتطوير آلية العمل فى منظمة الإيسيسكو خلال المرحلة المقبلة؟

الإيسيسكو ستكون منارة لبلدان العالم الإسلامى فى مجال الثقافة والتربية والعلوم والاتصال ولن تقف فى مكان معين ولكنها ستحاكى المتغيرات وتواكب الحداثة العالمية فى مجالات اختصاصها، وهذا ما نتطلع إليه ونطمح إلى تحقيقه. فى الوقت الحاضر نسعى إلى ترتيب البيت الداخلى ومحاولة تطعيم هذا البيت بالعناصر الشابة الحريصة على العمل والحريصة على أن تخدم العالم الاسلامى والأمة الإسلامية فى جميع مجالات العلوم والثقافة والاتصال.فى هذا السياق تشهدالادارة العامة للمنظمة حاليا ورش عمل مفتوحة تؤطرها عملية تشاورية وتشاركية بين مسئولى مختلف المديريات والمراكز من خلال اجتماعات لجان مختلفة تنكب على مراجعة هيكلة الإدارة العامة والخطة المتوسطة المدى وشئون الموظفين واللوائح المالية والتنظيمية ورقمنة العمل الإدارى وتطوير قطاع الاعلام فى جانبه التقليدى والجديد من خلال الارتقاء بالإعلام الاجتماعى.

سأسعى بعون الله إلى جعل الإيسيسكو منارة إشعاع فى سماء عالمنا الإسلامى، وأن تكون بيت خبرة وموطن فكر، وصانعة القيادات، ومؤطرة للبرامج والأنشطة بالدول الأعضاء، وأن يكون إسهام الإيسيسكو ثريا أين ما حلت.

لقد تغير العالم ولابد لنا من مواكبة متغيراته المتسارعة، فعجلة النمو وميزان الاقتصاد تحركهما آليات التقدم التربوى ومسرعات النهوض التعليمى، من خلال ركائزها الأساسية: التربية والعلوم والثقافة. لقد سعت الإيسيسكو منذ تأسيسها إلى العمل على تحقيق أهدافها وغاياتها المرتبطة بالتربية والعلوم والثقافة. وبإذن الله، سنستمرّ فى مواصلة المسيرة آخذين بعين الاعتبار ملامح التحولات الاجتماعية والمتغيرات التى تشهدها الدول الأعضاء فى المنظمة.إننا نعيش فى عالم الذكاء الاصطناعى وفضاء البيانات الكبيرة والتقنيات الحديثة وآفاق المدارس الافتراضية، ولابد للإيسيسكو أن تتعامل مع هذه المتغيرات وتعمل على استفادة الدول الأعضاء من هذه الخدمات، من خلال التأهيل والتكوين والتدريب والبحث والإبداع والابتكار. 

 

كيف يمكن للإيسيسكو أن تتعامل مع الإعلام الجديد؟

الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، يجب أن تعمل عليها المنظمة وتكون قوية فيها، فى الوقت الحاضر تحتاج الإيسيسكو إلى تطوير هذا المجال وعدم الاكتفاء بالإعلام القديم الذى تبذل فيه الإيسيسكو جهودا مقدرة من خلال نشر الأخبار وتعميمها على وكالات الأنباء الإسلامية والدولية. وأعتقد أنه لكى تصل المنظمة إلى جميع مستويات المجتمع الإسلامى لابد أن تتغير فى إعلامها وفى وسائل اتصالها لتكون قادرة مستفيدة من وسائل التواصل الجديدة ولذلك سوف نطور موقع الإيسيسكو الإلكترونى إلى موقع يحاكى القارئ والمتلقى، سوف نغير فى الأخبار والمحتوى الذى تقدمه، لن تقتصر المنظمة على التركيز على أخبارها فقط ولكن سنعمل على بث أخبار منظمات أخرى مشابهة لها، وسنعمل على ألا يكون هناك تقاطعات أو منافسات مع المنظمات الأخرى والمؤسسات، إنما تبحث عن التكامل على نطاق واسع مع منظمة التعاون الإسلامى ومع المنظمات الأخرى والتعاون معها.

 

أشرتم فى كلمتكم فى الدورة الاستثنائية للمؤتمر العام للإيسيسكو إلى مقترح بناء صندوق تنموى. ما المقصود بذلك؟

من المشروعات التى نسعى الى تحقيقها، أن يكون لمنظمتنا «مشروع وقفى» (صندوق استثمارى) مستمد من هبات وعطايا الحكومات والملوك والرؤساء والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والبنوك، توضع له أنظمته وقوانينه ويصرف ريعه على بعض المشاريع المستحدثة فى الإيسيسكو، وعلى برامج خاصة تهتم بقضايا الشباب وبناء المجتمع.

وسوف تسعى الإيسيسكو إلى بناء صندوق تنموى يكون الهدف منه اعتماد المنظمة على نفسها فى حال تأثرت بالتغيرات الاقتصادية، ويسعى الصندوق إلى تحقيق ما يقارب عشرة ملايين دولار أمريكى فى نهاية هذا العام. ذلك لابد أن يكون هناك تعاون بين الإيسيسكو ومنظمات المجتمع المدنى فى الدول الأعضاء جميعها. وهذه المؤسسات تعمل بجدية داخل بلدانها لتقديم خدمة مميزة فى مجالات تخصص الإيسيسكو، وهى شريك مهم توليه الدول الأعضاء عناية كبيرة، كما أن مؤسسات المجتمع المدنى تشهد اليوم تطورا ملحوظا فى عددها وفى برامجها التنموية ومجالات تدخلها التى أغلبها يرتبط بالتربية والعلوم والثقافة والاتصال.

 

وأين الإيسيسكو من تسجيل المواقع الأثرية والتاريخية فى الدول الأعضاء؟

المعروف أن الدول تتنافس لتسجيل المواقع الأثرية والتاريخية باليونسكو، كذلك يجب أن تقوم الإيسيسكو بالعمل على تسجيل هذه المواقع وهى كثيرة فى بلادنا والحمد لله، فى الوقت الحاضر الإيسيسكو لم تسجل سوى خمسة مواقع تاريخية فى عدة دول أعضاء. لذلك طلبت من المسئول عن مديرية الثقافة فى المنظمة ألا يقل عدد المواقع الأثرية والتاريخية المسجلة عن مائة موقع حتى مايو من العام المقبل.بالطبع ستقوم الإيسيسكو بإعداد مجموعة من الشباب والشابات لتسجيل المواقع فى الإيسيسكو وفى اليونسكو، مصر على وجه الخصوص فيها آلاف المواقع التى يمكن تسجيلها.

ومن هذا المنبر، أؤكد لكم أن الإيسيسكو ستعمل بشكل كبير على تعزيز دورها تجاه صون المقدسات الاسلامية والمسيحية فى القدس الشريف، من محاولات التهويد والطمس والهدم المستمر. وكذلك على وضع آليات عملية للمحافظة على تراث الدول الأعضاء المادى وغير المادى. كما يجب على الإيسيسكو أن تقوم بدور رائد فى التعاون مع الدول الأعضاء فى تعزيز الهوية الاسلامية وترسيخ الثقافة الاسلامية وقيم العيش المشترك وفى مواجهة التطرف والعنف والطائفية. ولابد لها من تعميق الوعى الفكرى بالقضايا الإنسانية والاجتماعية المؤثرة فى تطوير المجتمعات وبناء قدراتها.

 

هل نتوقع أن تتعاون الإيسيسكو مع وزارات التربية والتعليم لمكافحة الفكر المتطرف؟

يعانى المجتمع الإسلامى قضايا تربوية، وتطرفا وإرهابا، ستسعى الإيسيسكو للتعاون مع وزارات التربية والتعليم فى الدول الأعضاء للعمل على إعادة صياغة المفاهيم التربوية وتقديم الخبرات فى مجالات التربية والمناهج الدراسية، وهذه واحدة من القضايا الأساسية التى نوليها قدرا كبيرا من اهتماماتنا. 

 

ما الدور الذى يمكن أن تقوم به الإيسيسكو فى الأخذ بأيدى الشباب بعيدا عن الفكر المتطرف؟

بدون شك من خلال تكاتف الجهود مع المؤسسات الأخرى مثل رابطة العالم الإسلامى، وكذلك التعاون مع منظمة التعاون الإسلامى وجامعة الدول العربية ومع الجامعات فى العالم الإسلامى، وسوف نسعى للعمل على تغيير الفكر المتطرف ومحاربة هذه الصعوبات والتحديات بشكل حضارى وحديث ومختلف ليقود الشباب إلى الطريق الصحيح وبأن الوسطية هى الطريق الصحيح وأن الإرهاب ليس له دين ومن هنا ننطلق إلى مسارات جديدة تؤكد للشباب أن هذه المسارات هى التى يجب أن نسلكها آخذين فى الاعتبار ما تمر به هذه الدول من ظروف داخلية.. لابد للإيسيسكو أن تحاكى الواقع الذى نعيشه حاليا فجيل الشباب جيل رقمى يعتمد كثيرًا على وسائل التواصل الاجتماعى ولذلك نحن ملزمون بالتواصل مع هذا الجيل لمعرفة وجهات نظرهم والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم ومحاكاتهم وإقناعهم بدورهم الذى تنتظره منهم مجتمعاتهم، وتوعيتهم بالإسهام فى تنمية العالم الإسلامى.

وأود أن أضيف أنه لا مجال للسياسة أو التسيس فى الإيسيسكو، ولن نسمح بأن تكون هذه المؤسسة مسيسة على الإطلاق، السياسة وكل ما يتعلق بشئونها تختص بها منظمة التعاون الإسلامى، نحن نسهم فى كل ما يتعلق بمجالات الثقافة والعلوم والاتصال والبيئة.

 

كيف ترون واقع الثقافة فى دول العالم الإسلامى وهل تعتقد فى صحة نظرية تصادم الحضارات؟

لاشك أن دول العالم الإسلامى غزيرة الثقافات، لكنها عبارة عن قطع متناثرة، وما أن تجتمع هذه الثقافات فإنها ستشكل لوحة ثقافية جميلة وتعود ملهمة للعالم وللشباب ومصدر خير وعلم وثقافة وتاريخ، وسوف تسهم الإيسيسكو فى هذا العمل. لا أعتقد أن هناك تصادما للحضارات ولكن هناك حوار. ويقوم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان بجهد كبير فى هذا الخصوص، هناك تعاون كبير أيضا مع منظمة الأمم المتحدة، ورابطة العالم الإسلامى. أرى أن نظرية التصادم نظرية مختلقة والهدف منها إيجاد بلبلة بين أتباع الديانات السماوية أكثر من إيجاد تلاحم.

 

ماذا تطلب الإيسيسكو من مصر؟

بالتأكيد مصر دولة لها مكانتها فى مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال، مصر غنية بالعلماء والأدباء والمثقفين والصحفيين، لذلك أطلب من المثقفين والعلماء أن يقفوا إلى جانب الإيسيسكو ودعم دورها، وسوف يكون هناك تعاون وثيق وعلاقة أقوى مما كانت مع مصر ومع جميع الدول الأعضاء فى سبيل أن تظهر الإيسيسكو، كما يجب أن تكون شجرة مثمرة للعالم الإسلامى، أغصانها الدول الأعضاء وثمارها المثقفون ويعم خيرها الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى