معهد المحاسبين القانونيين ICAEW: اقتصادات الشرق الأوسط تنكمش بنسبة 7.6% في 2020
دبي، الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
أفاد تقرير جديد بأن من المتوقع أن تتقلّص اقتصادات الشرق الأوسط بنسبة 7.6% هذه السنة. وتوقع تقرير الآفاق الاقتصادية الذي أعدته مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط بنسبة 7.6% هذه السنة، ما يعادل تقريباً ضعف الانكماش الذي توقّعه التقرير في أبريل الماضي بنسبة 3.9%. ومع ذلك، من المرجح أن تنتعش وتيرة النمو لتصل إلى 4% في 2021 و 2022 في ظل تخفيف القيود والإغلاق المؤقت للأعمال، وعودة حركة السفر العالمية، وصعود أسعار خام برنت إلى 50 دولار أميركي للبرميل.
وكان معهد المحاسبين القانونيين ICAEW قد نظّم ندوة عبر الإنترنت تزامناً مع إصدار التقرير، وشارك خلالها رؤيته حول التوقعات الاقتصادية العالمية والإقليمية. وتمحورت بؤرة التركيز على القطاعات الصناعية الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة والتي تترقّب موجة تعافي على المدى الطويل – لا سيما قطاع النفط وصناعة السفر والسياحة.
وتضمنت قائمة المتحدثين كلاً من تيم فوكس، الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين والرئيس السابق لقسم الأبحاث في مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني؛ وتسيبو ساو، المحاسب القانوني المعتمد والمدير المساعد لصندوق ماكوري للبنية التحتية والأصول العقارية؛ والدكتور ارنست كان، المحاسب القانوني المعتمد وكبير المستشارين لأسواق الصين الرأسمالية. وترأس الحلقة النقاشية سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الاقتصاديين في “أكسفورد إيكونوميكس”. وأوضح أنه خلال النصف الأول من هذا العام، انكمش الاقتصاد العالمي بوتيرة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث نفذت الحكومات الوطنية إجراءات التباعد الاجتماعي لمحاربة انتشار كوفيد -19. وفي حين يبدو أن عمليات الإغلاق الصارمة التي تم تنفيذها خلال الربع الثاني من العام قد نجحت في الحد من انتشار الفيروس في معظم البلدان، إلا أنها فرضت ضغوطات كبيرة على النشاط الاقتصادي.
ولا تزال آفاق الاقتصاد غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي تواجه العديد من التحديات. ومن المحتمل أن تكون قيود السفر واقعاً حياتياً لبعض الوقت، ما سيؤثر على النشاط السياحي العالمي, ركيزة مهمة للاقتصاد غير النفطي. وتفترض توقعات “أكسفورد إيكونوميكس” أن أعداد المسافرين الدوليين على مستوى العالم ستنخفض بنسبة 55% في 2020، ولن تتعافى إلى مستويات ما قبل الأزمة حتى عام 2023. وفي حين أن العوامل الاقتصادية تلعب دوراَ محورياً في التعافي العالمي، سيكون لمدى سرعة رفع القيود على السفر، واستعداد الناس لاستئناف السفر إلى الخارج، أهمية أكبر.
إن اعتماد دول المنطقة على العمالة الوافدة في القطاعات الأكثر تأثراً بالأزمات يعني أن عبء فقدان الوظائف سيقع بشكل أساسي على المغتربين. ونظراً لارتباط إقامات المغتربين بالوظائف، وعدم وجود شبكة أمان اجتماعي، من المرجح أن تنشأ ظاهرة نزوح للمغتربين مع رفع قيود السفر. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض التعداد السكاني بنسبة تتراوح بين 4% في المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، وحوالي 10% في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر.
وقال مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “إن ما يجعل هذا الركود العالمي غير عادي هو شدته، وكذلك السرعة التي حدث فيها. إن القضايا التي نواجهها تتسم بصبغة عالمية في طبيعتها، وتتطلب حلاً دولياً وجماعياً. ومن أجل إعادة بناء الاقتصاد، يجب أن تظل حكومات الشرق الأوسط مرنة، وأن تفكر بنظرة بعيدة المدى لاتخاذ قرارات واعية أفضل”.
وتواجه مستويات الصادرات في الدول المنتجة للنفط أضراراً جسيمة، حيث أنها تصارع الانهيار الهائل في أسعار النفط خلال شهري مارس وأبريل. ويتوقع التقرير أن ينخفض إجمالي الصادرات في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة تتراوح بين 6 و 12% في 2020. ومع ذلك، وبالنسبة للدول المستوردة للنفط، تبدو التوقعات مشجعة بشكل أكبر بسبب الفوائد التي قد تجنيها من انخفاض أسعار النفط، حتى مع الأضرار التي طالت قطاعات مهمة مثل التجارة والسياحة، والضغوطات التي واجهتها التحويلات المالية.
آفاق ضعيفة للتجارة عالمياً في مرحلة ما بعد كوفيد-19
في ظل انكماش إجمالي الناتج المحلي عالمياً بنحو 9% خلال النصف الأول من 2020، وجد التقرير، وعلى الرغم من الانتعاش القوي بنسبة 6.4% في الربع الثالث، أن النمو العالمي سوف ينكمش بنسبة 4.4% إجمالاً في 2020. ومع ذلك، من شأن الزخم القوي من النصف الثاني للعام أن يحفّز النمو إلى 5.8% في 2021.
وبحسب “أكسفورد إيكونوميكس”، انكمش متوسط الاقتصاد المتقدم بنحو 10% على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من 2020، هي الفترة التي شهدت فيها العديد من البلدان حالات إغلاق شبه كاملة، بعد انخفاض بنحو 2% في الربع الأول من العام.
وقال المتحدثون إن الأزمة عطلت بشدة حركة التدفق الدولي للسلع والخدمات، وقد يكون لها عواقب طويلة الأجل على نظام التجارة العالمية. فقبل الوباء، كانت التجارة العالمية تعاني بالفعل من تباطؤ طويل الأمد نتيجة سياسات الحماية الاقتصادية، والتغيير في هيكلية سلاسل التوريد. وحتى بمجرد السيطرة على الفيروس وعودة النشاط الاقتصادي إلى مستويات ما قبل الوباء، تتوقع “أكسفورد إيكونوميكس” أن تظل هذه المشكلات قائمة. ومن المرجح لهذا التدهور الهيكلي أن يتسارع، حيث تهدف الحكومات إلى احتواء نقاط الضعف التي كشفها الوباء في نظام التجارة العالمية.
كما أن التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 تُعزز القوى متوسطة الأجل التي فرضت ضغوطات انعكاسية على أسعار الفائدة طويلة الأجل وتكاليف الاقتراض الحكومي على مدار العقد الماضي، مثل خفض التضخم وتباطؤ النمو على المدى المتوسط.
ومن المفترض أن البنوك المركزية ستُبقي أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة. كما أن التيسير الكمي، واللوائح التي تشجع البنوك وشركات التأمين على الاحتفاظ بالسندات الحكومية، وزيادة المدخرات الاحترازية للأسر والشركات، وتصاعد الطلب العالمي على “الأصول الآمنة” ستحافظ على احتواء عائدات السندات الحكومية وتكاليف الاقتراض خلال السنوات الأربع أو الخمس التالية.