واقع النشر في العالم العربي واستخدامات العربية في الرواية المعاصرة
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
نظمت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب جلسة حوارية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان “تحديات صناعة النشر في العالم العربي” شارك فيها أ. محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب – مصر، د. شكري المبخوت أستاذ اللغة العربية والأدب العربي – تونس
أ. رشا الأمير أديبة وناشرة – لبنان، أ. عبدالله ماجد آل علي – المدير التنفيذي بالإنابة لمركز أبوظبي للغة العربية، أ. جمال الشحي كاتب وناشر – الإمارات.
حضر المناقشة الأستاذ بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة، ود. علي بن تميم والباحث أحمد محمد عبيد وصالحة غابش ونخبة من المهتمين والمعنيين.
وذكرت عائشة سلطان أن الجلسة في إطار الاحتفاء باسبوع اللغة العربية والذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب بالتعاون مع مختلف المؤسسات الثقافية وذلك تأكيداً وإيضاحاً لتقرير واقع اللغة العربية الذي أصدرته الوزارة، وتساءلت حول استخدامات العربية في الرواية العربية، وهل تشكل اللغة العربية حضوراً حقيقياً في الرواية العربية. وهل اللغة العامية أصبحت تشكل حضوراً في الرواية العربية. وما هو واقع النشر في العالم العربي، هل مرضي عنه أم دون المتأمل أم جيد؟
وذكر د. شكري المبخوت أن للرواية دور مهم في تطوير العربية الحديثة وخلق مشكلات جديدة، فهناك تطورات في الأسلوب بدء من محاولة الروائيين العرب محاكاة المقامات، وصولا إلى الكتابات التجريدية الحديثة، مروراً بالتجربة المصيرية في الكتابة وهي تجربة نجيب محفوظ لامتدادها الزماني وقوتها وسنجد فيها أكثر من لغة عربية، ومستويات متعددة ظلت تتطور بتطور التجربة.
وكذلك تجربة الروائي الطيب صالح بدء موسم الهجرة للشمال والتي أخذت تتطور وتقدم عربية أخرى أيضاً، وفكرة أن اللغة الدارجة أو العامية غزت العربية الفصحى تحتاج إلى نقاش أولاً لعلاقة الفصحى بالمحكي واللهجات، والثانية ما هي حاجة الرواية للهجات وإدخالها في العمل.
وأضاف لا أظن أن اللهجات المحلية مشتقة من عربية مثالية، بالعكس الفصحى نفسها وليدة تأليف مشترك بين ألسنة عربية مختلفة كانت تنسب للقبائل ولكن وقع صنع العربية تاريخيا باعتبارها لسان مشترك بين مختلف اللهجات.
وأكد أن البحث الموضوعي لم يحدد كيف تطورت اللهجات في مختلف البلاد العربية، وأن اللغة العربية التي نعيشها اليوم ليست هي الاصل في نشأة اللهجات العربية التي تطورت بالممارسة والممارسات اليومية، وظلت العربية لغة الكتابة والمعرفة والإبداع والرسمية. ومن البديهي أن تدرج في العربية الفصحى اللهجة الدارجة، لأن اللهجة أول من يتلقى الوافد الجديد من مختلف اللغات، وعلينا أن لا نعتبر أن دخول اللجة الدارجة إلى الرواية أمر مسيء.
وعن واقع النشر في العالم العربي ذكر محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب أن صناعة النشر في العالم العربي ضعيفة وذلك لأنها دخلت إلى العالم العربي متأخرة بعض الشيء ما يقرب من 400 سنة بيننا وبين الدول الأوروبية، وكذلك لا تجد مساندة من الحكومات العربية، إضافة إلى انتشار الأمية وضعف عادة القراءة في الوطن العربي والقرصنة وارتفاع الضرائب ورسوم الجمارك على صناعة الكتاب وفرض ضرائب على دور النشر العربية رغم أنها رسالة، وايضا العالم العربي لا ينظر لصناعة النشر على أنها صناعة ثقافية مهمة ولها رسالة، الدولة العربية ليست منتجة لمستلزمات النشر ولا يوجد اهتمام من الحكومات العربية بصناعة النشر وارتفاع رسوم الإعلان والدعاية.
وأضاف محمد رشاد أن المنطقة العربية ليست لديها أي قواعد بيانات عن صناعة النشر، وأن أهم عوامل نجاح صناعة النشر في العالم العربي هو أن يتصدى الناشر لطباعة نشر الكتاب المدرسي وهذا غير موجود في العالم العربي، كذلك أن يتناسب عدد المكتبات العامة مع عدد السكان، وكذلك ضعف عملية التزويد في المكتبات المدرسية والجامعية ومختلف المؤسسات الثقافية، واقتناء الكتب.
وأكد أنه لن تحل مشكلة صناعة النشر في العالم العربي دون تدخل الحكومات العربية، وأضاف أن تضافر الجهود هو السبيل الوحيد لحل مشكلة صناعة النشر
واشاد بالجهود الكبيرة لصاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لدعم صناعة النشر وكذلك للمبادرات القرائية كمبادرة القراءة للجميع في مصر، وتحدي القراءة التي دعمها وتبناها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوب والتي دعمت القراءة وصناعة النشر معاً.
وأكد أهمية المعارض العربية وترويج الكتاب ومحاربة الأمية للنهوض بالنشؤ وصناعة الكتاب.
وأكد جمال الشحي أن واقع النشر في العالم العربي يواجه تحديات كبيرة وأتت جائحة كورونا بالضربة القاضية، ولكن بعض الدول تحاول دعم الكتاب وهذا ما حدث في دولة الإمارات بأنها منحت الناشرين قبلة الحياة للمواصلة، ولكن هناك الكثيرين الذين واجهوا متاعب ومشاق والحلول هي تدخل الحكومة في دعم صناعة الكتاب وبذل جهود متعاونة ومتكاملة للنهوض بتلك الصناعة وأن تكون هناك مبادلة واحدة واضحة الملامح بتضافر جميع المؤسسات الحكومية المعنية.
وأكد أن معدل الأمية في الوطن العربي ليس وليد اليوم، وكذلك مشكلة التوزيع المتراكمة والمطلوب وقفة حقيقية لإيجاد حلول متكاملة وليس وقتية أو آنية.
وأضافت رشا الأميري أن جائحة كورونا كونية ولكن في لبنان توجد الجائحة والظروف الراهنة التي يعانيها، وأن صناعة الثقافة بشكل عام أساسه الحرية وطالما هذا السؤال لم تتم الإجابة عليه في عالمنا العربي سنظل نبحث عنه، وأن هذا الزمن التكنولوجي علينا استغلاله لأبعد الحلول في صناعة النشر، والمطلوب أن نفكر ما معنى صناعة الكتاب.
وأكدت أن دولة الإمارات تحاول أن تكون قاطرة النهوض بصناعة الكتاب من خلال مشاريع عدة ومنها مشاريع الترجمة، والتي تعتبر مصر بمشروعها الثقافي للترجمة من أهم الدول في هذا الاتجاه. وأكدت أن أغلب الكتب التي تنشر بالعربية كتب مترجمة وأنها في كثير من الأحوال تطون فوضوية وغير منظمة. وأهمية عمل مرصد لما يترجم باللغة العربية منها وإليها.
وذكرت أهمية عمل لقاءات مع وزراء التربية والتعليم لربط عملية النشر بالمناهج المدرسية وذلك سيسهم في ارتقاء الجانبين، وأن تعطل مجال النشر سيخلق حالات كثيرة من البطالة والركود. لابد من عمل سياسات واستراتيجيات وفتح طرق وخاصة مع الهيئات التعليمية للنهوض بالنشر والتعليم معا. وخلق روابط لتكون اللغة العربية جامع مشترك.
واضافت أن صناعة النشر في الجانب الخاص بالمناهج الدراسية سواء المدرسية أو الجامعية ينقصه الكثير من الشفافية والمنهجية.
وأكد الأستاذ عبدالله ماجد آل علي أن بعض الناشرين العرب لم يطوروا أدواتهم في صناعة النشر أو الترويج للكتاب أو اختيار العناوين التي تجذب القارئ، هناك دور نشر متميزة في هذا الجانب، ودور نشر تواجه تحديات، ولديه تعاون أكثر مع الإعلام ودورات مهنية في الكتابة وطرق النشر والإعداد. ومن الصعب أن تدهم المؤسسات الحكومية ناشر لم يطور نفسه، وهناك عزوف من القارئ العربي عن شراء الكتب التقليدية والمتكررة سنوياً.
وأنه بالرغم من المنصات والتوزيع الرقمي لازالت هناك عقبات في التوزيع وعلى الناشر العربي تطوير أدواته والعاملين في هذا المجال.
وعن القارئ أكد أن هناك قارئ يبحث عن أنماط محددة في القراءة وأن المسابقات القرائية والأدبية تشجع القارئ في الاختيار، بالإضافة أن التحول الرقمي بدأ يأخذ منحى كبير في صناعة النشر، وأنها وفرت للباحث الكثير من المعلومات ولكنها خلقت تحدي إضافي وهو مصداقية المعلومة ومدى مصداقيتها.
وذكر الباحث أحمد محمد عبيد أن صناعة النشر في العالم تقاس بعدد النسخ التي تنشر، وفي الوطن العربي هناك محاولات جيدة للوصول بحركة النشر لمستوى أعلى ولكنها محاولات فردية، وأنه لابد أن يتوفر النص الجيد والناشر المدرك لعملية النشر بمستوى عالي بفريق متكامل ومتجانس ومدرك لأهمية تلك الصناعة، والنقد الأكاديمي، والقارئ العادي الذي يتلقى الكتاب ويقتنيه.
وتساءلت الكاتبة صالحة عبيد عن دور اتحاد الناشرين العرب للمواجهة كل تلك التحديات
واتسم النقاش بالجدية وخرج بتوصيات أهمها الدعم الحكومي لصناعة النشر، وتطوير العاملين في مجال النشر، وخلق استراتيجية موحدة للتوزيع، بالإضافة إلى الترجمة من العربية إلى مختلف اللغات، وتكوين شراكة بين وزارات التعليم في مختلف انحاء العالم العربي واتحاد الناشرين لما لها من إيجابية للجانبين، بالإضافة إلى المعضلة الكبرى في الدول ذات الكثافة السكانية الجميلة من محو الأمية وتطوير مهارات القراءة، والأهم محاولة نشر طبعات شعبية قليلة التكاليف حتى يسهل اقتنائها من مختلف الطبقات والفئات مما يسهل نشر الكتاب في ظل ارتفاع الأسعار الذي يحد هو الأخر من تلك الصناعة.