لن يعود العالم الذي كان الإنسان يحياه قبل أزمة تفشي مرض كورونا ، فهو من الأمراض المستعصية التي تكاد تعصف بالجنس البشري فهو يساهم في تشكيل ذاكرة الإنسان وسلوكه وتصوراته ، كما يلاحظ أن تلك الأمراض وما يصاحبها من أزمات تشهد تحولات دولية كبرى على صعيد التحول التقنيى الاجتماعي وعلى المستوى الاقتصادي السياسي وأيضاً على مستوى سوق العمل .
على الصعيد الاجتماعي :
بسبب تفشي فيروس كورونا يتصور علماء النفس الاجتماعي أن الإنسان سوف يحافظ على بعض التغيرات سلوكية لبعض الوقت، فسوف تتغير أساليب التحية بين الناس. إضافة إلى ظهور سلوكيات التأمل والتفكير العميق بدلاً من التقدم المتسارع المستمر ، وهي انعكاسات لتغير نمط الاستهلاك البشري ، كما تظهر سلوكيات الاقتراب العائلي والبحث عن الأصدقاء ،وتوطيد العلاقات بين الجيران والأصدقاء ، وقد يتخطون بعض الخلافات .
على صعيد سوق العمل :
وهناك العديد من التحولات التي حدثت في سوق العمل لعل أولها هو حجم العمل المفقود أو الوظائف التي أُلغيت، فبنظرة استشرافية نجد ان هناك عددا كبيرا من الوظائف التي يمكن أن تلغي مستقبلاً بسبب الإغلاق الاقتصادي عالمياً فقد ، فقد أشارت أحدث دراسات منظمة العمل الدولية إلى أن هناك 25 مليون شخص فقدوا وظائفهم وهذا الرقم أعلى بنحو 2 مليون شخص عن عدد الذين فقدوا وظائفهم خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 . وقد أصبحت الإجراءات الوقائية والحجر الصحي الذي تمارسه دول العالم مصدراً لتهديد عدد (1.6) مليار عامل في الاقتصاد غير الرسمي وهو ما يتجاوز نصف القوى العاملة العالمية البالغ (3) مليار عامل ، كما أن التزام الناس في المنازل لتطبيق العزل الصحي فهم مجبرون على ممارسة أنشطة حياتهم اليومية دون الانتقال إلى مواقع عملهم فهم مجبرون أيضاً أن أداء مهامهم الوظيفية عن بعد لكي تصبح (منظومة العمل عن بعد) قاعدة وهو ما يتسبب في اختفاء المكاتب مستقبلاً ، وهو ما سيؤثر على القطاع العقاري الذي سيفقد كثيرًا من الطلب على العقارات التجارية ، وهو ما سوف ينعكس على الصناعات المرتبطة بهذا القطاع مثل : كالخدمات اللوجستية، وخدمات الصيانة والأمن، وصناعة الأدوات والأجهزة المكتبية ، وسيدفع هذا إلى تقليص الكثير من أحجام الأعمال
على الصعيد الاقتصادي :
اثبتت ازمة كورونا أن الدول ينبغي أن تعتمد على ذاتها وعلى مقوماتها وإمكاناتها وأدواتها ومزاياها وقدرتها على مواجهة الأزمات ، فقد سقطت أقنعة الدول العظمى باعترافها بفشل السياسات الصحية وضعف القدرات واختفاء البرامج والآليات اللازمة لمواجهة كورونا ، في حين أن الدول العربية ما زالت صامدة أمام هذا التحدي (كوفيد – 19) . فدولة مثل الإمارات العربية المتحدة تتعامل مع المرض بجدية كاملة شملت رعاية العمالة الأجنبية سواء بسواء مع المواطنين دون تفرقة لأنها جزء من المجتمع ، وفي تزامن مع انتشار الفيروس أطلق صاحب السمو الشيخ محمد زايد ال نهيان : مبادرة “لاتشلون هم” في رسالة طمأنة جميلة للشعب الإماراتي . وفيما يتعلق بالمستقبل وبعد انتهاء الأزمة أصبح من الضروري انتهاج رؤية طويلة المدى ومستمرة تعتمد على الدراسات العلمية والطبية لمواجهة التحديات وتوفير الاحتياجات تبدأ بتحديث المناهج التعليمية التطبيقية لضمان توفير أيدى عاملة تتميز بالمهارات التقنية المناسبة لتحديات المستقبل ،كما ولابد من الاهتمام بالمنظومة الصحية مع وضع حوافز لتوطين العاملين في هذا القطاع (أطباء –تمريض – مسعفون – خدمات الإسعاف) مع توفير الأبحاث اللازمة لتطوير صناعة الدواء . وهذا يمكن أن يتحقق بتضافر جهود الجميع وتشارك الدولة مع القطاع الخاص وتقبل المجتمع وتعايشه مع المفاهيم والسلوكيات المستحدثة والتي أفرزتها أزمة كورونا .والمستقرئ لتعامل دولة الامارات العربية المتحدة ترى روحا إيجابية في تعاملها مع جائحة كورون دون تضخيم أو تقليل من شأنها بل التعامل معها برؤية مسؤولة تقوم على التعاون بل الاعتماد على المجتمع بما فيه من مواطنية ومقيمين و زوار وعلى بيل المثال على تعامل دولة الامارات العربية الراقي مع الازمة سمت الحجر المجتمعي بالتعقيم الوطني حتى يستشعر الجميع ان المسؤولية مشتركة بين الدولة وأجهزتها الحكومية والأمنية والشرطية والاسعافية مع المجتمع المدني ، وتكوين فريق عمل واحد لمواجهة الوباء بكل قوة وجسارة .وهذا بيت القصيد