مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دبي يختتم جلساته بالتوصيات
دبي، الإمارات العربية المتحدة
متابعة سلام محمد
اختتم مجمع الفقه الإسلامي الدولي جلسات الدورة الرابعة والعشرين والتي أقيمت في إمارة دبي ونظمتها دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بإصدار مجموعة من القرارات والتوصيات الشرعية حول عدد من القضايا والنوازل الفقهية الهامة التي نوقشت على مدار أيام المؤتمر الثلاثة .
وأصدر المجمع في ختام جلساته تسعة قرارات تضمن كل منها توصيات حول الموضوعات المطروحة التي تمثلت بالعقود الذكية وارتباطها بموضوع العملة الرقمية والتضخم وتغيير قيمة العملة وعقود الفيديك والتسامح في الإسلام وتحقيق الأمن الغذائي والمائي لدى الدول الإسلامية والجينوم البشري والهندسة الحيوية المستقبلية وعمليات التحوط في المؤسسات المالية ودور التربية الدينية في تحقيق السلام والعملات الإلكترونية.
وفيما يتعلق بالتوصية الخاصة بمسألة العقود الذكية ومدى ارتباطها بموضوع العملة الرقمية .. أصدر المجمع القرار رقم 230 /1/24/ الذي أكد على قرار المجمع السابق بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة بجميع فقراته وهو الأمر الذي ينطبق على العقود الإلكترونية المستقلة عن العقود الذكية وشرح قرار المجمع مفهوم العقود الذكية وآلية تنفيذها وقرر تأجيل البت في الموضوع إلى حين عقد ندوة متخصصة حول هذه المسألة لدراسة كافة جوانبها مع استحسان دعوة متخصصين في المجالات التقنية المتقدمة كالبلوك تشين والعملات المشفرة للمشاركة في هذه الندوة.
وأكد قرار المجمع رقم 231 /2/24/ بشأن التضخم وتغيير قيمة العملة على قراره السابق المتعلق بالتضخم اليسير وأرجع تقدير التضخم الفاحش إما إلى التراضي وإما إلى القضاء أو التحكيم وأشار القرار إلى أنه في حال حصول التضخم الفاحش بعد نشوء الديْن فلا مانع من اتفاق الدائن والمدين عند السداد على رد الدين بالقيمة أو توزيع الضرر بين الطرفين صلحاً كما يجوز إمضاؤه قضاءً أو تحكيماً فيما لا يجوز الاتفاق على ذلك عند التعاقد.. وأكد المجمع على توصيته للحكومات الإسلامية الواردة في قراره رقم /115/9/12/ والتي تضمنت 12 بندا.
وفيما يتعلق بعقود الفيديك ..عرف قرار المجمع رقم 232 /3/24/ مفهوم عقود الفيديك وأشار إلى أن هذه العقود جائزة شرعا إذا تم فيها الالتزام بالأحكام والضوابط الشرعية وذلك قياساً لها على عقد الاستصناع والإجارة وكذلك العقود التي يتحول فيها الرضا بتغير محل العقد وقت سريانه كي لا ينشأ عن ذلك التغير نزاع أو مشاحنة وذلك لسبق التراضي على حكم وذلك باللجوء للتحكيم المقبول من أطرافه ولأن ما قد يحدث فيه من زيادة مالية على المتفق عليه ليس مقابلا للتأخير في الوفاء وإنما هو تعويض للأضرار التي قد تلحق أحد أطرافه بسبب من الطرف الأخر أو بسبب تغير ظروف التنفيذ أو تكلفته.
وأكد قرار المجمع رقم 233 /4/24/ بشأن التسامح في الإسلام وضرورته المجتمعية والدولية وآثاره على القرارات والتوصيات الصادرة سابقاً عن مجلس المجمع والداعية إلى التعايش السلمي .. مشيراً إلى أن التسامح مبدأ أصيل وردت أدلته في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وبأن المسلمين مأمورون بالتسامح بين بعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم.
وأفاد القرار إلى الحاجة الماسة للعمل بمبدأ التسامح في السلوك والأقوال في جميع المجالات ..مشيدا بالمبادرات والإعلانات الدولية في هذا المجال وجهود دولة الإمارات لتحقيق التسامح والتعايش.
وأدرج القرار عدة توصيات دعت لإدراج قيمة التسامح في المناهج التربوية وتضمينها في الخطاب الديني وإبرازها في وسائل الإعلام وحثت المتخصصين والمفكرين على الاهتمام بالكتابة عن هذه القيمة السامية ودعت الأمم المتحدة لتبني تشريعات وإبرام معاهدات ملزمة تجرم العنصرية والإقصاء والقبلية والتمييز العنصري.
وتطرق القرار رقم 234 /5/24/ بشأن الأمن الغذائي والمائي لمعنى كلا المفهومين وشمل ست توصيات شددت على ضرورة أن تضع حكومات الدول الإسلامية قضية الأمن المائي والغذائي في مقدمة اهتماماتها.
وأكدت أنه على المسلمين شرعاً الاقتصاد في استهلاك الماء والغذاء وأنه يتعين على العلماء المسلمين المتخصصين الاجتهاد لإيجاد الوسائل المساعدة على تحقيق الأمن الغذائي والمائي ودعت الدول الإسلامية للتعاون فيما بينها لمواجهة مشكلة نقص الماء والغذاء واستخدام التقنيات الحديثة في إنتاج البذور وتحسين وسائل التنمية الزراعية.. وأكدت التوصيات أنه على الدول الإسلامية الاستفادة مما جاءت به الشريعة الإسلامية لتنمية الموارد الزراعية من خلال العمل بمبدأ إحياء الموات بضوابطه الشرعية.
وعن مسألة الجينوم البشري والهندسة الحيوية المستقبلية .. جاء القرار رقم 235 /6/24/ ليؤكد على قرار الدورة 21 من المجمع بشأن هذه المسألة وأكد على إباحة تقنية التحرير الجيني إذا صادقت عليها المرجعيات الطبية ذات العلاقة وشرط استخدامها لأغراض طبية في الوقاية من الأمراض الوراثية وعلاجها وأن تكون هناك إجراءات تنظيمية صارمة للتأكد من احترام الأشخاص المشمولين بالمعالجة.
وأوضح القرار أنه لا يجوز شرعا الاعتماد على تقنية نقل الميتوكوندريا “مولد الطاقة من الخلية” من بويضة امرأة سليمة مع الحامض النووي إلى امرأة تعاني من عطب في الحامض النووي للميتوكوندريا مستعصية على العلاج وذلك منعا لاختلاط الأنساب.
ودعا القرار رقم 236 “7/24” بشأن دور التربية الدينية في تعزيز السلام إلى الاهتمام بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإلى مواصلة تنظيم مؤتمرات وندوات وحلقات دراسية إقليمية وشبه إقليمية لتعزيز دور التربية الدينية والتعليم الديني في تحقيق السلام .. كما دعا الدول الأعضاء لتشكيل لجان متخصصة لدراسة مناهج التعليم الديني فيها لتقويم مدى انسجامها مع قيم السلام والحوار والتعايش والجهات التربوية المختصة في الدول الأعضاء لتضمين مادة التربية الدينية على السلام في مناهجها التعليمية.
وشدد القرار على أهمية التركيز في مناهج التعليم الديني على تكريم الله تعالى للإنسان وعلى إبراز المهارات والمفاهيم التي تعزز القيم الدينية السمحة وعلى ضرورة نشر برامج متطورة لتعليم اللغة العربية واعتماد مناهج التربية بالوسائط الحديثة.. وتطرق القرار إلى تطوير طرائق التدريس وأهمية إعداد دراسات تأصيلية ومراكز بحثية تعزز التربية على الوسطية وتتولى توجيه وإرشاد المسلمين.
وأكد القرار على ضرورة تعزيز مضامين ثقافة السلام والاهتمام بتدريس الفقه المقارن والدفاع عن التعليم الديني وتطوير مناهجه وإبراز المفاهيم الصحيحة بشأن المرأة في الإسلام.
وتحدث القرار رقم 237 /8/24/ بشأن العملات الإلكترونية عن مفهوم هذه العملات والآليات ومخاطر التعامل معها وعن التعامل مع العملات الرقمية المرمدة “المشفرة” من خلال المنصات الإلكترونية المتاحة عبر الإنترنت بشكل مباشر أو من خلال سماسرة.
وأفاد القرار بأنه وبالنظر للأبحاث التي تم عرضها والمناقشات التي دارت فقد تبين أن ثمة قضايا مؤثرة في الحكم الشرعي لا تزال محل نظر.. وبالتالي ونظرا لما يكتنف هذه العملات من مخاطر عظيمة وعدم استقرار التعامل بها فقد أوصى المجلس بمزيد من البحث والدراسة للقضايا المؤثرة في الحكم.
وتطرق القرار رقم 238 “9/24” بشأن عمليات التحوط في المؤسسات المالية الإسلامية للتوصيات الصادرة عن الندوة العلمية التي عقدها المجمع حول هذه المسألة وأكد على قرارات المجمع في دورته 23 بخصوص التحوط في المعاملات المالية وشرح المعنى العام لمعاملات التحوط وصيغها المتعددة.. وفصل القرار في تبيان معاملات التحوط “الحماية” بالمعنى العام الممنوعة شرعاً وشرح مفاهيمها وأسباب عدم جوازها كما بين الأحكام الشرعية التفصيلية لأدوات التحوط البديلة للمشتقات المالية.
وأوصى القرار المجالس الشرعية وهيئات الفتوى والرقابة الشرعية والعلماء والباحثين بالجمع بين مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية والضوابط الشرعية الجزئية للعقود عند الاجتهاد في هيكلة المنتجات المالية الإسلامية بصفة عامة وصياغة عقود التحوط على وجه الخصوص.
كما أوصى القرار إدارات الاستثمار والخزينة على مستوى المؤسسات وكذلك الجهات التي تتولى إعداد السياسات النقدية والمالية في الدول بتحقيق التوازن بين الالتزامات والديون من جهة وبين الثروة والنشاط الحقيقي من جهة أخرى وبالحرص على عدم الإغراق في الاستدانة التي تؤثر على النشاط الاقتصادي بوجه عام.