ندوة الثقافة والعلوم تحتفل باليوم العالمي للشعر وتطلق جائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي
دبي الإمارات العربية المتحدة
سلام محمد
بمناسبة اليوم العالمي للشعر نظمت ندوة الثقافة والعلوم أمسية شعرية تضمنت الاحتفاء بديوان في موكب الحب والحياة للشاعر الراحل محمد خليفة بن حاضر، بالإضافة إلى قصائد شعرية للشعراء خليل عيلبوني، د. شهاب غانم، طلال الجنيبي، كما ضم الاحتفال معرضاً لقصائد شعرية مخطوطة من مقتنيات الندوة.
حضر الأمسية معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد والكاتب عبدالغفار حسين وبلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيدالهاملي نائب الرئيس ود. صلاح القاسم المدير الإداري وسلطان صقر السويدي ود. رفيعة غباش وعبدالشكور تهلك ود. سليمان الهتلان وجمع من المهتمين والحضور.
استهل الأمسية بلال البدور مؤكداً أن مختلف الدول والقوميات تحتفل باليوم العالمي للشعر حسب لغتها ولذا لنجعله يوماً للاحتفال بالشعر العربي، فالشعر لغة مشتركه كل يؤدي هذا الفن القولي بلغته، والشعر العربي يمثل أهم فن قولي لدي العرب على مر التاريخ لأنه يسجل أحداثهم وأخبارهم، سواء في مدح الممدوحين من ملوك وسلاطين وأهل كرم وجود، أو مدح القادة أو الشخصيات والأعلام.
وأشار البدور إلى أن الكثيرون قرأوا شعر المعلقات التي حفظت جزاء من الشعر العربي، وأكد أن الأغلب يحفظ أجزاء من قصه حرب البسوس وقصائد جساس وكليب، لذلك أن الاحتفال بالشعر في هذا اليوم فإنما يمثل احتفال بالإحساس لأن الشعر ما هو إلا انعكاس لإحساس الشاعر يعبر فيه عما يريد.
ورأى البدور أن في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعر، يتم الاحتفاء بشخصيه من شخصيات الامارات، وتذكر أنه في عام 1987 تحدث معه إبراهيم بوملحه وهو كان مديراً لمحاكم دبي في تلك الفترة، وتقابلنا وكان الحديث حول الثقافة وحول أهميه وجود مؤسسة ثقافية، وتم الاتفاق على ان نلتقي مع عدد كبير من المثقفين والمهتمين وكان محمد بن حاضر حاضراً، وكان هو صاحب مشروع مكتوب حول تأسيس مؤسسة ثقافية، وتم الاتفاق على تأسيس ندوة الثقافة والعلوم، وتمت مقابله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي عندما طرحت عليه الفكرة كان يخاطبنا بصوت الحاضرين وتم الاتفاق على تأسيس الندوة، وعلى ان يكون المرحوم محمد بن حاضر هو حلقه الوصل بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وبين مؤسسي الندوة، وشكل أول مجلس للإدارة برئاسة معالي محمد المر، وكان المرحوم محمد بن حاضر نائب الرئيس والمتحدث الذي يلقي كلمه الندوة في مختلف الاحتفالات. لهذا من حقه علينا ان نحتفي به ونلقي الضوء على ديوانه الذي صدر مؤخرا (في موكب الحب والحياة) إصدار دار غاف الإماراتية.
وذكر محمد المر بعض من ملامح شخصية الشاعر محمد بن حاضر من خلال ذكرياته ولقاءاته ومعرفته الخاصة به، وأشار المر إلى ان وسائل الاعلام في الامارات لا تولي هذا اليوم اهتماماً خاصاً، بينما الشعر هو ديوان العرب، ووسيلتهم الأدبية للتعبير عبر تاريخهم لأكثر من 1500 سنة، فقد عرفت الأمم الاخرى الملاحم والمسرح والكثير من أنواع التعبير الادبي، وكان إبداعهم من خلال الشعر بالإضافة إلى استخدام القصائد في المديح والغزل والحكمة ووصف الطبيعة وتبسيط المنظومات اللغوية والفقهية لحب العرب في الشعر وافتتانهم به.
وأضاف المر لوكل جعل المحطات والإذاعات جعلت من هذا اليوم يوم للاحتفال بالشعر والشعراء كمحمد بن حاضر وأحمد أمين المدني وغيرهم ولكن ليس هناك اهتمام مؤسساتي للاحتفاء بهذا النوع من التعبير الأدبي.
وأكد المر أن بن حاضر كان شبيه بالشعر سلطان العويس الذي يقول على نفسه أنه تاجر استهواه الشعر، والدليل أنه لم يسعى لطبع ديوانه وإنما قام بطباعته الشاعر حمد خليفة بوشهاب.
وتذكر المر أنه طلب من بن حاضر أكثر من مرة نشر ديوانه فكان يقول له إنه ليس بشاعر، فقد كان شديد التواضع، والشعر بالنسبة له اختيار شخصي للتعبير عما يجول في نفسه أو تفاعلاً مع الأحداث والذكريات والأماكن التي يزرها فلم يطرح نفسه باعتباره شاعرا تقليداً، والدليل طباعة ديوانه بعد وفاته بفترة طويلة.
وأشار أن بن حاضر كان دائماً مستحضراً لقصائد المتنبي أو إيليا أبو ماضي، وفي إحدى زيارتهم لدمشق – تدمر وكان معهم ديوان الشاعر ابو القاسم الشابي كان شعره رفيق دربهم ذهاباً وإياباً، فقد كان يطرب ويأنس للشعر ومحب للشعراء والجلوس والاستماع إليهم.
وأشارت د. مريم الهاشمي إلى الجهد المضنى الذي أخذه الدكتور غازي مختار في جمع الديوان الذي وصل به إلى الأخذ بالقافية والترتيب الحرفي، وكذلك جهد ابراهيم الهاشمي في البحث حول حياته وشعره الشعبي، ولذلك لن تتطرق إلى حياته ودراسته وما ذهبت إليه الدراسات السابقة؛ بل ستوجز قراءة نقدية حول ديوانه “في موكب الحب والحياة“.
ورأت أن الشاعر ينتمي لمدرسة الرومانسية وهذا ما يؤكده قوله:
حبي لك الأقوى فإن لم تدركي قَدري، فقد أدركته بوفائي
أنا لن تزحزحني حقائق زُيّفت رفض المزيف، شيمة النبلاء
وأضافت أن الباب النقدي الأنسب لتناول ديوانه هو التلقي.. حيث خضعت فلسفة التلقي عند العرب، وقبلهم اليونان لقاعدة بلاغية معروفة، وهي “مطابقة الكلام لمقتضى الحال” وبوحي من هذه القاعدة توطدت علاقة النص بخبرة المتلقي وذوقه الجمالي، وبوحي منها كذلك بنى أرسطو نظريته في العلاقات المسرحية، حيث جعل النص المسرحي ملتزما بفكر الجمهور وثقافته مثيرا لدواعي الخوف والرحمة لدى المتلقي، ومن ثم كان الجمهور مناط الحكم على النص. والنقد العربي بكل مصادره المعرفية، ووسائله المتعددة في التعامل مع ضروب الكلام كان أكثر التزاما بطبيعة ونوعية العلاقة بين النص وأحوال المتلقي، واهتم الفكر البلاغي عند العرب بمنازل المخاطبين وأقدراهم الاجتماعية في النص الخطابي، فالخطيب “لا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة ولا الملوك بكلام السوقة. ومدار الأمر على إفهام كل قوم بمقدار طاقتهم، والحمل عليهم على أقدار منازلهم“، وقد نجد الاهتمام كذلك بالأحوال النفسية للمتلقي وما يكون له من وطأة فعالة في إصدار الأحكام على النص، فالموقف النفسي للمتلقي لا يقل أهمية وتأثيرا في مجال الحكم على النص عن الموقف الذي يصدر عنه الأديب شاعرا أو كاتبا أو خطيبا، فالعمل الفني هو عمل مشترك يسهم فيه صاحب النص بخلاصة التجربة التي عايشها، وتسهم فيه اللغة بدلالتها الموحية، كما يسهم فيه الدارس أو المتلقي بخبرته الفنية وذوقه الجمالي، فالعلاقة بين هذه المحاور تشبه بناء هرميا، قمته النص في لغته ومعطياته، وقاعدته المتلقي والأديب، وهي علاقة ذهنية تفرض نفسها على المتلقي ناقدا أو قارئا أو مستمعا. ولذا من أهم الأثار الناتجة عن مكونات النص في تفاعلها مع القارئ: الانعكاس الجمالي، القبض على المعاني والدلالات، والأثر النفسي والسلوكي الذي تتركه القراءة.
ووقفت الهاشمي على بعض مكونات النص والتي ترتبط الارتباط الوثيق بنظرية التلقي. ومنها: الصورة، الدلالة، النص والمعنى. تعد الصورة الفنية إحدى أهم مكونات النص التي شغلت النقاد والبلاغيين ولا سيما التشبيه والاستعارة، فهما يشكلان مع اللغة والوزن والقافية أهم عناصر الشعرية في القصيدة، والتي تجعلها مختلفة في تركيبها عن النصوص العلمية والرسائل والخطب، فالذي يميز النص الأدبي هو هذا الاستخدام الخاص للغة، وتجييره الصورة بهدف تحقيق غايته الإيصالية وتدعيم صفاته الجوهرية، فالصورة من هذا الجانب تمثل عنصر المفاضلة بين الشعراء في سبيل تقديم الحلة الأجمل للمعنى المقدم للمتلقي.
وألقى الإعلامي جمال مطر بعض من قصائد الشاعر محمد خليفة بن حاضر منها قصيدة وطني التي يقول فيها:
بالرُّوحِ سَوفَ أصُونُهُ، بِدِمَائي أُسْقِيهِ، في السَّرَاءِ في الضَّرَّاءِ
وطني رَضَعْتُ هَوَاهُ صِرْفاً صَافِياً وكَرَامَتي مِنْ نَبْعِهِ وإِبَائِي
أَنَّى ذَهَبْتُ وجدتني مُتَغَنِّياً بِجَمَالِهِ، إِنَّ الجمَالَ غِنَائِي
هَوَ لي مَنَارٌ أَهْتَدِي بِسَنَائِهِ وَلَهُ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ وَلاَئِي
كما ألقى قصيدة دبي والتي قال فيها:
هذي دبيُّ تزُفُّها أزْهَارُ ونَسَائمٌ هَمَسَاتُها أَنْوارُ
يا لَلْعروسِ!! تَفَرَّدَتْ بِمَحَاسِنٍ نَبَغَتْ بِذكرِ فُتونِها الأخبارُ
فالقدُّ قدُّ حَبيبةٍ قَدْ أقبَلَتْ والصَّدْرُ قَدْ ضَاقَتْ بِهِ الأَزْرارُ
والوجهُ وَجْهُ أَميرةٍ عربيَّةٍ للبحرِ في قَسَمَاتِهِ أَسْرارُ
وأكد الشاعر سالم الزمر أنه كان من تلاميذ الشاعر محمد خليفة بن حاضر وألقى قصيدة مناجاة وبوح للشاعر الذي لا يعوض فراغه، قال فيها:
أباحاضرٍ والشعرُ غناك صادقُه
وحلمٌ على جفن الليالي يعانقُهْ
وجفن على وادي الحنين عيونه
تُرَقرِق مخزونا لها وتُسابقهُ
…………….
وانت عليم بالنوى يشهد الجوى
بأن النوى غنتكَ منه رَقائقه
وانت نديم للغِوى في نقائِهِ
وللشعر فينا ضِحكُه وحرائقه
………………………………..
وأذكر منك الصبحَ والصبحُ شاعر
وانت له غريدُهُ…ومَشارقه
أتذكر؟.. مازال الصباحُ.. محملاً
ببعضِكَ شِعرا مزهراتٍ مَفارقه
وضمن الاحتفال بالشعر والشعراء ذكر الشاعر خليل عيلبوني أن الشعر في هذا الزمن أصبح مريضاً بسبب ابتعاد العرب عن بغتهم، فاللغه العربية تعاني العرب لا الذين لا يستطيعون التحدث بها دون أخطاء ودون لحن، وألقى قصيدة بعنوان الشعر قال فيها:
ما الشعر؟ حاول خافقي تعريفه
همسات قلب أم كلام صحيفة
وزن قافية وسحر بلاغة
أم آهة للحب جد رهيفه.
وقصيدة أخرى بعنوان رسالة الشعر قال فيها:
للشعر في قلبي دبيب الراح
ينساب في حزني وفي أفراحي
وله انتمت روحي بكل محبة
فالشعر حقاً ملتقى الأروح
به صعدت إلى الكواكب طائراً
مع أنني بشر بغير جناحي.
وألقى الشاعر د. شهاب غانم بعض من قصائده منها قصيدة في الشعر والنثر قال فيها:
ولست أصوغ الشعر نثراً فريشتي
ترى الشعر شعراً إذ ترى غيره نثراً
فشعري كما الصوفي في دورانه
ومثل الغواني صيرت خطوها خطرا
فما شعرنا إلا كرقص ونثرنا
كمشي .. ويجري الوزن بينهما بحراً
وقصيدة بعنوان الشعر من وحي مهرجان القلب الشاعري للسلام والتسامح قال فيها:
الشعر إن فاض من أعماق مبدعه
ينساب ثراً إلى أعماق قاريه
إن كان وصفاً غدت ألحانه صوراً
تراسل بين أذنيه وعينيه
أو كان شاعرنا بالحب محترقاً
تحس ألسنة النيران في فيه.
وختم الشاعر الدكتور طلال الجنيبي الأمسية بقصيدة بعنوان يوم الشعر قال فيها:
بيوم الشعر لا وصف يفيه
ففيه والذي أعلاه فيه
من السحر الحلال بيان قول
يخامر كلل معنى يصطفيه
سلام الله يا شعر تسامى
كشيخ بات يلهم عارفيه
ليعلن أنه ديوان عرب
ويجعل كل فن يقتفيه
وفي الختام أعلن بلال البدور عن إطلاق جائزة ندوة الثقافة للشعر والعربي والتي ستذكر تفاصيلها لاحقاً.
وقدمت د. رفيعة غباش نبذة عن جائزة عوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب للشعر النبطي) والتي اطلقت في دورتها الثانية وشارك فيها عدد كبير من داخل الدولة وخارجها وعدد كبير من الطلبة، ووجهت دعوة لمشاركة الشعراء في هذه الجائزة والتي لم تعد تقتصر على الشعر النبطي ولكنها أتاحت المشاركة للشعر الفصيح، وستكون المشاركة بقصائد من روح أشعار الشاعرة عوشة وخاصة لكلمة (الوصل) التي تكررت كثيراً في شعر الشاعرة.
وانتهت الأمسية يعد تكريم المشاركين واحتفاء الحضور بالشعر والشعراء