الذكرى الـ 29 لتخلي كازاخستان عن الأسلحة النووي تضرر مليون ونصف شخص و 450 تجربة نووية
اليوم العالمي لوقف التجارب النووية
نور سلطان – كازاخستان
سلام محمد
يحتفل العالم وكازاخستان اليوم بالذكرى الـ 29 لتخلي هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى عن رابع أكثر ترسانة أسلحة نووية تدميرية في العالم ورثتها عن الاتحاد السوفيتي، عبر أغلاق أكبر موقع للتجارب النووية في مدينة “سيميبالاتينسك” الكازاخية، التي شهدت خلال أربعين عاماً إجراء 450 تجربة نووية عانى منها مليون ونصف المليون نسمة في كازاخستان التي تخلت طواعية عن رابع أضخم ترسانة نووية في العالم، فيما اعتبرت بعد ذلك شريكاً موثوقاً به للمجتمع الدولي بشأن القضايا المتعلقة بحظر الانتشار النووي، ونزع الأسلحة، والطاقة الذرية السلمية.
وقد أقرت الأمم المتحدة اقتراح الرئيس نزارباييف اعتبار يوم 29 أغسطس يوما عالميا لمكافحة الأسلحة النووية، وفي 29 أغسطس 2010 وبمبادرة من كازاخستان، وبدعم من الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة جرى الاحتفال للمرة الأولى عالميا باليوم الدولي لمكافحة التجارب النووية، حيث وقع رئيس كازاخستان الأول مرسوماً بشأن إغلاق موقع “سيميبالاتينسك” للتجارب النووية الذي كان يعد الموقع الثاني من حيث الحجم في العالم، وذلك بعد أن تم تدمير آخر رأس حربي نووي في نفس الموقع السابق للتجارب في مايو 1995، وفي 29 يوليو 2000 كان موقع التجارب ذاته المكان التي تم فيه تفجير النفق الأخير للتجارب النووية.
وبعد حصولها على الاستقلال في عام 1991، تخلت كازاخستان عن رابع أكثر ترسانة أسلحة نووية تدميراً في العالم ورثتها عن الاتحاد السوفيتي، وفي 29 أغسطس 1991، أغلقت أكبر موقع للتجارب النووية في سيميبالاتينسك، والذي أصبح أهم مساهمة في تعزيز عدم الانتشار. النظام الحاكم.
وفي 2 ديسمبر 2009، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإعلان 29 أغسطس يومًا عالميًا لمناهضة التجارب النووية. وبحسب القرار، تقام فعاليات سنوية لتذكير العالم بالعواقب الوخيمة للتجارب النووية ومنع استئنافها في المستقبل، مما يعني اعترافا من المجتمع العالمي بأهمية تاريخ 29 أغسطس، يوم الإغلاق الرسمي لموقع اختبار “سيميبالاتينسك”، الذي له أهمية تاريخية ليس فقط لكازاخستان، ولكن للبشرية جمعاء.
وفور إغلاق موقع “سيميبالاتينسك” للتجارب النووية بدأت حقبة كازاخستان خالية من الأسلحة النووية، حيث مثَّل الخيار الذي اعتمدته حكومة الدولة الفتية خطوة حاسمة نحو التخلي الكامل عن الأسلحة النووية المتبقية في كازاخستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وهكذا استندت السياسة الخارجية للبلد المولد حديثاً إلى مبادئ التحرك نحو عالم خال من الأسلحة النووية، وفي هذا الصدد يمكن للمرء تحديد المراحل الرئيسية لإستراتيجية كازاخستان لعالم خال من الأسلحة النووية.
ففي ديسمبر 1993 صادق المجلس الأعلى لكازاخستان على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ومنذ شهر فبراير 1994 أصبحت كازاخستان عضواً في الوكالة العالمية للطاقة الذرية، ووضعت جميع منشآتها النووية تحت رقابة الوكالة. وفي أعقاب تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1996 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي أصبحت تمثل حجر الزاوية للأمن الدولي وعدم انتشار الأسلحة النووية، صادقت كازاخستان أيضاً على هذه الوثيقة وأصبحت مشاركاً فعالاً في جميع الأنشطة في إطار تنفيذها العملي.
وفي عام 2006 وقعت كازاخستان إلى جانب غيرها من بلدان آسيا الوسطى على معاهدة “سيميبالاتينسك” لمنطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية، والتي أصبحت مساهمة هامة في تعزيز الأمن الإقليمي. وفي 21 مارس 2009 دخلت المعاهدة حيز النفاذ. واعتبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعاهدة مساهمة حقيقية في تنفيذ معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والعملية العالمية لنزع السلاح وعدم الانتشار النووي.
وفي الاطار نفسه احتضت كازاخستان، ولكونها أحد أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، مقر البنك الدولي للوقود النووي على أراضيها، باعتبار ذلك مساهمة ملموسة منها لتعزيز نظام منع انتشار الأسلحة النووية وإزالة تلك “البقع البيضاء” الموجودة في القانون الدولي على حق بعض البلدان في تطوير برامجها الوطنية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
ويتمثل الغرض الرئيسي للبنك في تقديم إمكانية الحصول على المواد النووية للبلدان التي ترغب في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية ولكنها تفتقر إلى الموارد المحلية الكافية، وفي هذه الحالة لا يشكل البنك أي تهديد بيئي للبلد، إذ تمتلك كازاخستان وفقاً لخبراء دوليين تكنولوجيات آمنة لاستخراج ومعالجة وتخزين المواد المشعة. ووعدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتوفير الرقابة على أداء البنك.
في هذا الصدد يقول نزارباييف: “إن كازاخستان مستعدة ليس فقط لاحتضان البنك على أراضيها، وإنما أيضاً لضمان التخزين السليم للوقود النووي”، و”يمكنني أن أؤكد لكم أن كازاخستان لن تتجاوز الخط الفاصل بين البرامج النووية السلمية والحربية.”
وقد تم الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية لأول مرة في عام 2010. ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفال بهذا اليوم كل عام في جميع أنحاء العالم من خلال العديد من الأحداث، بما في ذلك الندوات والمؤتمرات والمعارض والمسابقات والمنشورات والمحاضرات في المؤسسات الأكاديمية ونشرات الأخبار وغيرها من الأحداث . كما تستضيف الأمم المتحدة مناسبات للاحتفال بهذا اليوم على أساس سنوي.
وبتاريخ 26 أغسطس 2010، استضافت نور سلطان (في ذلك الوقت أستانا) مؤتمرًا مخصصًا لليوم العالمي، بمشاركة تيبور توث، الأمين التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وقيادة الوكالة العالمية للطاقة الذرية ومنظمات دولية أخرى. ونتيجة لذلك، اعتمد المشاركون في المؤتمر بيانًا أشار بشكل خاص إلى المساهمة الهائلة في العملية العالمية لنزع السلاح النووي وعدم الانتشار من قبل الرئيس الأول، الذي اتخذ قرارات تاريخية بالتخلي الطوعي عن حيازة الأسلحة النووية وإغلاق أحد أكبر مواقع التجارب النووية في العالم. كما يدعو البيان إلى التعجيل ببدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
وفي 12-13 أكتوبر 2011، استضاف مدينتي “نور سلطان وسيمي” المنتدى العالمي “من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية”، المخصص للذكرى العشرين لاستقلال كازاخستان والذكرى العشرين لإغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية.
ونتيجة لذلك، اعتمد المشاركون في المؤتمر إعلان أستانا، حيث تم الاعتراف بأن إعلان 29 أغسطس يوماً دولياً لمناهضة التجارب النووية سيسهم في تحقيق أهداف نزع السلاح النووي وعدم انتشاره، وفرض حظر عالمي على التجارب النووية وإيجاد عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
وفي 27-29 أغسطس 2012، استضاف مدينتي “نور سلطان وسيمي” وكورتشاتوف المؤتمر العالمي “من حظر التجارب النووية إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية”، الذي تزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية والذكرى 21 للإغلاق.
في 29 أغسطس 2016، انعقد مؤتمر دولي بعنوان “بناء عالم خالٍ من الأسلحة النووية” في نور سلطان، في إطار انطلاق الحركة العالمية لمكافحة الأسلحة النووية، جنبًا إلى جنب مع المنظمات غير الحكومية المعروفة برلمانيون من أجل عدم استخدام الأسلحة النووية. – الانتشار ونزع السلاح (PNND). تم تخصيص هذا الحدث للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإغلاق مضلع سيميبالاتينسك النووي.
وقد برز المؤتمر، الذي جمع بين أبرز البرلمانيين ورؤساء المنظمات العالمية ورؤساء البلديات والزعماء الدينيين وممثلي الحكومات والخبراء في مجال نزع السلاح النووي، على نطاق واسع وجودة المشاركين وعمله المثمر.
حضر المؤتمر ممثلون من أكثر من 50 دولة. ونتيجة للمؤتمر، تم اعتماد الوثيقة النهائية “رؤية أستانا: من الضباب المشع إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية”.
في 29 أغسطس 2017، وبمشاركة الرئيس الأول لكازاخستان نزارباييف والمدير العام للوكالة العالمية للطاقة الذرية ي. أمانو، تم الافتتاح الكبير لمبنى بنك اليورانيوم منخفض التخصيب التابع للوكالة العالمية للطاقة الذرية في مصنع أولبا ميتالورجيكال. من خلال توفير أراضيها لموقع بنك اليورانيوم المنخفض التخصيب، قدمت كازاخستان مساهمة إضافية في تعزيز منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وإنشاء آلية جديدة تمامًا للإمدادات المضمونة من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى الدول الأعضاء في الوكالة العالمية للطاقة الذرية.
وفي 29 أغسطس 2018، استضافت نور سلطان المؤتمر العالمي لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBTO) “تذكر الماضي، والتطلع إلى المستقبل”، بحضور عدد كبير من الشخصيات البارزة لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1996 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي أصبحت تمثل حجر الزاوية للأمن الدولي وعدم انتشار الأسلحة النووية، صادقت كازاخستان أيضاً على هذه الوثيقة وأصبحت مشاركاً فعالاً في جميع الأنشطة في إطار تنفيذها العملي.
في عام 2006 وقعت كازاخستان إلى جانب غيرها من بلدان آسيا الوسطى على معاهدة سيميبالاتينسك لمنطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية، والتي أصبحت مساهمة هامة في تعزيز الأمن الإقليمي. وفي 21 آذار/مارس 2009 دخلت المعاهدة حيز النفاذ. واعتبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعاهدة مساهمة حقيقية في تنفيذ معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والعملية العالمية لنزع السلاح وعدم الانتشار النووي.
بالإضافة إلى ذلك، بادر نزارباييف التوقيع على المعاهدة الجديدة على المستوى العالمي لعدم الانتشار الأفقي والرأسي للأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه تؤيد كازاخستان الحق المشروع وغير القابل للتصرف لكل دولة عضو في معاهدة حظر الانتشار النووي في تطوير واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مع امتثالها لجميع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
نزارباييف وتغيير مفاهيم العالم
وفي هذا الاطار لابد من الاشارة إلى مشروع نزارباييف لإخلاء العالم من الأسلحة النووية، حيث كان الرئيس الأول لكازاخستان قد تقدم بمبادرة دولية جديدة لحشد الدعم العالمي للقضاء التام على الأسلحة النووية تحت اسم ATOM ويسعى هذا المشروع إلى توضيح العواقب الكارثية الإنسانية الموثقة من تجارب الأسلحة النووية للرأي العام العالمي.
وقد أطلق نزارباييف هذا المشروع في الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر الدولي لعام 2012 لحظر التجارب النووية لعالم خال من الاسلحة النووية في أستانا بكازاخستان، بحضور أكثر من 200 مشارك من أكثر من 20 منظمة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وتضمن المؤتمر مشاركين من أكثر من 70 برلمانا من جميع أنحاء العالم.
وفي إطار المشروع يستطيع أي إنسان ان يقف ضد فكرة الأسلحة النووية بالتوقيع على تلك العريضة على الإنترنت من خلال (www.theATOMproject.org) و فالعريضة تحث حكومات العالم على التخلي عن التجارب النووية إلى الأبد وضمان النفاذ المبكر لمعاهدة حظر النووي الشامل.
ويجري تنفيذ المشروع من قبل مركز الرئيس نزارباييف، الذي يشمل بعثة تعمل من أجل النهوض لتحقيق رؤية، هذا الرئيس القوى، لعالم النووي خالية من الأسلحة.
ويعتقد هذا المشروع أنه آن الاوان للحديث بين الحكومات والرأي العام في جميع أنحاء العالم وعلي مدى خطورة والعواقب المروعة لاختبار أو الإبقاء على الترسانات النووية والتهديدات التي بحوزتهم استمرار خطر على الجنس البشري.
مهمة المشروع هي توحيد الدعم العالمي لوضع نهاية دائمة لاختبار الأسلحة النووية والقضاء التام على الأسلحة النووية من قبل جميع البلدان؛ حيث يسعى إلى مشاركة التقارير الموثقة واهتمامات العلماء والأطباء والخبراء النوويين في جميع أنحاء العالم عن التكاليف الطبية والبيئية للإنتاج الأسلحة النووية وحث الناس على اتخاذ إجراءات ملموسة من خلال التوقيع الدولى على عريضة المشروع.
فهو يركز على تطوير خطوات المتابعة لجهودها التثقيفية والتوعية والاهتمام العالمي المتزايد بشأن التهديدات من الأسلحة النووية وتشمل هذه وضع خطط لتنظيم حركة لإجراء استفتاءات عالمية تمكن الناس في جميع أنحاء العالم لممارسة حقوقها السيادية مباشرة للتعبير عن موقفهم من مسألة نزع السلاح النووي.
و يسلط الضوء على معاناة ضحايا التجارب النووية الفردية على مدى العقود في جميع أنحاء العالم، ويأمل في جذب الانتباه إلى شعوب العالم الذين تعرضوا للتسمم الإشعاعي والذى وصل عددهم إلى 15 مليون من التسمم الإشعاعي، فهناك مناطق تعاني حتي اليوم من الاشعاع النووي مثل كازاخستان وجزر مارشال، واليابان وهنا تجدر الإشارة إلى تصريح بيريك إرين سفير كازاخستان في القاهرة عندما قال ان الاختبارات النووية في بلاده بين عامى 1949 و 1991 قد أثرت سلبا على صحة وحياة ما يقرب من مليون شخص.
فملامح القصص والصور من بعض الناجين وضحايا40 عاما من التجارب النووية في كازاخستان والعواقب المادية الحادة التي عاني منها أبنائها كبيرة جدا، وعلى الرغم من صعوبة الموقف في كثير من الاوقات ولكن في بعض الاحيان يحتاج الامر إلى شهود وهي واردة في هؤلاء الأفراد وفي الحملة من أجل اثبات الخسائر البشرية من تلك التجارب النووية.