اختتام فعاليات الدورة التاسعة من مؤتمر الموارد البشرية الدولي
بحضور ومشاركة 700 خبير ومختص في المنطقة والعالم
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
شدد المشاركون في مؤتمر الموارد البشرية الدولي التاسع، الذي عقدته الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، برعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، على ضرورة أن تواكب الحكومات والمؤسسات على اختلافها التطورات التكنولوجية المتسارعة، وتوظيفها في خدمة وتطوير منظومة العمل المؤسسي، والاستثمار في رأس المال البشري، من خلال التدريب والتطوير والتمكين، والاهتمام بتنمية وتعزيز المهارات والكفاءات النوعية، التي يحتاجها سوق العمل في ظل التطور التكنولوجي المتسارع.
وأكد المشاركون في المؤتمر الذي اختتم أعماله اليوم “الخميس”، في دبي، تحت عنوان “تحديات رأس المال البشري في ظل الثورة الصناعية الرابعة” على أهمية الدور الملقى على عاتق المؤسسات والقادة بشكل عام، وإدارات الموارد البشرية خصوصاً في استقطاب المهارات والكفاءات والاحتفاظ بها، وتطوير المهارات الشخصية والتكنولوجية لموظفيها، وتوفير بيئة عمل سعيدة، تساعد في دمج الموظفين، وتحقق مستويات عالية من الإنتاجية، وتخلق التفاعل الإيجابي بين الموظفين.
وأجمع المشاركون على أن نجاح الدول مرهون بمدى اهتمامها بالإنسان، الذي يعد الثروة الحقيقية، ورأس مالها الأهم، وأن الذكاء الاصطناعي سيغير طبيعة المهارات والعرض والطلب على الوظائف جذرياً، لافتين إلى أهمية العنصر البشري الذي يبقى هو محور العمل المؤسسي مهما تعاظم حجم التطور التكنولوجي، حيث يرتفع الطلب على أصحاب المهارات كلما زاد الزخم والتطور التكنولوجي، ويبقى مستقبل العمل بشري مهما تحدثنا عن التكنولوجيا.
آلية جديدة لقياس مستوى تطور ونضج كفاءة إدارات الموارد البشرية
وتضمنت أجندة اليوم الثاني من المؤتمر الذي حضره قرابة 700 من المختصين والمهتمين بالموارد البشرية في المنطقة والعالم، العديد من الموضوعات الهامة والتي استهلت بجلسة لسعادة عائشة السويدي المدير التنفيذي لقطاع سياسات الموارد البشرية في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، وتطرقت خلالها للحديث حول الآلية الجديدة التي أعدتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، لقياس مستوى تطور ونضج كفاءة إدارات الموارد البشرية وممارساتها، في مؤسسات الحكومة الاتحادية، وذلك وفق مؤشرات ونماذج عالمية معدةٍ لهذا الغرض، تم تطويرها بما يتناسب وطبيعة عمل الجهات الاتحادية.
وأوضحت سعادتها أن الهيئة أعدت الآلية الجديدة بالتشاور مع الوزارات والجهات الاتحادية وفق منهجية علمية واضحة قائمة على توفر بيانات الموارد البشرية ذات الصلة من خلال أنظمة الموارد البشرية الإلكترونية، وبما يدعم توجهات الحكومة الاتحادية، ويواكب ديناميكية تطور العمل الحكومي لدولة الإمارات.
وأكدت أن نتائج هذه الآلية تستند إلى مؤشرات ونتائج الوزارات والجهات الاتحادية المستخرجة من نظام إدارة معلومات الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية “بياناتي” ونظام التقارير الذكية التابع له.
وبينت أن الهدف من استحداث آلية قياس مستوى تطور ممارسات الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية هو: (تطبيق نموذج موحد وموضوعي لقياس مستوى تطور ممارسات الموارد البشرية الحكومية، وتطوير مستوى أداء إدارات الموارد البشرية، وفقاً لأفضل المعايير والممارسات العالمية، بحيث يكون لها تأثير عال في وظائفها على تطور الموظفين وتحقيق الخطط الاستراتيجية للمؤسسات).
وذكرت سعادة عائشة السويدي أن الآلية الجديدة لقياس مستوى تطور إدارات الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية، ستتيح تقييم الوزارات والجهات الاتحادية، وفق أربعة محاور أساسية هي: (الحوكمة، وكفاءة التوظيف، والدمج والإشراك، ومحور التطوير)، مبينة أنه سيتم إدراج مجموعة من المؤشرات تحت كل محور وتكون مرتبطة به، وسيتم تخصيص أوزان لهذه المحاور حسب أهميتها.
التكنولوجيا والفكر
وفي جلسة بعنوان “التكنولوجيا والفكر كيفية العصف الذهني والتركيز والإبداع عند استخدام التكنولوجيا”، قالت الدكتورة ليزا بيلانجر، الخبيرة الدولية في علم فسيولوجيا الرياضة وتغيرات السلوك، أن التكنولوجيا تتطور بشكل مذهل، لذلك يجب علينا أن نعمل بشكل أفضل، حيث أن بعض الناس والموظفين يقضون نحو 11 ساعة يوميا في استخدام التكنولوجيا.”
وتحدثت بيلانجر عن عادات تحفز الدماغ على التفكير والتركيز والإبداع عند استخدام التكنولوجيا، مشيرة إلى أن بيئة العمل يجب أن يكون فيها “استراحات فعالة” للموظفين، يستطيع فيها الموظف الانفصال عن العمل ويتواصل مع الطبيعة والآخرين، ويتوقف عن استخدام التكنولوجيا والتفكير في العمل.
وأكدت أهمية الابتعاد عن ضغوط العمل والتكنولوجيا معا خلال ساعات الدوام، منوهة إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت أن السير يوميا لمدة 30 دقيقة فقط تزيد الإنتاجية من 20 إلى 30 % للموظف، حيث يؤدي السير بشكل منتظم الى التخلص من الضغوط .
وذكرت أن الأعمال الخيرية التي يقوم بها الموظفون، تؤدي إلى نتائج إيجابية في العمل، تتمثل في زيادة الانتماء والولاء الوظيفي، وبالتالي من المهم أن تشجع المؤسسات والجهات موظفيها على الأعمال التطوعية والمجتمعية.
وأكدت بيلانجر، أن مثل هذه الأشياء البسيطة لها عوائد كبيرة، أبرزها تعزيز الارتباط بالعمل وتؤدي إلى خفض مستويات التوتر، مشيرةً إلى أن الشركات والمؤسسات بدأت تقوم بالفعل بذلك، وهو ما أدى الى خفض معدل الدوران الوظيفي.
من جهتها، ذكرت الدكتورة كيلي موناهان، المسؤول الأول في إدارة البحث عن المواهب، وخبيرة السلوكيات التنظيمية بالولايات المتحدة، أن الاحتفاظ بأصحاب المواهب في العمل، أصبح مشكلة ومعضلة تواجه جهات العمل، مبينة أن فهم احتياجات الموظفين واحتياجات سوق العمل، لم تتطور بشكل كاف رغم التقدم الكبير في التكنولوجيا، الذي أدى إلى تغير أدوار الموظفين.
وأشارت موناهان، إلى وجود 5 اتجاهات تشكل مستقبل العمل، تتمثل في (انخفاض تكلفة التكنولوجيا، وارتفاع وتيرة استخدام البيانات، والقدرة على الابتكار والإبداع، بالإضافة إلى ظهور أشكال جديدة من العمل والتوظيف على مستوى العالم، واتجاه تيسير العمل والمرونة).
“استدامة رأس المال البشري في الثورة الصناعية الرابعة”
بدوره أكد مستشار أول الأداء الحكومي في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، الدكتور أحمد النصيرات أن الانسان هو أثمن ما تملكه الأمم والشعوب، وعلى الدول الاستثمار فيه، كونه أساس نجاحها أو فشلها، وطالب كافة المؤسسات بالعمل على تطوير ما لديها من موارد لشرية؛ لتحقيق النجاح المنشود.
وقال: “إن الإدارة الحكومية إذا كانت تتبع طرق سليمة، ناجحة في إدارة مواردها البشرية فإنها تنهض بالوطن، وإذا أدارتها بشكل خاطئ فإن بلادها تعاني الويلات والمشاكل”، مؤكداً أن الإنسان هو الثورة الحقيقية لكل أمة، وأداتها الفعالة لتحقيق النجاح” .
وأضاف: “إن أغلب تحديات المؤسسات هي إنسانية بالدرجة الأولى، فمقدار نجاح كل مؤسسة يقاس بمدى اهتمامها بعنصرها البشري، كما أن أهم سمات القائد الحقيقي هو الاهتمام بكادره البشري والعمل على تطويره، وتعزيز ثقافة العمل بروح الفريق”.
ولفت إلى أن المستقبل القريب سيشهد اندثار الكثير من الوظائف التقليدية، التي سيقوم بها الروبوت وتقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي سيدفع أصحاب هذه المهن إلى تطوير مهاراتهم وقدراتهم للاستمرار في سوق العمل، حيث سيخرج كثيرون منه في حال لم يطورا مهاراتهم .
وأكد أن الثورة الصناعية الرابعة أثرت بشكل كبير على قدرات الأشخاص وأساليب الحياة والمعرفة والتعليم، مطالبا المؤسسات والدول بضرورة العمل على استشراف المستقبل، وإعداد الخطط والاستراتيجيات التي تتماشى معها.
“قيادة القوى العاملة من خلال التحول الرقمي في ظل الثورة الصناعية الرابعة”
من جهته، أكد الدكتور مراد منصور، أستاذ مساعد في مجال الإدارة، ومرشد ومتحدث عالمي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المملكة العربية السعودية، أن الثورة الصناعية الرابعة القائمة على الجانب التكنولوجي والرقمي تسببت بتطورات إيجابية قوية في كل القطاعات بما في ذلك القطاع الحكومي، وأن الاستخدام المكثف للتكنولوجيا سيؤدي إلى إحداث تغييرات سريعة في الطريقة التي تؤدي بها المؤسسات الحكومية وظائفها، مطالباً الموظفين في القطاع الحكومي بأن يكونوا سباقين في صياغة هذه التقنيات، واحتضان التغيير، وإدراك أن طبيعة وظائفهم ستكون مختلفة تماماً عما اعتادوا القيام به.
مهارات الموظفين ومتطلبات المرحلة
من جهتها أكدت أسيل حمودي نائب الرئيس لإدارة الكفاءات والمواهب بشركة بترول أبوظبي الوطنية أدنوك أن الموظفين مطالبون بتنمية مهاراتهم لتتناسب مع متطلبات العصر والتغيرات الكبيرة التي يشهدها سوق العمل عالمياً، مشيرةً إلى أن أدنوك تسعى الى استثمار كافة طاقات الذكاء الاصطناعي المتعلقة باختيار العنصر البشري وتأهيله باستمرار وإدماجه في منظومة الذكاء الاصطناعي، واختيار الوظائف الملائمة لتحقيق نتائج إيجابية.
الذكاء الاصطناعي حليف الموارد البشرية
بدوره لفت جون هانسين نائب رئيس تطوير الخدمات السحابية الخاصة بإدارة راس المال البشري في شركة أوراكل بأستراليا إلى أنه أصبح لدى مختصي الموارد البشرية حليف جديد الآن وهو الذكاء الاصطناعي، فمن خلال توظيف أحدث التطبيقات والبرامج التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، يمكن للمؤسسات الخوض في تجربة الموارد البشرية المستقبلية بدءاً من اليوم.
ولفت هانسين إلى أن شركة أوراكل تهتم بتنمية رأس المال البشري باستخدام تكنولوجيا خاصة، وبأن يكون العمل أكثر ابتكارا ومرونة وسهولة، مشيرة إلى أنه أصبح من الضروري استثمار كافة أشكال الذكاء الاصطناعي حتى عند البحث عن فرصة عمل.
الاستعداد للمستقبل وسبل النجاح في بيئة الأعمال
من جانبه، ناقش همون اختياري، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Audacious Futures في كندا المصطلحات الشائعة والعناوين الرئيسية التي نسمعها اليوم مثل التكنولوجيا والتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والأتمتة والديموغرافيات، والتي أصبح من الصعب على الأشخاص فهمها واغتنام الفرص التي تتيحها.
“الابتكار في ظل تكنولوجيا الموارد البشرية”
من جانبها، أشارت سارة عبدالله، أخصائي موارد بشرية في شرطة دبي، إلى أنه وفي ظل الحاجة المتزايدة إلى برامج التخطيط للاحتفاظ بالموظفين وتعاقبهم في الشركات، لاسيما بالنسبة لأولئك الذين يعتلون مناصب قيادية أو الموظفين الموهوبين، فإن المؤسسات بحاجة إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها وإيجاد طرق لتحديد هذه المجموعة من الأشخاص في مرحلة مبكرة، والعمل على إعدادهم وتهيئتهم للاستفادة من فرص العمل المستقبلية.
تخطي مفهوم الوظيفة التقليدية
أشار لويس غاراد استشاري ومستشار اول في ميرسر الشرق الأوسط بسنغافورة في جلسته التي جاءت تحت عنوان “ازدهار القوى العاملة في القرن الواحد والعشرين” أن أسباب التزام 50% من الموظفين في العمل يعتمد على حبهم للعمل، وتحقيق الثقة وإعلاء قيم الانتماء والرغبة في تحقيق الذات.
وتناول غاراد خلال الجلسة الأهداف التعليمية لازدهار القوى العاملة، والتي تضمنت فهم التغيرات الاجتماعية والفنية والجغرافية التي تؤدي الى التحولات في احتياجات وتحديات وطموحات القوى العاملة، وفهم السيكولوجية النفسية للازدهار في العمل، كما سلط الضوء على التحديات التي تواجه المؤسسات والشركات الحريصة على إظهار القوى الكامنة لدى موظفيها، بالإضافة الى التعرف على دور التكنولوجيا الحديثة في مساعدة الموظفين على تطوير خبراتهم
عقد مؤتمر الموارد البشرية الدولي التاسع بالتعاون مع اندكس للمؤتمرات والمعارض-عضو في اندكس القابضة، وبرعاية شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك)، وشركة SAP الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبدعم كل من جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية SHRM، ومجمع دبي للمعرفة.