تمكين المرأة لعالم أفضل: ليس سياسيًا فقط ولكنه ما ينبغي فعله
إيمانويل هاتيجيكا، سفير جمهورية رواندا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة
تحتفل الدول والمجتمعات في جميع أنحاء العالم في الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة. وعلى الرغم مما نواجهه هذا العام من أزمة صحية واقتصادية مدمرة بسبب جائحة كوفيد-19، فإننا نحتفل بهذا اليوم؛ حيث تأثرت النساء أكثر من غيرهن به. ويقدر تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2020 – من الرؤى إلى العمل: المساواة بين الجنسين في أعقاب جائحة كوفيد-19، أن “الوباء سيلقي 96 مليون شخص إضافي في براثن الفقر المدقع بحلول عام 2021، 47 مليون منهم من النساء والفتيات”.
على الرغم من حقيقة تأثرهن بشكل غير متناسب بـجائحة كوفيد-19، فقد أظهرت النساء مرة أخرى شجاعتهن وقوتهن ومرونتهن في التأهب للوباء والتصدي له في رواندا والإمارات العربية المتحدة وجميع أنحاء العالم بدايةً من القيادة العليا وصولاً إلى المجتمعات والأسر.
عندما أفكر في الدور الذي تلعبه المرأة من كونها ركيزة الأسرة، إلى دورها في بناء الدولة وتحقيق السلام، فإن السؤال الوحيد الذي أطرحه على نفسي هو: “لقد ورثنا مجتمعًا غير موازن بين الجنسين ولكن ماذا نفعل لسد هذه الفجوة؟”
إن جائحة كوفيد-19وآثارها المدمرة بمثابة تذكيرًا صارخًا بالضرورة الملحة اللازمة لتكثيف الجهود نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
تم بذل جهود وإصلاحات هائلة لتغيير الوضع الراهن الموروث في العقدين الماضيين، بما في ذلك في رواندا والإمارات العربية المتحدة، واليوم نحتفل بالمرأة في المناصب القيادية في مختلف المؤسسات الوطنية والإقليمية والعالمية.
في الآونة الأخيرة، أشاد العالم بانتخاب النيجيرية د/ نجوزي أوكونجو إيويلا مديراً عاماً لمنظمة التجارة العالمية، وانتخاب الخبير الاقتصادي الرواندي د/ مونيك نسانزاباجانوا نائباً لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وانتخاب معالي/ لويز موشيكيوابو في منصب الأمين العام الرابع والحالي للمنظمة الدولية للفرنكوفونية وغيرهن الكثير من قبل.
يمكننا تحديد أوجه التشابه مع مهمة “مسبار الأمل” الناجحة الجديرة بالثناء إلى المريخ، تحقيقًا لرؤية قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك المعرض العالمي الرائع الرائد “إكسبو 2020” الذي من المقرر أن يبدأ رسميًا في أكتوبر 2021 في دبي، وكلاهما تاريخي بمعنى الحرفي للكلمة مع القيادات النسائية على رأس السلطة.
مازالت القيادات النسائية ضوءًا ساطعًا تتبعه السيدات الشابات ويقتدين به. ومما لا شك فيه أن صعود النساء إلى مناصب اتخاذ القرارات يعيد التأكيد على إمكاناتهن وقدراتهن، ويُظهر مدى ثقة العالم فيهن؛ كما أن تقلدهم هذه المناصب بمثابة فرصة جيدة لتعزيز ودعم خطة المساواة بين الجنسين بين جميع الدول.
وبالنظر إلى الإرادة السياسية التي تشتد الحاجة إليها، فإن رواندا والإمارات تتشاركان الرؤية نفسها فيما يتعلق بتمكين المرأة؛ وهي ارتفاع مستوى مشاركة المرأة في مجلس الوزراء الإماراتي، وتوزيع المناصب في المؤسسات الحكومية حسب الجنس حيث تشكل النساء 66% من القوى العاملة في القطاع العام في الإمارات، وفقًا للبيانات الأخيرة لمجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين؛ يمكن القول أن الإمارات تتصدر بلدان المنطقة من حيث التكافؤ بين الجنسين.
بعد الآثار المدمرة للإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي والتي قضت على البنية الاجتماعية والاقتصادية لرواندا، أعطت الحكومة قضية المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة الأولية لأنه لا يمكن تحقيق التعافي الكامل إلا بمساهمة النساء والرجال على قدم المساواة لتحقيق رؤية الدولة للتنمية. وانتهزت النساء الروانديات هذه الفرص وخطوا أشواطًا كبيرة نحو تحقيق أحلامهن مع تغيير العالم من حولهن وآتت سياسات المساواة بين الجنسين المتعمدة التي انتهجتها حكومة رواندا ثمارها.
أصبحت رواندا حاليًا رائدة عالميًا في مجال مشاركة المرأة، حيث تتولى النساء مناصب اتخاذ القرارات التشريعية بنسبة 61.3٪ من أعضاء البرلمان، كما احتلت المرتبة التاسعة عالميًا في سد الفجوات بين الجنسين وفقًا للتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين 2020. كما أن 52٪ من أعضاء مجلس الوزراء هم من النساء، وتمثل نسبة النساء من القضاة وكتّاب المحاكم 49.7٪ بينما تشغل النساء في القيادة الحكومية المحلية نسبة 45.2٪ بوظيفة أعضاء في المجالس المحلية.
وبالنظر إلى التاريخ الحديث للدولة، تدرك رواندا جيدًا تكلفة انعدام الأمن ومسؤولية الحماية. ففي بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، رواندا لديها ثاني أكبر عدد من النساء في قوات حفظ السلام اللواتي يساهمن في تحقيق السلام والإغاثة في جميع أنحاء العالم؛ ولأن الحروب والكوارث في كل مكان تؤثر على النساء والأطفال أكثر من غيرهم، فمن المهم دائمًا أن يكون لديك صوت ويد عون امرأة بجانب امرأة ضحية وقت الحاجة.
واستقر التكافؤ بين الجنسين في مجال التعليم، حيث بلغ معدل التحاق الفتيات 49.5٪ مقابل 50.5٪ للذكور في المرحلة الابتدائية، بينما زاد التحاق الفتيات في المرحلة الثانوية ليصل إلى 53.3٪ مقابل 46.7٪ للذكور، وفقًا لإحصاءات التعليم الصادرة عن وزارة التربية والتعليم عام 2019.
من الناحية الاقتصادية، تتمتع النساء والفتيات بنفس الحقوق للحصول على ملكية الأراضي والميراث التي يتمتع بها أشقائهن في رواندا. يكفي القول أن تقدم رواندا في مجال تمكين المرأة هو نتيجة لأساس متين أرسته أعلى درجات التحلي بالإرادة السياسية وأطر قانونية وسياساتية مدروسة إلى جانب آليات أخرى.
ومع احتفالنا باليوم العالمي للمرأة في عام 2021، ما زال أمامنا الكثير مما يتعين القيام به لتحقيق المساواة بين الجنسين، فلنتعاون معًا من أجل عالم تسوده المساواة والإنصاف.