محمد القرقاوي: وظائف المستقبل ستعتمد على مواهب الخيال والإبداع .. والأفكار ستكون الأهم
في كلمته الافتتاحية في القمة العالمية للحكومات
دبي الامارات العربية المتحدة
متابعة سلام محمد
أكد معالي محمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات أن “من يملك المعلومة يملك المستقبل.. وأن من يملك المعلومة يستطيع أن يقدم خدمة أفضل.. ويطور الحياة بشكل أكبر “، جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها القرقاوي خلال افتتاح فعاليات الدورة السابعة من القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي في الفترة من 10- 12 فبراير الجاري وتستضيف رؤساء حكومات ومسؤولين وقادة فكر من 140 دولة، وأكثر من 30 منظمة دولية.
وتحدث القرقاوي عن ثلاثة تحولات كبرى ستتسارع خلال الفترة القادمة وستكون تأثيراتها شاملة، شارحاً تأثيرات التحولات العظمى على كافة القطاعات، حيث ستغير حياة البشرية بشكل أكبر خلال الفترات المقبلة.
التغير الأول: تراجع دور الحكومات
أشار القرقاوي إلى أن “الحكومات ستشهد تراجعاً في دورها وربما انسحاب الحكومات بشكل كامل عن قيادة التغيير في المجتمعات الإنسانية”. وذكر أن “الحكومات ظلت بشكلها الحالي عبر مئات السنين هي الأداة الرئيسية لتطوير المجتمعات، وقيادة عجلة النمو، وتحسين حياة البشر”، مضيفاً بأن الحكومات “كانت تتمتع بهياكل هياكل تنظيمية معينة وأدوار ثابتة وخدمات متعارف عليها، محاولةً خلق البيئة الأمثل لتطوير المجتمعات وتحقيق النمو والرفاه والحياه الكريمة للإنسان.”
وأكد معاليه أن “المعادلة بدأت اليوم في التغير بشكل متسارع، ولا بد طرح عدة أسئلة بهذا الخصوص”.
واعتبر القرقاوي أن “السؤال الأول الذي يتطلب الإجابة عنه هو “من يقود التغيير اليوم؟ خصوصا أن الحكومات لا تقود التغييرات في المجتمعات الإنسانية اليوم، ولا تؤثر بها، بل فقط تحاول الاستجابة لها، وأحيانا بشكل متأخر”.
ولفت القرقاوي إلى أن كافة القطاعات الكبرى تتحكم بها الشركات لا الحكومات، ضارباً الأمثلة في قطاعات مثل التقنية التي يصل حجم إنفاق البحث والتطوير في شركات مثل أمازون في عام واحد فقط 22 مليار دولار، وفي جوجل 16 مليار دولار، وفي هواوي 15 مليار دولار. كما تحدث معاليه عن قطاع الطب والصحة، وشبكات وأدوات النقل وحتى قطاع الفضاء.
أما السؤال الثاني الذي أشار إليه القرقاوي في كلمته فهو: “من يملك المعلومة اليوم؟”، حيث قارن القرقاوي بين عمل الحكومات في هذا الإطار والتي كانت تحتفظ بالبيانات في مباني تعتبرها ثروات وطنية”، مقارنة بعمل الشركات الكبرى اليوم التي تحتفظ بسجلات حياة: كيف نعيش، وأين نعيش، وماذا نقرأ، ومن نعرف، وأين نسافر، وأين نأكل، ومن نحب، وماذا نحب، مؤكداً بأن هذه البيانات تشمل حتى الآراء السياسة والأنماط الاستهلاكية.
وذكر القرقاوي: “من يملك المعلومة يستطيع أن يقدم خدمة أفضل، ويطور الحياة بشكل أكبر.. من يملك المعلومة يملك المستقبل”.
واعتبر القرقاوي أن “الحكومات بشكلها القديم لا تستطيع التأثير في صنع المستقبل.. لا بد أن تعيد الحكومات النظر في هياكلها، وفي وظائفها، وفي تفاعلها مع المجتمع، وأيضا في خدماتها”.
مضيفا” :لا بد أن تتحول الحكومات من إدارة الخدمات إلى قيادة التغيير، ولا بد أن تتحول الحكومات من الهياكل الجامدة إلى المنصات المفتوحة”.
وقال القرقاوي إن “الحكومات أمام خيارين؛ إما أن تعيد صياغة نفسها بما يتناسب مع عصرها، أو تخاطر بتراجع دورها وقوتها وخروجها من دائرة الفعل ودائرة التغيير الإيجابي وأن تكون خارج السباق وخارج السياق”.
التغير الثاني: السلعة الأهم في المستقبل هي الخيال
أشار القرقاوي في كلمته إلى أن “الخيال هي الموهبة الأهم والسلعة الأعظم، وعليها سيكون التنافس، ومن خلالها سيتم خلق القيمة، ومن يملكها سيملك اقتصاد المستقبل”.
ونوه القرقاوي بأن “45% من الوظائف ستختفي خلال السنوات القادمة، وأغلب هذه الوظائف هي الوظائف التي تعتمد على المنطق أو الروتين أو القوة البدنية، لافتاً إلى أن الوظائف الوحيدة التي ستحقق نمواً خلال العقود القادمة هي التي تعتمد على الخيال والإبداع وذلك حسب آخر الدراسات.
وأوضح معاليه بأن “حجم القطاع الاقتصادي المتعلق بالخيال والإبداع بلغ في 2015 أكثر من 2.2 تريليون دولار”، مضيفا بأن:” وظائف المستقبل ستعتمد على مواهب الخيال والإبداع”.
وأكد القرقاوي بأن “المائة عام القادمة تحتاج تعليماً يحفز الخيال، وينمي الإبداع، ويغرس روح البحث والابتكار ، لا إلى تعليم يعتمد على التلقين”.
وشدد القرقاوي بأن “الأفكار ستكون هي السلعة الأهم”، موضحاً بأننا “ننتقل اليوم من عصر المعلومات إلى عصر الخيال، ومن اقتصاد المعرفة إلى اقتصاد الابداع”.
وأضاف معاليه بالقول إن “الأفكار لن تحمل جنسية معينة، ولن تحدها حدود.. ستهاجر أفضل الأفكار، وأصحابها يعيشون في بلادهم”، مشيراً إلى أن “اليوم، يمكن بناء الاقتصاد بأفكار شباب يعيشون في بلد آخر”.
وأعطى القرقاوي مثالاً من الولايات المتحدة، حيث قال بأن حجم سوق المواهب في الولايات المتحدة يبلغ 57 مليون موهبة يعرضون مواهبهم في الفضاء الرقمي، حيث أضافوا للاقتصاد الأمريكي 1.4 تريليون في العام 2017 لوحده. ومن المتوقع أن تتجاوز القوة العاملة في سوق المواهب المفتوحة هناك أكثر من 50% من القوة العاملة في العام 2027.
وقال القرقاوي: “في السابق كنا نتحدث عن استقطاب المواهب، واليوم نحن نتحدث عن استقطاب الأفكار أيضاً لأنها هي الأهم.
التغير الثالث: الترابط على مستوى جديد
في حديثه عن الترابط، أكد القرقاوي بأن أحد أهم الأسباب الرئيسية للرفاه الذي تعيشه الشعوب هو الترابط عبر شبكة واحدة والتواصل الدائم، وانتقال الخدمات والأفكار والمعرفة بين الناس.
وقال معاليه: “الترابط في المستقبل القريب سيكون بين 30 مليار جهاز مع الانترنت، حيث تستطيع هذه الأجهزة التحدث مع بعضها وتبادل المعلومات، والعمل معا أيضاً لإنجاز مهام محددة”، موضحاً بأن إنترنت الأشياء سيغير حياتنا بشكل أكبر وأفضل، وستكون تقنية الـ 5G هي نقطة التحول في إنترنت الأشياء.
وذكر القرقاوي بأن “تقنية 5G ستوفر خلال 15 عاما فقط فرصاً اقتصادية بقيمة 12 تريليون دولار، وهي أكبر من السوق الاستهلاكية للصين واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا مجتمعة في العام 2016″.
إلى ذلك، وفي موضوع التواصل على مستوى جديد، قال القرقاوي: “الوصول للإنترنت أيضاً سيكون متاحاً مجاناً لجميع البشر خلال سنوات قليلة بما يخلق فرصاً هائلة ويضيف من 2 إلى 3 مليار من البشر للشبكة، بما يخلق أسواقاً جديدة”.
وشدد القرقاوي أن “تواصل البشر هو مصدر قوتهم اقتصادياً ونهضتهم علميا وحضارياً، وكلما زادت نقاط الاتصال وقنوات التواصل زادت القوة”، مشيراً إلى أن “الفوز في المنافسة سيكون لمن يستطيع مواكبة هذه الثورة وخلق البيئة الأمثل للاستفادة من الفرص الكبرى التي توفرها التقنيات الجديدة في الاتصال والتواصل”.
وختم القرقاوي: “التحولات كثيرة، والمتغيرات لا تتوقف، والحقيقة الثابتة الوحيدة أن سرعة التغيير أكبر بكثير مما كنا نتوقع قبل سنوات بسيطة”، مضيفاً: “الحكومات التي تريد البقاء في إطار المنافسة لا بد أن تفهم وتستوعب وتواكب كل هذه المتغيرات، وهذه هي رسالة القمة العالمية للحكومات”.