سلطان القلوب.. 51 عاماً من العمل والعطاء
الشارقة الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
نصف قرن وعام على حكم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ هو زمن قيادة وفكر وحكمة.
نصف قرن وعام، زمن أبوّة وحنكة وفلسفة، وكلّها ترسم الصورة الصافية النقية لسموّه، وهو يجمع في شخصية واحدة أكثر من خصلة تليق برجل جعل من إمارته فردوساً للإنسان والحياة والعيش والتنمية والإبداع، والروح الوطنية المكتملة بالإيمان والقوة والثقة المطلقة بوطن عزيز بعزّة أهله، وجميل بجمال ناسه وتاريخه وجغرافيته، وذاكرته.
سلطان بن محمد القاسمي، اسم تاريخ، واسم ذاكرة، واسم معرفة يجتمع فيه مبتدأ الإنسان وخبر المكان، اسم يلتقي فيه معنى الحاكم مع معنى الحكيم، ونموذجيته وضميريته التي تُترجم إلى صفتين متكافئتين الحاكم المقرّر، والحاكم المثقف.. ابن مكانه وأهله، وأبُو ناسه وأولاده وعشيرته.
بهذه الروح الأدبية والإنسانية والثقافية نقرأ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، منذ تسلّم الحكم شاباً وحتى اليوم، وسموّه يحوّل الحكم والسلطة إلى أبوّة ورفق وسلام، ويحوّل التراب والحجر والفَلَوات والجبال إلى إمارة علم ومعارف وأعمال وثقافة. إمارة مؤسسات ومشاريع ومبادرات وتكريمات تجاوزت المحلي إلى العربي، والعالمي.
التعليم نجمة سلطان التي يشير إليها دائماً، ببلاغة الأستاذ الجامعي والأكاديمي والباحث والمؤلف؛ التعليم من صف الطفل إلى مقعد الطالب الذي أخذ وسام التخرّج، ووسام الشهادة العالية.
الإنسان أولاً وثانياً وثالثاً، هو في رأس المذكرة اليومية لسلطان الإنسان من المكتفي إلى المحتاج، ومن القريب إلى البعيد، ومن العفيّ إلى المريض هو هاجس سلطان، وسؤاله، وجوهره.
الثقافة والفنون والآداب والجماليات، والكتاب والنشر والآثار والمعمار واللغة من أصلها الأبجدي إلى تاريخها المعجمي.. كل هذا وذاك هو الصباح الذي ينهض فيه رجل القلمين، قلم القرار وقلم الكتابة؛ قلم الحاكم وقلم الأديب، قلم المُدَبّر، وقلم المحُبِّرْ.
نصف قرن وعام من النصح والتوجيه والتفكير، نصف قرن وعام، من الصحو قبل صلاة الفجر وقراءة الصحيفة التي يحبّ، ثم المشاركة على هاتف الأثير الإذاعي إن اقتضى الأمر، قريباً دائماً من الناس وهؤلاء أهله وفضاؤه الإنساني المحترم.
قال «تحت الشمس وفي الهواء الطلق: أوّل درجة للترفع، التسامح، وأقرب كل حدّ التسامح، أتيت مصلحاً لا مخرّباً، أحاول أن أقرّب بين الناس».
وقال سموّه «عشت في هالة، لكن لم أنعزل عن الناس»، وقال: «أفتح مجلسي لجميع الناس»، وفي اختصار تلك هي أخلاقيات الحاكم الأب، والحاكم الحكيم.
نصف قرن وعام، سرّ من رأى الشارقة، وسرّ من قبض على تراب من صحرائها، وسرّ من نقش على حجرٍ في جبالها، ومن تطهّر في بحرها.. الإمارة الأم، والحاكم الأب.