كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في التقرير السنوي لمجموعة الإمارات 2020/2021
مثّلت جائحة كوفيد-19 أحد أكبر التحديات التي واجهتها البشرية على مر التاريخ، وأحدثت حالة من الارتباك غير المسبوق في عموم العالم وعلى كافة المستويات، إلا أنها كانت سبباً في الوصول إلى درجة لا يمكن تخيلها من المرونة في التعامل مع تبعاتها.
وقد قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة قصة نجاح حقيقية في مواجهة الجائحة، بكل قوة وثبات وقدرة على التحمل، حيث تمكنت بجدارة من تجاوز الاختبار بإظهار قدرة عالية على التعامل مع مثل هذه الأوضاع الاستثنائية غير المتوقعة، بل وتخطت الأسوأ فيها وهي أقوى من ذي قبل.
وأثبتت الإمارات أنها من أفضل دول العالم استعداداً وجاهزيةً للتعامل مع هذه الجائحة؛ فهي لم تقم بحماية صحة ورفاهية مواطني الدولة والمقيمين على أرضها بشكل فعّال فحسب، بل تجاوزت أيضاً الآثار الاقتصادية للأزمة وذلك بفضل استثماراتنا خلال العقود القليلة الماضية في إنشاء بنية تحتية رائدة على مستوى العالم، إضافة إلى ما تملكه الدولة من مؤسسات راسخة وخدمات رفيعة المستوى، وكلها عناصر شكّلت عوناً مهماً لنا في مواجهة تحديات “كوفيد-19”.
ومن الصور المضيئة التي تجلّت خلال الجائحة، تضافر جهود مجتمع دولة الإمارات ومؤسساتها لتعبئة الإمكانات والموارد اللازمة لمكافحة الجائحة. وجاء تكامل جهود القطاعين العام والخاص في مجال الرعاية الصحية كأحد أبرز الأمثلة على روح التضامن التي تسود المجتمع الإماراتي.
وتأكيداً لهذه الروح، منحت حكومة دبي أولوية قصوى للتوسُّع في دعم الشركات لكي لا يتحول التأثير قصير المدى للجائحة إلى تحديات أكبر مستقبلاً، مع مواصلة التزامنا بمساعدة جميع القطاعات من أجل تسريع التعافي على أسس سليمة.
وخلال الجائحة، اتسم النموذج الذي تبعناه في إيجاد حلول لما جلبته من تحديات بالتعاون وإعلاء القيم الإنسانية النبيلة وسرعة العمل والإنجاز. وجاءت استجابة قطاع الطيران والخدمات اللوجستية في دبي للتصدي لتبعات “كوفيد-19” كمثال واضح على قدرة دولتنا على التصدي بكل كفاءة لمثل هذه الظروف، إذ سارع القائمون على قطاع الطيران، بروح الفريق الواحد، إلى توظيف قدراتهم العالمية، ليس من أجل تسهيل توزيع اللقاحات في دولة الإمارات بسرعة عالية فحسب، بل أيضاً لتوصيل إمدادات الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى الدول النامية.
فقطاع الطيران هو مكون حيوي في رؤية دبي لترسيخ مكانتهاً مركزاً اقتصادياً عالمياً رئيساً، بينما تسهم “مجموعة الإمارات” في تعزيز مسيرة النجاح الاقتصادي لدبي، وهي تمثل عنصراً فاعلاً في تأكيد فرص النمو والازدهار لاقتصادنا الوطني خلال المرحلة المقبلة. وأنا على ثقة تامة من أن المجموعة ستواصل دورها الرائد في رسم مستقبل الطيران العالمي، تزامناً مع دورها في تنفيذ رؤية دولة الإمارات وتحقيق تطلعاتها الاقتصادية.
ومع الاستعداد للاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيسها، تتأهب دولة الإمارات لخوض مرحلة جديدة في مسيرتها المكللة بالنجاح والتي انطلقت في بدايتها كمركز تجاري إقليمي متواضع، لتتحول خلال أقل من 50 عاماً إلى دولة أرسلت روادها إلى الفضاء وأطلقت أول مسبار من نوعه في العالمين العربي والإسلامي في مهمة تاريخية لاكتشاف كوكب المريخ. لقد اعتدنا في دولة الإمارات ألا يكون هناك سقف لطموحاتنا، وأنا على ثقة تامة في قدرتنا على تحقيق المزيد من الإنجازات غير المسبوقة التي نؤكد بها ريادتنا، ونواصل معها مسيرتنا التي انطلقت على يد الآباء المؤسسين، مستلهمين رؤيتهم في أن تكون دولة الإمارات دائماً صاحبة إسهام إيجابي واضح ومؤثر في جعل العالم مكاناً أفضل للأجيال القادمة.
محمد بن راشد آل مكتوم