سفر ذوي الإعاقة: نمو متسارع 10 ملايين مسافر على متن 100 ألف رحلة جوية عبر مطارات العالم يومياً
تعمل المنظمة الدولية للطيران المدني، والاتحاد الدولي للنقل الجوي، ومجلس المطارات العالمي بنشاط كبير لجعل صناعة الطيران متاحة بشكل أكبر للأشخاص ذوي الإعاقة.
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
يسافر في كل يوم أكثر من 10 ملايين مسافر على متن حوالي 100,000 رحلة جوية عبر شبكة عالمية للنقل الجوي تضم أكثر من 1,400 شركة طيران مجدولة و26,000 طائرة في الخدمة و3,900 مطار. وتدرك صناعة الطيران بشكل متزايد الحاجة إلى استيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة في المطارات وعلى متن شركات الطيران.
ولطالما تذمر عدد كبير من المسافرين من ذوي الإعاقة من فقدان كراسيهم المتحركة أو تعرضها للضرر، ومن مشقة الدخول إلى الطائرات ومعاناتهم في المطارات، علاوة على خدمة العملاء غير الاحترافية، هذا دون التطرق إلى افتقار المطارات وشركات الطيران لطواقم مدربة ومناولي أمتعة مدربين. وكان استطلاع للرأي قد وجد أن 72% من المسافرين قد اختبروا عقبات بدنية أو سوء تواصل مع شركات الطيران، فيما عبر 65% من المسافرين عن الشيء نفسه بالنسبة للمطارات.
إن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يمثلون نسبة متنامية من سكان العالم وحسب، بل إنهم باتوا قادرين بشكل متزايد على السفر بالطائرة، في حين تبقى الرحلة الجوية الخالية من المعوقات وفي الكثير من الأحيان حقيقة غير ملموسة بالنسبة للسواد الأعظم من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتواصل صناعة النقل الجوي لعب دور ريادي في إزالة الحواجز التي تحول دون تحقيق السلامة والراحة والسهولة لخدمات النقل الجوي من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويعرّف التصنيف الدولي لتأدية الوظائف والعجز والصحة، وهو الإطار الذي تعتمده منظمة الصحة العالمية لقياس الصحة والإعاقة على المستويين الفردي والسكاني، الإعاقة بأنها “مصطلح يشمل الإعاقات ومحدودية النشاط والقيود على المشاركة”، وذلك في ظل وجود أكثر من مليار شخص يعاني كل منهم من إعاقة واحدة أو أكثر، وذلك يعادل أكثر قليلاً 15% من سكان العالم.
ويدعم كل من المنظمة الدولية للطيران المدني (ايكاو) والاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) ومجلس المطارات العالمي الحاجة إلى جعل صناعة الطيران متاحة للجميع بغض النظر عن القيود البدنية.
وقد كانت ايكاو، التي تضطلع بمسؤولية تصنيف مبادئ وأساليب النقل الجوي الدولي والتخطيط له وتطويره، ناشطة في هذا المجال منذ وقت طويل، حيث أقرت في العام 1969 مادة تتعلق بالنقل المباشر من طائرة إلى أخرى بالنسبة لمسافري الترانزيت من الذين يعانون من العجز، وأضافت إليهم في العام 1990 المسافرين الطاعنين في السن وذوي الإعاقة. ونفذت المنظمة مراجعة للمشاكل التي يعاني منها الأشخاص ذوي الإعاقة لجهة استخدام خدمات النقل الجوي، بما في ذلك الوصول إلى الطائرة، والحركة، والمرافق والخدمات المتوفرة على متن الطائرة، والاتصال مع وكلاء الحجز/السفر، والمرافقين، والأسعار والرسوم، كما أضافت في العام 1997 قسماً جديداً على الفصل 8 من الملحق 9 عرفت فيه “الشخص ذي الإعاقة”.
ويقول هذا القسم أن الشخص ذي الإعاقة هو: “أي شخص تقلصت قدرته على الحركة بسبب عجز بدني (حسي أوحركي)، أو نقص ذهني، أو بسبب العمر أو المرض أو أي سبب آخر للإعاقة عند استخدام وسائل النقل والذي يحتاج وضعه إلى عناية خاصة وإلى التكيّف مع احتياجات الشخص بالنسبة للخدمات المتاحة إلى كافة المسافرين”.
وأخبرت ايكاو الدول الأعضاء فيها بضرورة ضمان تكييف مرافق وخدمات المطار مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك نظم الرفع، ونقاط الاستلام والتسليم، وخدمات النقل الخاصة، ومرافق وقوف السيارات، والنقل من طائرة إلى أخرى. كما حددت أيضاً معايير الحد الأدنى لجهة إمكانية الوصول على متن الطائرات، ومعايير إمكانية الوصول بالنسبة للطائرات الجديدة، والمساعدات المجانية للأشخاص ذوي الإعاقة في مقصورة الطائرة أو كأمتعة ذات أولوية، والأجهزة التي تعمل بالبطاريات، وذلك جنباً إلى جنب مع السماح بانتقال الأشخاص ذوي الإعاقة دون تصريح طبي.
وقدم دليل ايكاو المتعلق بوصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى خدمات النقل الجوي والذي نشر لأول مرة في العام 2013، شرحاً مفصلاً حول وصولهم وتنقلهم في المطار، واستخدامهم المرافق وخدمات تسجيل الوصول ومرافق المطار والطرق والممرات المتاحة، واجتيازهم للتفتيش الأمني وإجراءات المنافذ الحدودية، بالإضافة إلى صعودهم إلى الطائرة ونزولهم منها، واستخدامهم للمصاعد والاسطح المتحركة، ونقل الوسائل التي تساعدهم على الحركة. ويقدم هذا الدليل إرشادات حول الخدمات والميزات اللازمة لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة خلال جميع مراحل السفر جواً، كما يوفر ضمن جملة من الأمور الأخرى، توجيهات بشأن توفير المعلومات والتدريب للمهنيين والموظفين العاملين مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك تماشياً مع الالتزامات العامة للدول بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006.
وفي اجتماعها السنوي العادي الخامس والسبعين الذي انعقد في يونيو 2019، وافقت اياتا وهي اتحاد تجاري يضم 290 شركة طيران عالمية تمثل 117 دولة، بالإجماع على قرار لتحسين تجربة السفر جواً بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتأكيد التزام شركات الطيران بضمان حصولهم على سفر آمن وموثوق وكريم. وتهدف المبادئ الأساسية للاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى تغيير التركيز من الإعاقة إلى إمكانية الوصول والإدماج من خلال الجمع بين قطاع السفر والحكومات لمواءمة اللوائح وتوفير الوضوح والاتساق العالمي الذي يتوقعه المسافرون.
وتم تبني قرار اياتا رقم 700 لأول مرة في العام 1952، ما يجعل منها أول اتحاد في صناعة الطيران يرسي معايير حول قبول ونقل المسافرين الذين يحتاجون إلى مساعدة، فيما يريد الاتحاد أن تقوم ايكاو بتطبيق المبادئ الجوهرية لاياتا كأساس لمبادراتها المتعددة الأطراف المتعلقة بوصول المسافرين ذوي الإعاقة. وتعمل المطارات وشركات الطيران معاً لضمان توفر المساعدة عبر الكراسي المتحركة لمن هم بحاجة إليها، كما تعمل على التوازي لتطوير أشكال أخرى من المساعدة للمسافرين القادرين على الحركة ممن لا يشعرون بالراحة لدى تجولهم في مطار كبير. وفيما يشكل التلف لدى التخزين مصدر قلق كبير بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يسافرون باستخدام وسائل الحركة الخاصة بهم، فإن أحد الخيارات قيد الدراسة يتمثل في تطوير إجراءات قياسية تتعلق بتحميل وسائل الحركة الخاصة بالمسافرين.
وكانت اياتا قد نشرت مؤخراً كتيباً تدريبياً بعنوان “لنجعل السفر شاملاً”، على شكل دليل لبائعي خدمات السفر من وكلاء سفر ومشغلين، وذلك فيما يتعلق بعمليات طلب الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة من عملاء مزودي خدمات السفر بما في ذلك شركات الطيران، والفنادق، وشركات السكك الحديدية والمعالم السياحية. وينصب تركيز الكتيب على قيام مهني السفر بطرح الأسئلة الصحيحة والإحاطة بكافة الاحتياجات الخاصة وضمان طلب الدعم وفقاً لمعايير الصناعة.
وبدوره، قام مجلس المطارات العالمي، وهو الاتحاد التجاري الذي يضم 1,960 مطاراً في 176 دولة، مؤخراً بتحديث كتيبه المتعلق بمساعدة المطارات على تعزيز التجربة الكلية للمطارات بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يتضمن أفضل الممارسات الكفيلة باستيعاب المسافرين الذين يعانون من إعاقات حسية، وأمثلة عن ممارسات متطورة مثل مرافق المراحيض المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، وكوات الهاتف المرئي العاملة بلغة الإشارة، وإيجاد الطريق واللافتات واللوحات الارشادية. ويساعد الكتيب على ضمان أن توفر المطارات سهولة الوصول بالنسبة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وأن تلبي المرافق معايير إمكانية الوصول.
ومجلس المطارات العالمي على ثقة من أن تنفيذ هذه التوصيات سيسهم بشكل كبير في إمكانية أن يصبح الهدف المتمثل في مطارات وسفر جوي خال من الحواجز أمراً أكثر سلاسة وأقل عناءً بالنسبة للمسافرين ذوي الإعاقة. وتتمثل إحدى أولى أولويات مجلس المطارات العالمي في مساعدة المطارات على ضمان الإدارة الفعالة لتدفق المسافرين والأمتعة والبضائع والبريد عبر مرافق المطار، وضمان تقديم الخدمات في بيئة صحية آمنة وآمينة، علاوة أيضاً على تلبية وتجاوز احتياجات وتوقعات العملاء طوال رحلتهم عبر المطار، مع مراعاة المتطلبات المختلفة للأمن والجوازات والجمارك.