أخبارأخبار عالميةثقافة

كتّاب وروائيون: “الأكثر مبيعاً” لا يعتمد على قوة مضامين الكتب بقدر اعتماده على مهارات التسويق

خلال جلسة "ظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً" بـ"الشارقة الدولي للكتاب"

 

 

 

 

 

الشارقة، الإمارات العربية المتحدة،

سلام محمد

حدد عدد من الكُتّاب مجموعة من العوامل التي تؤثر على قضية “الكتب الأكثر مبيعاً”، مؤكدين أنها مسألة نسبية تختلف في الوقت الحالي عما كانت عليه في الماضي، فقديماً كانت تعتمد بالأساس على المضمون، بينما الآن تتوقف على عدة عوامل منها العنوان والتركيب وتماشيه مع الذوق العام.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “ظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً” أقيمت خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب بمشاركة الكاتب الإيطالي فابيو فولو، والكاتبة الإماراتية عائشة سلطان، والكاتب التونسي الدكتور صلاح الدين الحمادي، وأدارتها الشاعرة والإعلامية شيخة المطيري.

وقال الكاتب التونسي الدكتور صلاح الدين الحمادي: “إن قضية الكتب الأكثر مبيعاً ليست مجرد ظاهرة لكنها من إشكاليات الساحة الثقافية، ولنقل إن أصلها هو البحث عن الانتشار، والرغبة في شهرة النص الأدبي والفكري مسألة موغلة في القدم ومرتبطة بنشأة النصوص الأدبية من قديم الزمان”.

وأوضح الحمادي أن الشاعر كان يحرص منذ أيام الجاهلية على أن يصل شعره إلى مختلف البلدان، والآن أصبح هناك أدوات معاصرة للانتشار؛ فالانتشار هو ضرورة للأدب وحاجة للمؤلف، وأصبحت هذه الحاجة مشتركة بين المؤلف والناشر، مشيراً إلى أن ظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً يلعب الناشر فيها دوراً كبيراً ومباشراً.

وأضاف: “في القديم كان المضمون وجودة الكتابة والتأليف هي الأدوات التي تحدد الأكثر انتشاراً، والآن أصبحت ترفدها قواعد أخرى منها الحرص على أن تكون العتبة الأولى للكتاب وأن يكون العنوان مستفزاً ومحصوراً في مواضيع معينة أهمها التابوهات؛ فمن الأفضل أن يكون العنوان موحياً بمسائل تلفت انتباه الجمهور، وكذلك المضمون الذي يحاول أن يروّج له الناشر عن طريق وسائل الإعلام الحديثة”.

وتابع: “كذلك لابد أن يكون المضمون متماشياً مع الذوق العام للمتلقي، فالتنمية البشرية أصبحت ذات صيت عالمي، والمؤلف والناشر يختاران هذه المسائل بدقة حتى يضمنا وصول الكتاب لأكبر عدد من المتلقين، مستعملين في ذلك وسائط إعلامية حديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية”.

وأكد الحمادي أن كل هذه العوامل تحقق رقماً هاماً في المبيعات، فالمؤلف الذي يكتفي بجودة المضمون حتى لو اعتمد على اسمه فانتشاره سيكون محدوداً، لذلك يهتم الناشر بقواعد أخرى مما يجعل هذا الكتاب يغطي مساحات كبيرة من الانتشار، ولابد أن يراعى في كل كتاب الفئة المستهدفة، مشيراً إلى أن “الأكثر مبيعاً” لا يعتمد على قوة مضامين الكتب بقدر ما يعتمد على مهارات التسويق.

وقالت الكاتبة الصحفية الإماراتية عائشة سلطان: “مثلما يوجد لدينا جوانب متعددة من الأمور التي تؤثر في الشخص ليشتري كتابا فهناك تعدد في أنواع القراء، لكن كلنا نذهب إلى الكتب لنبحث عما نريد نحن، ولكن حينما نكون أطفالاً نشتري مثل بعضنا، وإذا كنا يافعين نتأثر بما يوجهنا إليه معلمنا أو بائع الكتب، فإذا لم يكن لدينا خبرة نشتري ما يقال لنا، وحينما نكبر ويصبح لدينا خبرة تتراكم عبر الزمن، نشتري ما يلاقي احتياجاتنا”.

وأشارت إلى أن معظم من يشترون كتباً لا يقرأون نصف الكتب التي اشتروها، إما لشعورهم بأنهم تسرعوا، أو لأن الناس تتلصص على بعضها لمعرفة ماذا اشترى فلان أو فلان، قائلة: “رأيت أناساً يدخلون دور نشرٍ ويسألون عما اشتراه الناس فيشترون مثلهم”.

وتابعت: “اليوم لا يوجد قراءة ليست ذات قيمة أو معنى لكن كل مرحلة تتطلب نوعاً من القراءة، فلو كان عمري 7 سنوات لا أستطيع أن أقرأ لنجيب محفوظ أو ماركيز، لكن أقرأ المغامرين الخمسة وأجاثا كريستي، لما تحويه من خيال ولغة، فالمطلوب أن أصبح شخصًا يتردد على معارض الكتب”

وذكرت أن “الأكثر مبيعاً” مفهوم ظهر في الولايات المتحدة لأول مرة عام 1889، واليوم بعد كل هذا التراكم وصارت مؤسسات تتبنى هذا التقييم، لكن نحن في المنطقة العربية لا نقوم بذلك بل نعتمد على إقناع الناس بأن الكتاب ضمن “الأفضل مبيعاً”، ففي بريطانيا يُطلق على الكتاب أنه ضمن الـ”بيست سيلر” إذا كانت مبيعاته تراوح بين 7 إلى 25 ألف نسخة في الأسبوع، وبالتالي هذه المسألة معقدة.

أما الكاتب الإيطالي فابيو فولو، قال إنه بدأ الكتابة لأول مرة في حياته في عمر العشرين بعد حادث “سكوتر” تعرض له وكُسرت ساقه خلاله، موضحاً أن الكتاب تضمن مدونات شخصية كتبها على مدار 15 عاماً، فيما جاء الكتاب الثاني له ضمن “الأفضل مبيعاً”.

وأضاف: “لا أهتم حينما أقوم بكتابة القصة أن أكتبها للإعلام، فهذا شيء خاص بي وهذه طريقتي في العمل، فأنا أقوم فقط بالتعبير عن نفسي ولا حتى أفكر هل الأشخاص سيحبون القصة أم لا، بل أعتنى بنفسي فقط، وأنا كقارئ أحب الكتاب حينما يتحدث عني”.

وختم حديثه بالقول: “إن التسويق ليس أن نقوم ببيع الكتب، ولكن بأن نعوّد الأطفال على القراءة، فحينما تقرأ كتاباً سيقودك إلى مزيد من الكتب، لكن حينما يقوم شخص بالسيطرة عليك بالتسويق ستقرأ الكتاب لمرة واحدة؛ فالتسويق لن يكون له معنى فقد يكون مهما لمرة واحد لكن إذا لم يكن الأشخاص قد قاموا بسرده بصورة مميزة فلن يستطيعوا تسويقه مجدداً، فالعمل الأفضل هو الذي يبقى طويلاً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى