أخبارثقافة

مناقشة كتاب تمثال دلما

دبي الإمارات العربية المتحدة

سلام محمد

 

نظمت ندوة الثقافة والعلوم جلسة نقاشية لرواية “تمثال دلما” للكاتبة ريم الكمالي الحائزة جائزة أفضل كتاب عربي لمؤلف اماراتي في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الاخيرة 2018، وحضر النقاش علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلي إدارة الندوة وعائشة سلطان عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة الثقافية والكاتبة فتحية النمر والكاتبة أسماء الزرعوني وعدد من المثقفين والمهتمين.

استهلت إدارة الندوة صالحة عبيد عضو مجلس إدارة الندوة رئيس لجنة الشباب بوصف رواية تمثال دلما بأنها تمثل التوق إلى سبر الغيبيات، والمعرفة والسفر، التوق للمجد والبحث… تمثال دلما يمثل الارتفاع التصاعدي لسيرة إنسان تخيل جموعاً عاشت على مدى سنوات الحضارات البشرية .. ولا تريد أن تشبع .. تبحث ولا تجد.. تطمع أحياناً فتقع وتسمو فتحلق، فنسير مع شخصية نورتا في الرواية وقد نشهق متقاطعين مع جانب راغب في دواخلنا، وق نمد ألسنتنا الساخرة مع العالم، والمكتفية ونحن نرانا في بعض “سدهاشا” مثلا، وقد تتلبس الحيرة بنا مع حيرة “إزمي” وهي تحاول أن تفهم وتجد فتتعثر، ويحدث أن نحب فنجد أنفسنا في شخصية “أوشوم”، وتساءلت عبيد عما يمثله المكان في رواية تمثال دلما، خاصة وأن الكاتبة قطعت عديد من الرحلات إلى دلما لمحاولة المزج بين الخيال وواقع الجزيرة؟

وعقبت الكاتبة ريم الكمالي بقولها بداية أنها مغرمة بأدب الجزر، ولأنها بنت الساحل، وكانت تبحث عن جزيرة تتسم بالحياة والطبيعة والبشر، فكانت جزيرة دلما في أبوظبي ولكنها تبعد عنها، والتي تحتاج إلى طائرة لتصلها، وسردت المصاعب التي لاقتاها للوصول إلى دلما في بداية تعرفها على المكان.

وأضافت الكمالي أن الرواية تتضمن ثلاثة محطات جزيرة دلما، ودلمون (البحرين) أرض الخلود وذهبت إليها بسهولة، وأورك (الوركاء) في جنوب العراق والتي لم تستطع الذهاب إليها، ولكنها ذهبت إلى برلين لترى متحف أورك كما نقل كآثار في برلين، أما دلما فأخذت وقت حتى تعرف السبيل للوصول إليها خاصة بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في الرواية، ووجدت سيدة مصرية تعيش في أبوظبي قد صممت موقعاً لجزيرة دلما وطريقة الوصول إليها وساعدتها هذه السيدة وذهبت معها إلى جبل الظنة ثم استقلوا عبارة إلى موقع الجزيرة التي وجدتها حوال 5 كيلومتر يتسم بطبيعة إنسانية حيث كانت تبحث عن الإنسان في الجزيرة، وكان متحف المريخي أما الشاطئ وتتسم الجزيرة بطبيعة رائعة غروب مميز وشمس ساطعة، حجارتها كلسية وملونة مما حدا بها لتغيير نصها الأدبي الذي كان أحد شخوصه نحاتاً ينحت إلهاً للصيرورة، وتفاجأت بهشاشة الحجارة في الجزيرة ما يعد مغايراُ لفكرة النص، وسألت مسؤول متحف المريخي عن حجارة يمكن النحت عليها، فدلها عن أعداد قليلة منها وبأحجام كبيرة وكانت تتسم باللون الرمادي ومع البحث اكتشفت عديد من الأشياء والحكايات في الجزيرة.

وأكدت أنها في بداية الرواية وصفت كيف عثر نورتا البطل النحات في الرواية على الحجر ليدحرجه قليلاً ليصل به إلى المعبد ليبدأ عمله نحت الاله.، وكانت العين هي الأساس في نحت التمثال لما تمثله دائرية العين من فلسفة فالأرض دائرية وبطن الأم الحامل دائرية وكثير من الديانات كانت الدائرة مقدسة لديها، فدائرية العين تمثل محوراً أساسياً ورمزياً في العمل.

وأكد علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة أن رواية تمثال دلما مختلفة بشكل كبير عن الرواية الأولى للكاتبة (سلطنة هرمز)، من حيث طريقة الطرح والعمق في الوصف، حيث كان الرتم تصاعدي حتى وصل في النهاية بالمفاجأة وهي غرق الإله، وما لفته أيضاً الحوار الداخلي لبطل الرواية الذي يسرد الأحداث التي تمر به، وأيضاً الإبحار في مختلف الحضارات، والحيرة التي استبدت بالبطل عندما قرر اختيار طريقة نحت عين الإله والتي تمثل واحدة من عقد الرواية، كذلك العقد الداخلية من الفقر إلى الغنى، كذلك الشخصية الأكثر تأثيراً “سدهاشا” ملهم الموتى، وحيرته بين الشك واليقين. كل هذه العوامل تمثل مكونات عقد الرواية، ونهايتها بالتهام الأسماك لجسد البطل وغرق التمثال (الإله) في البحر الأسفل. وأشاد بتوفيق الكاتبة في السرد واختيار الكلمات ولحظة التنوير والتي تمثلها نهاية الرواية.

وتساءلت غالية خوجة (صحفية) لماذا تضم الرواية نصين أحدهما كتب بلون داكن والآخر بلون عادي، وما دلالة الغرق في خاتمة الرواية، وهل هناك تعالق ما بين الجدة وابنتها والمعبد، كما أن هناك محاولة للدخول في ذاكرة المكان ولكن بطريقة مختلفة، فهل تمثل الرواية بحث عن الروح أم غرق للروح؟

وأكدت الكمالي أن النص الداكن هو حديث البطل مع نفسه (حوار داخلي) أما النص العادي فهو السرد في الرواية، أما غرق إله الصيرورة فهو انعكاس لشخصية البطل المتمردة والتي تبحث وتبحث وعندما تجد تظل تبحث أيضاً. ولذا تماثل البطل النحات مع التمثال (الإله) الذي نحته. وأضافت أنها تخيلت أن البطل هرب وأغرق تمثاله لأنه لا يرغب في أن يأخذه أحد.

وذكرت الكاتبة فتحية النمر أن بأن لغة الكتابة في رواية تمثال دلما محملة بدلالات وسلسلة وبعيدة عن الزخرفة، أخذ البعض على العمل كثرة شخصياتها، ولكني أرى أنها أساسية فالشخصيات الأساسية ضرورة للعمل السردي والشخصيات الثانوية تكمل العمل فهناك شخصيات متمردة ولا متنمية ولكنها موجودة.

وتساءلت النمر من المعروف أن الرواية التاريخية إما تتناول فترة زمنية معينة أو أحداث أو شخصيات لإبرازه، ولكن تمثال دلما ركزت على مرحلة ما قبل الأديان في هذه البقعة من الأرض لتبرزها، وإن كان الأمل يتطلب عدم إغراق التمثال لرمزيته بالنسبة لمعالم الحضارة.

وأضافت الكاتبة ظبية خميس أن الرواية خيال حضاري، فهناك أماكن في العالم العربي فيها شواهد حضارية كالحضارة الفرعونية في مصر، والحضارة البابلية في العراق، فلماذا اختارت ريم هذه الرواية في هذا المكان والذي لا يتضمن شواهد حضارية واضحة، وكان الاتكاء الأساسي في الرواية على الحضارة العراقية وامتداداتها في المنطقة، مما يثير سؤال لماذا المكان؟

وتساءل عائشة سلطان عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة الثقافية عن المنهجين اللذين اتخذتهما الكاتبة في سرد الحكاية، أولا ما عرف في الرواية العربية بتيار الوعي والذي ظهر كثيراً في علاقة بطل الرواية بنفسه ومهنته وحواره حول كل التفاصيل ما يمثل نضج في تجربة الكاتبة، والتيار الثاني التيار التاريخي والسؤال لماذا يذهب الروائي للتاريخ فكثير من الروائيين مثال نجيب محفوظ الذي ذهب في بدايته للتاريخ الفرعوني، ثم انتقل للحارة المصرية كذلك أمين معلوف في كتابته التاريخية، ويوسف زيدان واتكاءه على التاريخ والمنسي قنديل وغيره من الكتاب سواء للهروب من الكتابة في الوقع للاحتماء به أو لإيصال فكرة محددة، فلماذا ذهبت الكاتب للتاريخ؟

وأجابت الكاتبة بأن الكتابة في التاريخ تعطي مساحة وحرية للكاتب للتعبير عما يريده من خلال شخوص العمل الأدبي، فالتاريخ القديم يعطي للعمل الأدبي غنى وشغف ودهشة وتشوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى