اليوم العالمي للمتاحف في ندوة الثقافة والعلوم
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف نظمت ندوة الثقافة والعلوم جلسة نقاشية بعنوان “متاحف الإمارات: الماضي والحاضر والمستقبل” شارك فيها د. رفيعة غباش ود. نجيب الشامسي، ود. منى آل علي، وبحضور الكاتب عبدالغفار حسين وبلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس ود. صلاح القاسم المدير المالي وجمع من المهتمين والمعنين.
أدار الندوة المهندس رشاد بوخش معرفاً المتحف حسب المجلس الدولي للمتاحف (آيكوم) والذي تأسس عام 1946 في باريس، بأنه مؤسسة دائمة غير ربحية تقوم بالبحث وصون وتفسير وعرض التراث المادي وغير المادي.
وأضاف بوخش أن أقدم متحف في العالم هو متحف اينجالدي نانا ويرجع تاريخه إلى 530 قبل الميلاد وأقيم في مدينة أور في العراق، والثاني هو متحف الإسكندرية القومي في مصر وتم إنشاؤه عام 280 قبل الميلاد، والثالث هي متاحف كابيتولين في روما.
أما المتاحف الأشهر من حيث عدد الزوار فهما متحف اللوفر في باريس الذي أنشأ عام 1793، ومتحف الفاتيكان عام 1506م.
وذكر بوخش أن عدد متاحف العالم 104.000 متحف وتضم أمريكا ثلث متاحف العالم (33.000) وعلى مستوى الوطن العربي تضم مصر العدد الأكبر (350) متحف، تليها المملكة العربية السعودية (310) متحفاً، ثم الإمارات 217 متحف (73 حكومي، و144 خاص). وتعتبر إمارة الشارقة الأكثر في عدد المتاحف (58)، ودبي (47) وأبوظبي (42) ورأس الخيمة (39).
وقال بوخش أن أول متحف أنشأ في الإمارات هو متحف دبي (حصن الفهيدي) في مايو 1971، وفي نوفمبر من العام نفسه أنشأ متحف العين الوطني، وتسعى الإمارات إلى إنشاء المزيد من المتاحف مستقبلاً، منهم متحف زايد الوطني 2025، ومتحف التاريخ الطبيعي (بأبوظبي) 2025، ومتحف جوجنهايم للفن المعاصر (بأبوظبي) 2026)، ومتحف حصن الفهيدي (دبي) 2026.
وأكدت د. رفيعة غباش مؤسسة متحف المرأة ومتحف الفن الإماراتي أن هناك من يرى في الثقافة ملاذ للتطور رغم التحديات الراهنة التي تواجه العمل الثقافي، وأن للمرأة دور كبير في الحفاظ على التاريخ، وجاء اهتمامها بالصحة النفسية للمرأة خاصة ما بعد الولادة بعد دراستها للطب، وكرست اهتمامها بدراسات المرأة ودورها في تاريخ الأمم والحفاظ على الثقافة.
وأضافت أن المرأة والأم هي من يحافظ على الموروث الثقافي والقيم والتقاليد وترويه لأبنائها للحفاظ عليه على مستوى التاريخ الإنساني، وتأكد هذا من خلال احتكاكها وارتباطها بالعديد من الشخصيات النسائية على مستوى دول الخليج منهم الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في البحرين والتي تعمل بشغف ودأب في العمل الثقافي، كذلك جهود الشيخة حصة آل صباح في الكويت للمحافظة على التراث، وفي الإمارات انطلقت حركة ثقافية ارتبطت بالمرأة بدء من رواق عوشة بنت حسين للدكتورة موزة غباش ومركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي الذي أنشأته الشيخة شما بنت خالد وصالون الملتقى لأسماء صديقة المطوع وغيرهن من النساء اللاتي يمثل العمل الثقافي لهن استمرارية لا تنتهي.
وذكرت غباش أن العمل البحثي الدائم هو ما قادها لفكرة إنشاء أول متحف للمرأة، وجاءت فكرة إنشاء متحف المرأة بعد شراءها لبيت البنات في سوق الذهب، والذي أوحى لها بمشروع المتحف، تلك الرحلة التي بدأت من عام 2007 حتى عام 2012، وكانت أجمل مراحل العمر هي رحلة البحث عن المعلومة، وتم افتتاح المتحف بعد ست سنوات من العمل والبحث والاستقصاء والتعرف على متاحف العالم. وطور متحف المرأة وأصبح هناك إضافات فأفردت قاعة لزايد وعلاقته بالمرأة، وراشد وعلاقته بالمرأة.
وأكدت غباش أن تستعين ببعض الأصدقاء والأقارب عن تواجد وفود في المتحف إلا أنها أشارت إلى عزوف بعض المدارس وخاصة الحكومية عن زيارة المتحف والتعرف على تاريخ وتراث المرأة الإماراتية.
وأشارت غباش إلى أهمية الاطلاع على ديوان الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي والذي يضم وصف لحياة اجتماعية وثقافية وموروث في تاريخ الإمارات.
وأشادت غباش بالدعم والتشجيع الذي تلقاه من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي وحرصه على مواصلة جمع قصائد الشاعرة عوشة.
وتناول د. نجيب الشامسي مؤسس متحف رأس الخيمة للصور دور المتاحف في تعزيز الهوية الوطنية، وخاصة في ظل وجود ثقافات وجنسيات متعددة في الإمارات، لذلك الحفاظ على الثقافة الوطنية بكل أبعادها ومدلولها أمر ضروري، والمتاحف أداة مهمة في الحفاظ على الهوية الوطنية بما تقدمه من جرعة ثقافية للتعريف بالتاريخ والتراث والمستقبل.
وذكر الشامسي أن هناك الكثير من المتاحف في دولة الإمارات منها الرسمية والشخصية، وفي رأس الخيمة ما يفوق الـ 40 متحف وبذل أصحابها جهود كبيرة للتعبير عن هويتهم، ولكنها تفتقر الجهود العلمية في تصنيف المقتنيات التي تعكس بيئات رأس الخيمة الخمسة (ساحلية – بدوية – جبلية – سهلية – ريفية)، لذلك لابد من تحريك طلاب المدارس والجامعات للتعرف على هذه المتاحف وما تقدمه من معلومات ومعرفة.
وأكد أن المتاحف هي الثقافة الناعمة للدولة، والتاريخ والجذور والتراث الذي نعتز به ونحترمه، وهي أداة لخلق حوار مع الآخر للتعرف على التاريخ لكلا الجانبين، والتعرف على الصناعات والحرف المتنوعة في مجتمع الإمارات، كما تعزز الولاء والانتماء لدى الأجيال الشابة عبر التعرف على تاريخهم وتراثهم.
كما أشار الشامسي إلى أن العمل الثقافي يمثل “صناعة ثقافية” واعدة تنمي الاقتصاد، لذلك تمثل المتاحف والمزارات السياحية والصناعات الحرفية بعداً اقتصادياً مهماً وقوياً، يتطلب التركيز عليها والاهتمام بها والتشجيع على زيارة المتاحف الرسمية والشخصية.
وأردف الشامسي أن متحف الصور الخاص به في رأس الخيمة سلط الضوء على أماكن وشخصيات وأحداث في رأس الخيمة التي تضم كنوز ثقافية لابد من التعرف بها للزائر والمقيم ومختلف الأجيال من أبناء الإمارات.
وسلطت د. منى آل علي نائب رئيس آيكوم الإمارات (أول إماراتية متخصصة في علم المتاحف) الضوء على أبرز المحطات التي شكلت هذا المشهد، وكيف تطور دور المتحف في المجتمع، بعدما كانت مقتصرة على العمل الرسمي، ولكن أصبح للأفراد دور مهم فيها خصوصاً مع التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، والذي ساهم في إبراز المتاحف ودورها.
وذكرت أن بداية ظهور المتاحف كان مع بداية اتحاد دولة الإمارات، وتشكلت صورة الهوية الوطنية وكانت المتاحف أحد أدوات هذه الصورة ولم تكن المتاحف مجرد مباني ولكن كانت هناك حصون وقلاع تم الاهتمام بها وشكلت حضوراً قوياً في تأصيل والحفاظ على التاريخ والهوية الإماراتية.
وذكرت أن عمليات التنقيب والبحث عن الآثار بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي وعثر على الكثير من اللقى والآثار، وتم إنشاء المتاحف للحفاظ على هذه المقتنيات والتراث المادي وغير المادي، إلى جانب الدور التعليمي للمتاحف والذي شكل عصب حقيقي في التعريف والحفاظ على الهوية والتراث.
وأشارت إلى البرامج التي نظمتها متاحف الشارقة للجامعات والمدارس والأفراد لجذب الزوار والطلاب، ولم تكن قلة الزوار أكبر التحديات لأنها مشكلة تعاني منها الكثير من الدول، والجذب من خلال البرامج والفعاليات المتماشية مع روح المتحف أمر مهم.
وعن المتاحف الخاصة أشارت أنها تعكس روح المكان ورؤية الشخص ولذلك لكل متحف جمالياته ودور في الحفاظ على الهوية الوطنية.
واشارات إلى عالمية متاحف الإمارات خاصة بعد افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي الذي يمثل جمالية وتنوع معروضاته، ما يواكب المجتمع سريع التغيير الذي نعيش فيه.
وذكرت آل علي أن دبي ستستضيف مؤتمر الآيكوم (المؤتمر العالمي للمتاحف والذي يعقد كل ثلاثة سنوات)، وهذه الاستضافة لأول مرة في دولة عربية، والذي سيشارك فيه أكثر من 4500 شخص متخصص في المتاحف من كافة أنحاء العالم. وسيسلط المؤتمر الضوء على متاحف المستقبل والتراث غير المادي وتمكين الشباب في المتاحف والتحول الرقمي، كما سيشهد المؤتمر معرضاً ونماذج للمتاحف والتقنيات الحديثة.
وفي الختام عقب بعض الحضور وتساءل البعض عن الاقتناء والبحث، كما تم تكريم المشاركين وسط تفاعل الحضور وإشاداتهم.