محمد أبو عرب يكتب سيرة لا ذاتية عن الذاكرة وانكسارات المكان في “أبيض”
أطلقه ضمن فعاليات الشارقة الدولي للكتاب 39 وصدر عن دار خطوط للنشر
الشارقة الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
” لا أحد يعلم لماذا كان الماء في بيتنا مالحاً، وحدي كنتُ أعرف، ولم أخبر أحداً..أمي كانت تبكي طوال الليل وتملأ دموعها الغزيرة بقوارير نحيلة، تصفّها واحدة إلى جانب الأخرى على نافذة المطبخ، وكنتُ أنا وأبي نشربها ونرتوي، كنّا نشعر بأن النساء خلقن من ماء، ونحن خلقنا من عطش”.
بغزارة لغوية، وإيقاعات مشحونة بالشجن، صدر عن دار خطوط للنشر- الأردن، العمل الروائيّ الأول للكاتب والشاعر الإردني محمد أبو عرب، في 149 صفحة، يقف فيها بلغة عالية، ورؤية الناظر بصمت على تفاصيل حياة تمرّ سريعاً وبزهو، يسرد تفاصيل مكثّفة مليئة بالمفردات، ومشحونة بالمشاهد والصور والمواقف.
ويروي أبو عرب في عمله سرداً طويلاً من مشاهد اليومي والاعتيادي، كثّفه ببلاغة الوصف، وضمّنه بتصاوير مجددة، ومفردات اختيرت بعناية، فتارة يأخذ القارئ في جولة طويلة نحو مخيّلة خصبة، وأخرى يعبر به نحو ذاكرة ممتلئة بالكثير من المشاهد التي تصف المكان والزمان والرائحة، فيكتب عن روائي يركل بأقدامه حفر الطين، ويكوّن المفردات ككتل من القشّ يوزّعها على عتبات بيوت بعيدة في وصف الحكاية – قصة المكان وأصحابه وظلال تكسّرّت طويلاً-.
ويستحضر أبو عرب في كتابه الكثير من الوجوه والتفاصيل، ويسرد ذاته كأنه يكتب نفسه، وتكتظّ المشاهد الساكنة في الذاكرة، ليترك للقارئ مهمة اكتشاف جرحٍ شرّعه كنافذة، ويقف بوجهه أمام إطار فارغ يراقب حياته وهي تسير ببطء وزهو.