دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
عقدت ندوة الثقافة والعلوم جلسة قرائية لكتاب الفريج لسعادة إبراهيم بوملحه مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الإنسانية والثقافية، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، بحضور معالي سعيد محمد الرقباني المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم الفجيرة، رئيس مجلس أمناء جامعة الفجيرة، معالي عبدالله غباش معالي عبد الله محمد غباش، المدير العام لجهاز الرقابة المالية، وعبدالغفار حسين وجمال الغرير وبلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة ود. صلاح القاسم وعائشة سلطان أعضاء مجلس الإدارة ود. سعيد حارب ود. حصة لوتاه وجمع غفير من الحضور والمهتمين.
بدأت المناقشة بعرض فيلم توثيقي من إنتاج إعداد متحف المرأة عن حفر أول بئر ماء في دبي بعنوان “شعب يرتوي ماءً وحباً وكرامة”.
أدارت المناقشة د. رفيعة غباش رئيسة متحف المرأة مؤكدة أن كتاب سعادة المستشار إبراهيم بو ملحة (الفريج) كتاب غير عادي؛ ولم تكن تقرأه بقدر ما كانت تشعر وترى وتعيش كل تفاصيله، لوجود نقاط اشتراك وتقاطع كثيرة؛ كونها وبوملحه نشأ في نفس الحي أو (الفريج)، كما صادفَ أن يكون بوملحه درس على يد المطوعة الزينة التي وصفها بكلمات جميلة في الكتاب قائلاً:
«المرأة الطاهرة التي كان لها فضل تعليمنا كتاب الله، ولا تزال صورتها حيّة في ذهني إلى اليوم، ومنظر الصبية، وهم جالسون حولها، ترتفع أصواتهم بالقرآن الكريم كدليل لها على اجتهادهم».
تلك المطوعة التي درست د. رفيعة غباش على يد ابنتها المطوعة فاطمة ثاني بن عبد الله بن لوتاه.
وأضافت غباش أن الأمر الآخر المشترك بينها وبين بوملحة أن الكتاب يتكلم عن دبي بأكملها، مركزًا على الحي الذي عاش فيه. وفي الوقت نفسه أصدرتُ غباش كتابًا يتكلم عن الحي من خلال امرأة عاشت فيه.
وذكرت أنها شعرت أن سعادة المستشار إبراهيم لم يكن يكتب بيده، بل كان يكتب بقلبه ومشاعره ومودته. لما وجدته من دفء جميل وبصيرة باحث عن التفاصيل الدقيقة التي لا تسترعي انتباه الكثيرين. يتحرى دقة المعلومات، وقد نجح في ذلك كثيرًا، ودعمها ليس بالرواية الشفهية فقط، وإنما بالأشعار والصور كذلك.
وذكرت غباش أن الكتاب حفظ الحياة الاجتماعية لأهل الفريج بكل تفاصيلها، بدءً من نوع العمل الذي يمارسه الأب والأم، الرجل والمرأة، إلى ألعاب الأطفال، إلى ماذا نأكل، وكيف نأكل، و… كل هذه التفاصيل.
وذكر سعادة إبراهيم بوملحة أن الفريج عنوان كبير تندرج تحته مجموعة كبيرة من الموضوعات والاهتمام، والفريج جزء من كيان وعادات وتقاليد وأعراف مجتمع عشنا فيه، والحديث عن التفاصيل الجميلة هو نوع من الوفاء للماضي حيث تختزن الذاكرة تفاصيل كثيرة ضرورية ومهمة لربط الأجيال بعضها ببعض، ونتيجة للتطور السريع خشيت اندثار تلك التفاصيل فحرصت على توثيق الذاكرة بهذا الكتاب.
وأضاف بوملحه أن سكة الخيل ذلك (الفريج) أرخ في أذهاننا كثير من الذكريات الجميلة، حتى كدت وأنا أكتب تفاصيل الكتاب أن أرسم الفريج رسماً مطابقاً.
وأكد أنه نتيجة للتطور تلاشت الكثير من الفرجان ولم يتبق منهم في دبي إلا فريج البستكية، رغم أهمية الفرجان للتواصل بين الأجيال وربطهم بماضيهم حسب مقولة صاحب السمو الشيخ زايد رحمه الله “من لا يعرف ماضيه، لا يعرف حاضره”، وتحرص الدولة على إحياء بعض المناطق القديمة حفظاً للإرث والتاريخ الوطني. إلا أن المسؤولية تقع أيضاً على مناهج التعليم التي يجب أن تتضمن الكثير من التعريف بالتراث والماضي وكذلك تقع المسؤولية على الأسر لأحياء والحديث عن مظاهر الحياة الماضية وما كانت تتسم به من ألفة ومحبة وتكافل بين الجميع.
كذلك المسؤولية على المثقفين الذين يجب أن يولوا التراث والتاريخ شيئاً من الأهمية في كتاباتهم سواء بالعرض أو التناول أو التوثيق المسؤولية جماعية تجاه الحفاظ على الإرث التاريخي للدولة.
وأشار بوملحه أنه من المحزن الانتقال نقلة نوعية سريعة من الماضي إلى حياة عصرية غاية في العصرنة هو جيد من ناحية التطور ولكنه كان قاصماً حاداً بين القديم والحديث. فالفريج أدى دور كبير في المحافظة على التقاليد والأعراف، وهذا الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب هو توثيق ذاكرة مكتوبة عن الماضي لتكون في متناول الأجيال الحاضرة.
وقد ناشد بوملحه جميع المهتمين والباحثين بتوثيق وتسجيل ذكريات المكان للوقوف على مظاهر الحياة في مختلف مناطق الدولة حفظاً للتاريخ والتراث، حيث يعتبر الفريج وحدة اجتماعية قائمة بذاتها وتؤدي دوراً إيجابياً وتسهم مساهمة فاعلة في تنمية العلاقات الاجتماعية في المجتمع، فلم تكن الخلافات بين الأشخاص تتطور للمحاكم حيث كانت تحل من قبل أعيان أهل الفريج، كذلك كانت الفرجان تتسم بالترابط الأسري وكانت البيوت متلاصقة تشعر بدفء بعضها البعض، ومكان في غالبية البيوت فتحات تصل بين البيوت وبعضها حتى يعتقد أن كل بيوت الفريج بينت واحد وأسرة واحدة.
وأكد على أن العلاقات الأسرية بين أهل الفريج كانت ترتقي إلى درجة القدوة وكان كثير من أبناء وبنات الفريج أخوة في الرضاعة ما يدل على عمق الأواصر والروابط بين أهل الفريج، كذلك كان الأطفال والشباب يقدرون ويوقرون الكبار.
وذكر عن أهم الشخصيات المؤثرة في الفريج مثال أحمد ومحمد بن دلموك وغيرهما وكان يؤدون دور اجتماعي متميز من خلال حل المشكلات بين أهل الفريج، والتكافل الاجتماعي للمتعسرين من أهل الفريج، وكان بن دلموك أحد أبرز المشهورين في فريج الراس كرماً وعطاءً ويقدم كثير من المساعدات لأبناء وأهل الدولة ودول الخليج ككل.
وتحدث عن بعض شخصيات الكتاب مثل المعالجة آمنة معتوقة والمطوعة وكثير من الشخصيات. وعن انتقاله من فريج سكة الخيل إلى مكان آخر إلا أنه اكتسب عادة زيارة الفريج من والده وهو يحرص على هذه العادة حتى اليوم يذهب أسبوعيا إلى مكان فريجه القديم رغم تغير ملامحه إلا أنه يستدعي الذكريات الماضية.
وذكر تفاعل أهل الإمارات مع القومية العربية وبصورة أكبر مع دخول التعليم إلى الدولة عبر المدرسين العرب الذين غذوا الروح القومية في أبناء إمارات الخليج سواء مع ثورة 23 يوليو في مصر أو العدوان الثلاثي على مصر وغيرها من الأحداث العربية والتي تفاعل معها أبناء المنطقة بشكل إيجابي.