دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
بمناسبة شهر الابتكار نظم نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم جلسة بعنوان “تحول الفكرة الابتكارية إلى منتج” شارك فيها عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الدولية، ود. عبداللطيف الشامسي مدير كليات التقنية العليا، واللواء د. عبدالقدوس العبيدلي رئيس جمعية الإمارات للملكية الفكرية، ود. سعيد الظاهري رئيس مجلس إدارة شركة سمارت ورلد، وأدارها د. عيسى البستكي رئيس مجلس إدارة نادي الإمارات العلمي، وحضرها نخبة ال المعنين والمهتمين.
وناقشت محاور الجلسة أهمية الابتكار وتأثيره في الاقتصاد المعرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ودور المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في رفع مؤشر الابتكار العالمي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومراحل تحول الفكرة الابتكارية إلى منتج تجاري، وأهمية تسجيل براءة الاختراع وتسويقه محليا وعالميا وخطوات عملية التسجيل للابتكار، وتأثير التشريعات الاستثمارية والسياسات الموجهة نحو الابتكار على النمو الاقتصادي والتنمية، والتحديات التي تواجه المبتكرين في تسويق الأفكار تجاريا وكيف يمكن التغلب عليها.
افتتح بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة الجلسة بتذكر الفترة الأولى لتأسيس الندوة والبحث عن اسم هذا الكيان فكان مقترح معالي محمد المر بتسمية ندوة الثقافة والعلوم لنشر الثقافة الإبداعية والعلمية وتبسيط العلوم بين الشباب، حتى أن مجلس الإدارة عندما توجه لتسجيل الندوة رسميا سأله أحد المسؤولين ماذا ستقدم ندوة الثقافة والعلوم، فقد قدموا ثقافة.. هل ستقومون بإطلاق صاروخ مثلاُ. وجاءت الإجابة بعد أعوام بأن يكون أحد طلبة نادي الإمارات العلمي والذي تربي بين أنشطته ودوراته يعمل في مركز محمد بن راشد للفضاء بل ويتولى مهام عظام وهو يوسف الشيباني.
أضاف البدور أن عزيمة مشرفي النادي استطاعت أن تبقيه مستمراً في العطاء والمشاركة بقوة في مختلف الفعاليات والمعارض والمسابقات وحصد الكثير من الجوائز المحلية والخليجية والعربية والآن شباب النادي يستعدون لخوض مسابقة علمية عالمية، وهناك أكثر العشرات من الاختراعات التي قم بها أعضاء النادي.
أكد د. البستكي على أن ترسيخ مفهوم الابتكار عند الشباب والفتيات في نادي الإمارات العلمي ضرورة ملحة، تماشياً مع نهج قادة الدولة في دعم الابتكار والذي يعرف بأنه “الإجراءات المتخذة لخلق أفكار أو عمليات أو منتجات جديدة إذا طبقت تقود إلى تغيير مؤثر وإيجابي” وأن “الابتكار فكرة تحولت إلى حقيقة علمية”.
وأضاف البستكي أن العنصر الأساسي للابتكار هو القيادة المبدعة، والتي تنعم بها دولة الإمارات، فقد ركز الشيخ زايد رحمه الله على أن “الدولة تعطي الأولوية في الاهتمام لبناء الإنسان ورعاية المواطن في كل مكان، وأن المواطن هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض”.
وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله: “إننا نفكر في كيفية مواجهة المستقبل عندما ينضب البترول وذلك بتنويع مصادر الدخل”، وذلك الهدف هو ما انتهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في قيادته الحكومية بأنه: “لا بديل لنا عن المركز الأول” و”كلمة مستحيل ليست في قاموسنا في الدولة”، ودعم هذا النهج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بقوله: “إن استثمرنا فعلياً في التعليم الآن فإننا بعد 50 عاماً سنحتفل بتصدير آخر برميل من النفط”.
وأكمل البستكي أن العنصر البشري أساس كل الرؤى والمبادرات لتحقيق مجتمع آمن ذو اقتصاد مستدام، وإن هذا لن يتحقق إلا إذا سبقنا الزمن وركب التقدم، والتأسيس لجعل الابتكار المؤدي إلى منتج تجاري أولوية تأخذ بالأسباب العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومبنية على مدن ذكية مستدامة تعتمد على: القيادة، وجودة التعليم، البحث العلمي والتطوير التجاري، الابتكار والحاضنات التكنولوجية وريادة الأعمال، البنية التحتية الاتصالية والتقنية، التوجهات المستقبلية.
وركز د. عبداللطيف الشامسي على أن ما يملكه الجيل الحالي من قدرات وذكاء يؤكد أهمية التعليم وصناعة جيل من الشباب لديه قدرات تقنية عالية، ومنذ عام 2016 أصبحت كليات التقنية تضمن وظيفة لكل خريج ليس في القطاع الحكومي فحسب، ولكن أيضاً في القطاع الخاص، وذلك لما يتمتع به خريجي التقنية من قدرات ومهارات عملية تمثل قيمة مضافة للشهادة الدراسية، والرهان الحقيقي على تسخير إبداعات الجيل الحالي للمساهمة في الأداء والتنمية الاقتصادية. ومن المهم تحويل الأفكار والابداعات لدى الشباب إلى منتج تجاري.
وتحدث عبدالله آل صالح عن ممارسات الدول الأخرى في مجال الابتكار (اليابان وسويسرا والدنمارك والسويد وفلندا….) وأكد على أن المستثمرون في أمريكا أكثر إيجابية، ولا يصيبهم هاجس الفشل، فعندما يفشل ابتكار ما مرة واثنين وثلاث لا يتوقفون عن دعم المبتكر عكس عالمنا العربي الذي يعتبر الفشل تحدي كبير فيه.
وأكد آل صالح على أن الابتكار معيار المنافسة والتطور، وأن التنافس الاقتصادي لابد أن يكون مبنياً على معرفة، ويرى أن القطاع الخاص أكبر داعم للاقتصاد، وأن ترتيب الإمارات في مؤشر الابتكار CII لعام 2016 كان (47)، وارتفع في عام 2018 إلى (37)، ويتوقع أن يصل عام 2021 إلى الترتيب 25. لذا يخصص 5% من إجمالي الناج المحلي للمعرفة والتكنولوجيا والبحث والتطوير والابتكار.
وقدم اللواء د. عبدالقدوس إجابة التساؤل حول ماذا فعلت الدولة في تشريع تسجيل براءة الاختراع؟ حيث أكدت على أهمية سرية الابتكار
وذكر زيارته لجامعة في كوريا الجنوبية تبعد عن سيول 4 ساعات بالقطار والمبنى الضخم المكون من 7 طوابق ومخصص للبحث العلمي والابتكار، خصص الطابق الأول منه 18 فصل دراسي متنوع في مختلف العلوم، والطابق الأول علوم وكتب ويضم أكثر من 3 مخترع من الشباب وفي كل طابق حجرة لـ (الاب الروحي) أو الموجه ذو الخبرة، وأن دخل كوريا من اختراعات وابتكارات هذه الجامعة حوالي 200 مليار دولار سنوياً.
وأضاف د. سعيد الظاهري أن الدولة بصدد تفعيل مختبر للتشريعات لقياس فعالية التشريع وانعكاساته قبل تعميمه، وأكد أن دور القطاع الخاص في الاستثمار في الابتكار محدود وأن المطلوب (صناديق خاصة للابتكار)، ولابد من وضع سياسات تفرض على القطاع الخاص الاستثمار في الابتكار.
وفي الختام ثمن المشاركون التوجه الحكومي لدعم الابتكار من خلال استراتيجية الابتكار والبرامج الحكومية المعتمدة لذلك على جميع الأصعدة، ودعوا إلى استكمال التشريعات المعززة للابتكار، وأكدوا على أمية تعزيز فكرة الصناديق الاستثمارية الخاصة بدعم الابتكار، وحث القطاع الخاص والشركات العالمية العاملة بالدولة للقيام بدورها لدعم الابتكار، وأهمية غرس ثقافة الابتكار بوصفه ضرورة وليس اختياراً، باعتباره ليس حكراً على جهة معينة بل مسؤولية مجتمعية، ودعوا المؤسسات العلمية والأكاديمية للاعتناء بالابتكار ومراعاة قدرات الجيل الجديد واهتماماته والتعامل معهم على هذا الأساس لتسخير إبداعاتهم للمساهمة في التنمية.
وعقب الجلسة تم تكريم طلاب نادي الإمارات العلمي الفائزين في البطولة الوطنية للروبوت 2019 في أبوظبي.