أخبارأخبار عالميةثقافة

مناقشة رواية طعم الذئب في ندوة الثقافة والعلوم

دبي الإمارات العربية المتحدة 

سلام محمد 

عقدت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع صالون المنتدى جلسة نقاشية لرواية “طعم الذئب” بحضور الكاتب الكويتي عبدالله البصيص ود. نادية بوهناد والكاتبة فتحية النمر وأحمد علي وهالة شوقي والناقد إيهاب الملاح وزينة الشامي ونادر مكانسي ونخبة من المهتمين.

أدارت الجلسة عائشة سلطان عضو مجلس إدارة الندوة رئيس اللجنة الثقافية وألقت الضوء على الرواية التي تموج بالكثير من الأحداث تدفع للتأمل في حقيقة الحياة والحلم والموت وطبائع البشر والشجاعة والرجولة والخزي والعار والصحراء وأسئلة وجودية كبيرة طرحت بشكل متناهي العذوبة بالرغم من الصراع الخفي بين الحياة والموت بين رمز من رموز القوة والموت في الصحراء وهو الذئب. وأضافت عائشة أن الكاتب عبدالله البصيص شاعراً أولاً وجاء من الشعر إلى الرواية.

وأكدت أن الرواية أطلقت دعوات لقراءة التاريخ والتأمل والقراءة ولكن الفلسفة وعلم النفس كانا عامود الرواية.

وعرفت زينة الشامي بالكاتب عبدالله البصيص الشاعر والروائي الكويتي الحاصل على بكالوريوس الأدب العربي، عشق الشعر منذ صغره، وكان يحضر مجالس والده المملوءة بالشعر وخاصة النبطي منه، دخل لميدان الشعر صغيرا وشارك في عام 2009 في مسابقة شاعر المليون، واتجه لكتابة القصص القصيرة ثم انتقل للرواية باعتبارها تتحمل السرد أكثر مما تتحمله القصة القصيرة، وقد لاقت روايته الكثير من الإشادة والإعجاب وصنفت روايته الأولى بأنها من الروايات التي يجب قراءتها، وتوجت رواية طعم الذئب الجائزة الأولى في معرض الشارقة للكتاب عام 2017، ويؤمن الكاتب بأن الإبداع تجديد لذا يحاول في كتابته أن يأتي بالجديد ويؤمن بالمحلية باعتبار أن الرواية ابنة بيئتها.

وذكر عبدالله البصيص أن المشكلة ليس في الرقيب ولكن بعض القوانين وخاصة في الكويت قانون المرئي والمسموع الذي لا يحمي الكاتب من الخطأ البشري الذي قد يرتكبه الرقيب.

وعن العلاقة بين الشعر والرواية ذكر البصيص أن الرواية شكل من أشكال الشعر، فالرواية مثل الشعر النثري أو السردي، وبداية الرواية كانت مسرحية وأطلق عليها شعر في البدايات وتطورت حتى صارت في ذلك الشكل السردي من العمل الأدبي، فالرواية أصلها سرد نثري مثل “حي بن يقظان”.

وذكر أحد الحضور أن الرواية تبدو مُغرقة في “صحراويتها..” إن جاز التعبير، لكنها تتخطى كثيرا كونها موسوعة صحراوية مختزلة، بما تحويه من تفاصيل البيئة الصحراوية من تفاصيل: النباتات، الماء والغدران، حيواناتها، السُكنى.. إلا أنها تفيض بالإسقاطات.. تلك الإسقاطات التي بوسعك أن تُسقطهـا على أي مجتمع أو بيئة. فذيبان.. رمزية الإنسان الذي يعاني من حالة اغتراب حـادة، وسط بيئة كل ما فيها يتطلب (يُطالبه) بأن يتغيّر.. أن “يستـذئب” حينها كان “المقلاع” أقصى أنواع الشرور التي كان بوسع ذيبان “البشري” أن يُمارسها.

وأضاف أن ثلاثة أيام كانت كل ما يلزم ذيبان ليعبر عتبـة الثلاثين عاماً.. ليتخلص من كل ما علق فيه من أذى معنوي، وجدتها في دلالة استحمامه في الغدير على مشارف القرية، بتفاصيلها. رمزية تكوّره على وضعية الجنين في الجحر، تأخذني إلى ثنائية (الجُحر/الرحم) كأنه مكوثه في الجحر فترة مخاض، ولادة جديدة، كانت تلك الليلة تكثيف لكل التجارب التي صهرته.

وذكرت هالة شوقي أن الروايات التي كتبت عن الصحراء ومن الصحراء مهمة ولها جمالياتها من امثال الطوارق و ناقة صالحة، وروايات أحمد أبو خنيجر في صعيد مصر وبالأخص “خور الجمال” ورواية وادي الدوم التي تدور أحداثها في واحات الصحراء الغربية بمصر، وأيضا روايات ميرال الطحاوي ومن قبلهم جميعا رواية فساد الأمكنة لصبري موسى أحد أيقونات جيل الستينيات في مصر والعالم العربي

وأضاف الناقد إيهاب الملاح أن تميز رواية طعم الذئب هو اصطياد خصوصية هذا العالم في هذا المكان من صحراء العرب الشاسعة، الخصوصية المكانية والإنسانية واقتناص رؤية العالم لهذه الجماعة او الجماعات والقبائل التي تحكمها مجموعة من القيم والتصورات التي تشكل هذه الرؤية وتحكم علاقات الرجال بالرجال والنساء بالرجال في هذا المجتمع فضلا على بروز دور الحيوان “الذئب” كقسيم للذات والضمير ويضعهما في مواجهة دائما أمام نفسيهما، من منظورات الرواية الفلسفية التشكيك بين الحقيقة والخيال والواقع والوهم ولذا اعتقد ان الكاتب نرك النهاية مفتوحة ليترك القارئ واقف بين الشك والحقيقة.

ورأى الحضور أن رمزية “الذئب” في الرواية: رمزية الإذعان والخضوع والمسايرة، أن يتخلى المرء عن تمايزه عن سلامه الداخلي، عن ربابته ومقلاعه، عن المهادنة.. وهذا تماماً ما كان ذيبان مُطالباً بهِ لـ “يندمـج”، هبّ صوت الذئب مع الريح “كفو يا ذيبان”.. كان أكل ذيبان للحم الذئب بعد أن صرعه.. قيامة جديدة له. ولعل هذا الإطراء عليه يختصر الكثير…

لـقد انبثقت من دواخل ذيبان شخصية “ذئب” وسط قرية سكانها من “الذئاب”.. هم لم ينقلبوا عليه.. هو وجد مكانا له بين الذئاب (تخلى عن اغترابه) واندماجه لاحقه الثأر حينما كان بشرياً ولاحقه الثأر عندما غدا مستذئباًلكن الفارق عندما لاحقه الثأر حينما كان بشريا مسالما.. ترك كل شيء خلفه ومضى وعندما أحاط به الثأر في القرية (حينما استذأب) نمت له مخالب ذئب.. وتلك الـ “عووووو” في النهاية هي رمزية المواجهة

في نهاية الأمر، أصبح ذيبان اسما على مسمى، هكذا أرادوه وإلا أشهروا في وجهه سيف العـار وثقافة العيب والنبذ والإقصاء.. حتى ما تبقى له من أهله (والدته) كانت سيفاً مُشهرا في وجهه ولعله السيف الأكثر مضاضة. وأيقن أنه لا مكان له ما لم يندمج “قسرا” ويُشفى من اغترابه. وهذا تماما ما نراه في الواقع، لا نُحبذ المُتمايز المختلف.

وذكر محمد المرزوقي ليست فقط في الروايات العربية. تاريخيا، صورة المرأة كانت سيئة في الأدب العالمي وذلك بسبب سطوة الثقافة الذكورية. المرأة في قصص تشيخوف مرتبطة بكل ما هو سيء، فالحركات والحراك النسوي، عالميا، حديث جدا وهو أكثر حداثة في المنطقة العربية ولذلك يبدو الأمر مفهوما وإن لم يكن مبررا أو مقبولا، لكن الرجل هو من كان يرسم ويضع القواعد، ويثير التساؤل هل نستطيع في كل مواقف الحياة أن تكون أنت الذي تريد ولا أنت الذي تريدون؟ هل فعلا يتحقق ذلك فقط بقليل من الشجاعة وكثير من الا مبالاة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى