دروز بلغراد في ندوة الثقافة والعلوم وصالون المنتدى
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
ناقش صالون القراءة في ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع صالون المنتدى الثقافي بدبي رواية “دروز بلغراد” للكاتب اللبناني ربيع جابر، وبحضور الناشر حسن ياغي مدير دار التنوير، والناقدة اللبنانية سمية عزام، وصديق المنتدى الروائي السوداني عبدالعزيز بركة ساكن، والكاتب المصري هيثم دبور وجمع من الكتاب والمهتمين وجمهور ربيع جابر في الإمارات ومصر ولبنان.
ذكرت الكاتبة عائشة سلطان حينما منحت جائزة الرواية العربية (البوكر) عام 2012 رواية “دروز بلغراد” جائزتها، جاء في حيثيات الحكم أن دروز بلغراد العمل الأكثر تميزاً ولمعاناً واجتهاداً لذلك استحقت الجائزة لتصويرها القوي لهشاشة الوضع الإنساني من خلال إعادة خلق قراءة تاريخية ماضية في لغة عالية الحساسية. وقد استندت لجنة التحكيم في حكمها على تميز اللغة والسرد التاريخي.
وتساءلت عائشة سلطان باعتبار أن الرواية في إطار التخييل والتاريخ، فأين الخيال والتاريخ في الرواية وفي مشروع ربيع جابر عموماً، وهل عنوان الرواية مضلل لأنه لا يتوافق مع المضمون كثيراً.
وأكدت أن اللغة في الرواية على درجة عالية من التمييز وأن الجمل منحوتة بشكل يجعلنا نتوقف عندها، لغة السرد في الرواية مركزة على الوصف بشكل مبدع.
وألقت زينة الشامي الضوء على السيرة الذاتية للكاتب وخصوصية عدم حبه للأضواء، وهو من مواليد 1972 واستقرت أسرته في جبل لبنان وتلقى تعليمه هناك، ودرس الفيزياء، واستهواه الأدب والكتابة، واستقر بعدها في بيروت الغربية ودرس في الجامعة الأمريكية، واتجه للعمل في الصحافة، ويعيش مع زوجته وأسرته بعيداً عن الأضواء. يقول عن نفسه أن هناك شخص في داخله يريد أن يحكي ويحكي وأن الكتابة هي الخلاص الوحيد له.
وذكرت الدكتورة سمية عزام أستاذة اللغة العربية وآدابها أن مناقشة المشروع السردي للروائي يتطلب الإمساك بالخيط الذي يربط كل أعماله الروائية، وربطه بالحياة والتجربة الإنسانية ورؤيته. رواية دروز بلغراد فالعنوان يثير تساؤلات كثيرة لدى القارئ هل هي حكاية الدروز أم حكاية بطل الرواية حنا يعقوب وهو جزء من كل. والالتباس في العنوان مقصود يريد إحداث تساؤلات لدى القارئ.
وقد ارتكز الكاتب في روايته على حادثة واقعية تم فيها ترحيل مجموعة من دروز لبنان إلى سجن في بلغراد. وسياق الرواية يظهر مدى قهر السلطة العثمانية لدروز لبنان وكل طوائفها وكيف سلبت حياتهم وأفسدتها.
وأضاف الروائي عبد العزيز بركة ساكن أن قراءة الرواية التاريخية لا يعتبر محاكاة أو إعادة كتابة للتاريخ، فالرواية التاريخية ممكن أن تتكئ على بعض الأحداث والوقائع التاريخية ولكن السرد في مجمله تخييلي من قبل الكاتب. والرواية بنيت بشكل قوي وتخلو من المرح وجادة بشكل كبير، وبيتها صارمة وحزينة إلى حد بعيد.
وأكد حسن ياغي الناشر ومدير دار التنوير أن علاقة ربيع جابر بالتاريخ علاقة عميقة، وان علاقته بالقراءة فيها الكثير من النهم المعرفي فلديه القدرة على قراءة كتابين في اليوم، وهذا يظهر جلياً في مقالاته وقد حاز على جائزة الصحافة العربية كأفضل كاتب مقال. ويومه منذ الصباح الذهاب إلى مكتبة الجامعة الأمريكية ويجلس يقرأ لساعات طويلة ثم يعود للكتابة. وطبيعته شخصية مرحة ولكنه منعزل وعاكف على الكتابة، وعند الكتابة ينغمس في سرده بعمق.
وأشارت الكاتبة فتحية النمر إلى أن الرواية تضيء على المرحلة الأخيرة من عمر الدولة العثمانية وتقف عند حادثة مركزية وهي ترحيل مجموعة من الدروز إلى سجن الدولة العثمانية في بلغراد وهي رواية تاريخية تعتمد على تقنية الوصف، كما أنها اعتمدت على عنصر الصدفة كنقطة بادية، كما اعتمدت المصادفة البحتة في النهاية في ظل الموت المجاني على امتداد السرد والأحكام الظالمة، والتعذيب والعناء جعلنا نشعر أنه لن يفلت لكن المصادفة وحدها هي التي قادته للخلاص والعودة.
وأضافت د. مريم الهاشمي أن الرواية إنسانية تاريخية واقعية تحمل لمحة من أدب السجون وكيف طغى إنسان على إنسان، وكيف استطاع الإنسان أن يقنع نفسه ان من حقه أن يفعل ما يحلو له دون أن يعاقب، وأن نهاية الرواية تركت في النهاية شيء من الأمل للخلاص من خيبات البشر.
وذكرت هالة شوقي أن الرواية تجعلنا نتوقف عند قدرة الإنسان على إيذاء الإنسان، وأنه أحيانا نوضع في العناء والشقاء دون سبب فقط لسوء الحظ ولكن غالبا تأتي النهايات سعيدة، فالبطل صاحبه سوء الحظ منذ الولادة، وغالبية مشاهد الرواية في ظلم شديد ظلم يجبر الإنسان في النهاية على محاولة الخروج منه. وأضافت أن غالبية أحداث الرواية واقعية لأن الكاتب لديه في نهاية العمل الكثير من المصادر التي اعتمد عليها.
وعلقت الشاعرة رنوة العصيمي بأنها تختلف فيما يخص أن بطل الرواية يحاول التطهر باعتباره مسيحي وقع عليه الظلم، ولكن ما حدث له صدفة ظلم فيها ولم يستطع الخروج منها إلا بعد الكثير من المعاناة.
وتداول الحضور النقاش في الختام وتوافق الجميع على أهمية الرواية وتمتعها بلغة عالية في السرد والوصف والتخييل.