مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يناقش المستجدات الفقهية لمرض فيروس “كورونا” المستجد
أبوظبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
ناقش مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في اجتماعه الذي عقد عبر الاتصال المرئي اليوم العديد من المستجدات الفقهية المتعلقة بمرض فيروس كورونا المستجد / كوفيد – 19 / داعيا إلى اغتنام فرصة الصيام لشكر الله تعالى على نعمه والدعاء بالخير لدولتنا المباركة وقيادتنا الرشيدة التي وفرت مسحًا طبيًا لجميع المواطنين والمقيمين والزائرين يعرف به الصحيح من السقيم والعليل من السليم.
وناقش المجلس خمسة مستجدات فقهية يحتاج النَّاس لمعرفة الحكم الشرعي خاصةً مع اقتراب شهر رمضان المبارك .. فقد أفتى المجلس بوجوب الصيام على الأصحاء المكلفين بوجوب الصيام؛ امتثالاً لقول الله تعالى :”فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” سورة البقرة، آية رقم :185، كما أجاز المجلس للمصاب بفيروس كوفيد – 19 /كورونا المستجد/ أن يفطر عندما تظهر عليه الأعراض الأولى للمرض، أمَّا إذا أخبره الطبيب أنَّ الصوم سيفاقم مرضه فإنَّه يجب عليه الفطر في هذه الحالة، على أنَّ المعول عليه في تحديد مستوى المرض وخطورته هم أهل الخبرة من الأطباء والجهات الحكومية المختصَّة، وقد رخَّص المجلس في فتواه للكوادر الطبية الذين يمثلون الخط الأمامي في مواجهة هذا الوباء: أن يفطروا في أيام عملهم إن كانوا يخافون أن يؤدي صومهم إلى ضعف مناعتهم أو تضييع مرضاهم؛ مستندًا في ذلك إلى مقاصد الشرع الحنيف وأقوال الأئمة من العلماء الراسخين.
وفي الفتوى الثانية التي أصدرها .. ناقش المجلس صلاة التراويح في البيوت خلف إمام المسجد أو عبر البث المباشر من المذياع أو التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث بيَّن المجلس: أنَّه في ظلِّ الإجراءات الحالية ووضعية الوباء الذي يهدد أرواح النَّاس وصحتهم؛ فإنَّ على الناس أن يصلوا التراويح في بيوتهم فرادى أو أن يؤم الرجل أهل بيته بما يحفظ من القرآن الكريم أو من خلال القراءة من المصحف.
وقد تحدث المجلس عن صلاة العيد فيما لو استمرت الظروف الحالية ..فقد بيَّن المجلس في الفتوى الثالثة التي صدرت عنه بأنَّ على الناس في مثل هذه الحالة أن يصلوا العيد في بيوتهم فرادى أو جماعة مع أهل بيتهم دون خطبة للعيد، وقد نصَّ العلماء على ذلك في كتبهم وهو قول جمهور العلماء؛ وقد نبَّه المجلس إلى الحذر من الدعوة إلى التجمع في مثل هذه الظروف؛ لما فيه من تعريض حياة النَّاس للخطر والمهالك، وأنَّ مثل هذه الدعوات حرامٌ شرعًا.
وجاءت الفتوى الرابعة للتأكيد على عدم صحة صلاة الجمعة في البيوت أو اقتداءً بمن يصليها عبر البث المباشر: وأنَّه يجب على الجميع صلاة الظهر في بيوتهم ظهرًا بدلاً عن الجمعة، حيث إنَّ للجمعة هيئة مخصوصة تقام عند حصولها وتسقط عند عدمها، ويحرم اللجوء إلى الصور الشاذة الملفقة المخالفة لجميع المذاهب والتي لا تبرأ بها الذمة، وذكَّر المجلس بوجوب التقيد بأوامر وليِّ الأمر بمنع الاجتماعات وتوقيف صلاة الجماعة والجمعة لوجود العذر الشرعي المانع من إقامتها؛ حفاظًا على حياة النَّاس وسلامتهم وللوقاية من انتشار المرض المعدي عند اجتماع النَّاس في المساجد؛ ذلك أنَّ ضروري الحياة مقدمٌ على ضروري الدِّين وجزئياته.
وحول أحكام زكاة المال وزكاة الفطر .. فقد بيَّن المجلس في الفتوى الخامسة التي أصدرها أنَّه يجوز تعجيل الزكاة بل قد يكون تعجيلها هو الأفضل في مثل هذه الظروف التي نمرُّ بها؛ فقد أذن النبي عليه الصلاة والسلام لعمه العباس أن يعجل زكاته /رواه أبو داوود والترمذي، وقال الحاكم: إسناده صحيح/؛ لمساعدة النَّاس على قضاء حوائجهم الشديدة والمستعجلة، كما يجوز تعجيل زكاة الفطر لأول رمضان؛ كما نصَّ على ذلك عددٌ من العلماء.
وذكَّر المجلس بأنَّ الأصل في الزكاة – سواءٌ كانت زكاة المال أو زكاة الفطر – أن تصرف داخل الوطن لسد احتياجات المستحقين فيه؛ وأن يتم تقديمها لهم في داخله؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :إنَّ الله افترض عليهم صدقة في أموالهم؛ تؤخذ من أغنيائهم؛ فتردُّ في فقرائهم” رواه البخاري /1395/ ومسلم /19/، مع إمكانية الاستعانة بالمؤسسات الرسمية والجمعيات الخيرية المختصة في جمع الزكاة وإيصالها إلى مستحقيها كصندوق الزكاة وغيره .. وأمَّا ما فضل عن حاجة المحتاجين في الدولة فإنَّه تنبغي المبادرة في إرساله إلى ذوي الحاجة من المسلمين عبر المؤسسات الرسمية مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وغيرها من الجمعيات الخيرية المرخصة.
وفي ختام الاجتماع ..دعا مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عموم المسلمين للالتجاء إلى الله بالدعاء وكثرة الاستغفار، واستغلال شهر رمضان بالطاعات والقربات ومد يد العون للمستحقين والمحتاجين، والتعامل مع الظروف التي نمرُّ بها بإيجابية وتفاؤل، مع الدعاء بأن يديم لطفه وحفظه وعافيته وتوفيقه على دولة الإمارات بمن فيها وما فيها قيادة وشعبًا، وأن يرفع هذا المرض عن المسلمين والإنسانية جمعاء.