الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي يلقي كلمة في افتتاح أعمال اجتماع الدورة الرابعة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية
المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي
أهمية الحوار والتشاور بين السلطات الإشرافية في الدول العربية، لمواجهة تحديات ما بعد الأزمة
تراجع النمو المتوقع للاقتصادات العربية بنحو 4.0 عن عام 2020
الحاجة لمواجهة تداعيات ارتفاع مستويات الدين العام العالمي الذي وصل حالياً إلى نحو
331 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي
1.3 مليار دولار أمريكي حجم الموارد التي وفرها صندوق النقد العربي للدول العربية خلال النصف الأول 2020
الصندوق أصدر العديد من الأدلة والمبادئ الإرشادية لمساعدة الدول العربية على تبني السياسات المناسبة خلال الأزمة وبعدها
دبي، الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال اجتماع الدورة الرابعة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي يعقد هذا العام “عن بعد”. شارك في الاجتماع أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، وعدد من كبار المسؤولين في البنك المركزي الأوروبي، وبنك التسويات الدولية، وصندوق النقد والبنك الدوليين، وبنك فرنسا، ومجموعة العمل المالي (فاتف). كما شارك في الاجتماع بصفة مراقب، جامعة الدول العربية، والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، واتحاد المصارف العربية، واتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى المدراء التنفيذيين العرب في كل من صندوق النقد والبنك الدوليين.
بيّن معاليه في كلمته، أن الاقتصاد العالمي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية بعد الكساد الكبير، تأثراً بعدد من العوامل أهمها تداعيات جائحة فيروس كورونا، واستمرار تصاعد التوترات التجارية بين الاقتصادات المتقدمة، والمخاوف بشأن تداعيات الارتفاع الكبير في مستويات المديونية العامة، الأمر الذي أثر على الأنشطة في الاقتصادات المتقدمة والدول النامية على السواء، مما انعكس بدوره في توقع انكماش معدلات النمو للاقتصاد العالمي عن عام 2020 بنحو 5.0 في المائة، وللاقتصادات المتقدمة بنسبة 8.0 في المائة، وللاقتصادات الناشئة والدول النامية بنحو 3.0 في المائة.
في نفس السياق، أكد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن هذه التطورات سيكون لها انعكاسات مهمة على الاقتصادات العربية خلال الفترة المقبلة، مبيناً أن التراجع المتوقع في نمو حجم التجارة الدولية سينعكس على مستويات الطلب الخارجي الذي يسهم بنحو 48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية كمجموعة، وبشكل خاص التباطؤ المتوقع لاقتصادات مجموعتي الدول الآسيوية والاتحاد الأوروبي اللتان تستوعبان نحو 65 في المائة من الصادرات العربية الإجمالية. كما بيّن معاليه أن تباطؤ مستويات الطلب العالمي على النفط في ظل استمرار وفرة المعروض، من شأنه أن يمارس ضغوطاً على الأسعار العالمية للنفط، الأمر الذي سينعكس على اقتصادات الدول العربية.
من جانب آخر، أكد معالي الدكتور الحميدي أن تراجع البنوك المركزية العالمية عن العودة إلى المسارات التقليدية للسياسة النقدية، تحت تأثير تباطؤ النشاط الاقتصادي، يمثل فرصة للاقتصادات العربية لتبني سياسات نقدية مواتية للنمو في الدول ذات نظم أسعار الصرف الثابت، وتخفيف الضغوط على عملات الدول العربية التي تتبنى نظم أسعار صرف مرنة.
في سياق آخر، حذّر معالي الدكتور الحميدي من الزيادة المتنامية في مستويات المديونية العالمية التي بلغت حالياً نحو 331 المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الأمر الذي من شانه أن يعزز من هشاشة أوضاع الأسواق المالية، مبيناً في هذا الإطار أن خطورة تزايد المديونية العالمية في الوقت الراهن تتمثل في الارتفاع غير المسبوق لمديونية القطاع العائلي وقطاع الشركات، وفي تراجع مستويات جودة الديون الخاصة. وبالنسبة للدول العربية، بيّن معاليه أن تحدي تزايد معدلات المديونية يعتبر من بين أبرز التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية في ظل الارتفاع الذي شهدته معدلات الدين العام في الآونة الأخيرة، حيث وصل إجمالي الدين العام للدول العربية إلى نحو 123 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة.
من جانب آخر، أشار معالي الحميدي إلى تقديرات صندوق النقد العربي التي تشير إلى تسجيل الدول العربية مجتمعةً انكماشاً بنحو 4.0 في المائة عن عام 2020، مقابل معدل نمو بلغ نحو 1.6 في المائة عن عام 2019، انعكاساً لتداعيات الجائحة، التي من المتوقع أن تؤدي إلى انخفاض الطلب الخارجي الذي يسهم بنحو 48 في المائة من الطلب الكلي في الدول العربية، وانخفاض لتحويلات العاملين بالخارج، إلى جانب تراجع في أحجام الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات للخارج لرؤوس الأموال الأجنبية.
من جانب آخر، أكد معالي المدير العام رئيس مجلس الإدارة على حرص الصندوق على الاستجابة السريعة لإحتياجات الدول العربية في ظل جائحة كورونا، مبيناً في هذا الصدد إلى قيام الصندوق بتلبية طلبات الاقتراض بأقصى سرعة ممكنة، مشيراً أنه تم توفير موارد مالية لعدد من الدول الأعضاء في شكل قروض جديدة، أو سحب على القروض القائمة، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا ودعم جهود الإصلاح، ذلك من خلال تطبيق إطار الإجراءات السريعة الأمر الذي مكّن الدول الأعضاء المقترضة من الاستفادة من هذه الموارد بأسرع ما يمكن، مبيناً في هذا الصدد أن إجمالي حجم الموارد التي تم الموافقة عليها خلال النصف الأول من عام 2020 بلغت حوالي 304.2 مليون دينار عربي حسابي (د.ع.ح.)، ما يعادل حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي.
في نفس الإطار، أشار معالي الدكتور الحميدي، إلى قيام الصندوق بتكثيف جهوده في تنظيم اللقاءات التشاورية وتبادل التجارب والخبرات، وإعداد التقارير والدراسات بشأن التطورات الراهنة وآفاق الاقتصادات العربية في ظل الظروف الاستثنائية، مبيناً في هذا الصدد قيام الصندوق بتنظيم عدد كبير من الاجتماعات التشاورية على مستوى المحافظين ونواب المحافظين وكبار المسؤولين المعنيين بالسياسة النقدية، والاستقرار المالي والرقابة المصرفية، ونظم الدفع والبنية التحتية المالية، والتقنيات الحديثة، والشمول المالي، لدى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، بمشاركة معظم المؤسسات والأطر المالية الإقليمية والدولية ذات العلاقة.
في سياق متصل، وفي إطار تعزيز استجابة الصندوق لتحديات مواجهة الأزمة الحالية وتقديم المشورة للدول الأعضاء، بين معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي قيام الصندوق بإصدار عدد من الأدلة والمبادئ الإرشادية، هدفت إلى مساعدة الدول العربية على تبني السياسات المناسبة. طالت هذه المبادئ، مواضيع الاستقرار المالي والتقنيات المالية الحديثة والتمويل المستدام وأسواق المال.
في الختام، ثمّن معالي الدكتور الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به. كما قدم معالي المدير العام الشكر لأصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية على دعمهم للصندوق ولأنشطة المجلس.