فقه النقود والمعاملات في الإسلام
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
نظمت ندوة الثقافة والعلوم مساء أمس محاضرة بعنوان “فقه النقود والمعاملات في الإسلام: مجموعة عبدالله بن جاسم المطيري – أنموذجاً” للأستاذ الدكتور عاطف منصور أستاذ المسكوكات والآثار المصرية – عميد كلية الآثار، جامعة الفيوم، مصر. ومن الحضور بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة ود. صلاح القاسم عضو مجلس الإدارة والمدير الإداري، وجمال الخياط عضو مجلس الإدارة والمدير المالي وعبدالله المطيري والمهندس رشاد بخش ود. شهاب غانم ونخبة من المهتمين.
قدم للمحاضر عبدالرزاق العبدالله الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة دبي الإسلامي الإنسانية وذكر أن التعاملات الاقتصادية في عملية البيع والشراء كانت تتم بالمقايضة، من حنطة بشعير أو قمح، أو ما إلى ذلك من الزروع، خاصة في المجتمعات البدائية، وبالعودة إلى القرآن الكريم نجد ذكر النقود، ففي سورة الكهف يقول الله عز وجل في قصة الفتية (فَٱبْعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا…) ونجد تفسير كلمة “بورقكم” أنها “بدراهمكم” كما جاء في كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس للفيروزابادي. وفي سورة يوسف نقرأ قوله تعالى: “وشروه بثمن بخس دراهم معدودة…” أي أن النقود والعملات كانت معروفة لدى المجتمعات المتحضرة منذ القدم فهي تعبير عن قوة ومتانة اقتصاد الدول، فالمجتمع القوي هو الذي يسك النقود ويكون له بذلك استقلاله الاقتصادي.
وقال العبدالله أنه منذ قيام الدولة الإسلامية نجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أقر استعمال الدراهم الساسانية الفارسية، وفي عهد الخلافة الراشدة بدأ تعريب النقود في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي الدولة الأموية فقد بدأ سك العملة الإسلامية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان.
وأكد على أن المتاحف العالمية تزخر بالقطع الإسلامية من النقود، وكذلك يحتفظ بعض المقتنيين بقطع منها. وتفخر الإمارات أن من بين أبنائها من اهتم بنفائس النقود الإسلامية وعرف أسرارها وتاريخها، وخبر صحيحها والزيف منها، أنه الأستاذ الخبير عبدالله بن محمد بن جاسم المطيري، الذي يعد مرجعاً مهماً في هذا المجال.
وذكر د. عاطف منصور أن النقود حظيت باهتمام خاص في الدولة الإسلامية، كما اهتمت الشريعة الإسلامية بها في ميدان العبادات والمعاملات، وذلك لاتصال النقود بالزكاة والصداق والعقود والوقف والديات وغيرها.
وأضاف منصور أن النقود لعبت أيضاً دوراً مهماً في العصر الإسلامي ليس باعتبارها أدارة مهمة في النظام الاقتصادي فحسب، ولكن باعتبارها الجهاز الإعلامي الحكومي الذي يقوم الآن مقام وسائل الإعلام الحديثة المختلفة من إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات وغيرها، وذلك لما تتمتع به من سرعة تتداول وسعة في الانتشار. كما كانت تمثل أهم شارات الملك والسلطان التي حرص على اتخاذها الخلفاء والحكام بعد اعتلائهم للحكم.
وقال منصور أن الفقه كان له أثر كبير على النقود من حيث الشكل والمضمون والقيمة وأسعار الصرف والتداول، وهذا ما وجد في مجموعة الباحث عبدالله المطيري والتي صنفت في عشر مجلدات تغطي الإطار الزمني والجغرافي للحضارة الإسلامية من المحيط الأطلنطي إلى حدود الصين شرقاً، ومن أواسط أوروبا شمالاً إلى أواسط إفريقيا جنوباً عبر ما يزيد على ثلاثة عشر قرناً.
وأشار منصور إلى أن الفقهاء انطلقوا في وضع الأحكام الفقهية المناسبة لكل نظام نقدي وفقاً لتغير الظروف والأحوال بالمجتمع الإسلامي، وتعلقت هذه الأحكام الفقهية بالنقود من حيث الشكل والمضمون والقيمة والتداول وأسعار الصرف.
وقد رأى بعض الفقهاء أن وضع الصور على النقود غير مستحب، وهذا ما أكده عدم ظهور أي صور على نقود المغرب والأندلس، كما حاكموا مزيفو النقود عبر خلط الفضة المخصصة بصك العملات بمعادن أخرى، أو من يقوم بإنقاص وزن النقود، لعلاقة الوزن بنصاب الزكاة.
كما منعوا التعامل بالنقود التي لا تحمل اسم الحاكم الشرعي، وكان من يضرب السكة بغير إذن الخليفة أو الحاكم يعتبر ثائراً ضده، ومنازعاً له في ملكه. كما حرموا تداول النقود الصليبية، واعترض الفقهاء على نقش عبارات أو كتابات غير قرآنية على بعض النقود.
وقد عرض الباحث نماذج متنوعة من العملات والنقود التي وردت أمثلة عنها في الفقه الإسلامي.